مازالت تصريحات بعض الدعاة من السلفيين تثير المخاوف نحو وضع الدولة المدنية خاصة بعد حصولهم علي عدد من المقاعد البرلمانية خلال المرحلة الأولي وتطرح تلك التصريحات سؤالا حول موقف الدولة الرسمي منها, كذلك موقف الأزهر الشريف للرد بشكل قاطع حول مدي توافقها مع الإسلام الوسطي لوقف زحف الأفكار المتطرفة إلي عقول البسطاء.
* الاعتداء علي الأقباط ..
ما يلي هو مجرد رصد لتلك التصريحات ونبدأ بما صرح به ياسر برهامي أحد قيادات الدعوة السلفية بالإسكندرية عندما قال: ##الأقباط ليس لهم حق في تولي الوظائف القيادية والسيادية في مصر ولا يجوز لهم تولي الوظائف الفنية والوظائف التي لها علاقة بحراسة الدين مثل وزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية وغيرها فلا يجوز أن يكون فيها غير مسلم وهذا أمر مقطوع به لأننا دولة إسلامية لها وظيفة اسمها حراسة الدين مثل الجيش والمخابرات وغيرها, وعندما تسمح إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا أن يكون رئيسهم مسلم سيوافق السلفيون في مصر علي رئيس قبطي##, وأشار أيضا إلي أن السلفيين لن يسمحوا للبهائيين أن يقيموا محافلهم وأيضا عدم إعطائهم بطاقات تحمل ديانتهم, وأن البنوك في مصر ستتحول إلي بنوك ##إسلامية## وفقا لضوابط الشريعة الإسلامية في هذا الشأن.
* الأقباط غير مناسبين للبرلمان والوزراء
أما عبدالمنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية فأكد أن الأقباط غير مناسبين لمجلس الشعب وأن قضية غير المسلم لعضوية مجلس الشعب تحتاج إلي دراسة لأن البرلمان يجمع بين التشريع والرقابة علي الحكومة والقبطي ليس ملما بالشريعة الإسلامية ومصدر التشريع, وأضاف أن تعيين الأقباط لمناصب وزارية يحتاج إلي دراسة أيضا, مشيرا إلي أن الأفضل للأقباط تولي مناصب استشارية أو تنفيذية وليست مناصب قيادية كما رفض الشحات دخول المرأة للبرلمان, قائلا: الأفضل داخل المنزل رغم أن حزب النور السلفي قام بترشيح نساء علي قوائمه خلال الانتخابات.
* لا للاختلاط
وشن الشيخ سيد حسين العفاني, أحد رموز التيار السلفي هجوما حادا علي الليبراليين والعلمانيين والقوميين في مصر, وقال: ##إن أمثال عمرو حمزاوي, يريدون تغريب المجتمع وانحلاله وإطلاق الحريات حتي يصل الأمر لأن تصطحب الفتاة صديقها لمنزل والدها##, علي حد قوله, ودعا الجميع للخروج للانتخابات مصطحبين أهلهم وأنصارهم ليصوتوا للمرشحين الإسلاميين, حتي ##يقطعوا الطريق علي منافسيهم ويوقفوا زحف الأقباط إلي البرلمان##.
علي صعيد آخر أكد حازم أبو إسماعيل المرشح المحتمل لرئيس الجمهورية قائلا: ##إن البنوك ستظل تعمل ولكن ستتغير الطريقة التي ستعمل بها, حيث سيتم إلغاء نظام الفائدة الذي اعتبره ##ربا## ويري المسيحيين في مصر يتمتعون بحريات لا يتمتع بها الفرنسي المسلم في فرنسا ولا المسلم الأمريكي في أمريكا.
وقال: ##اختلاط المرأة في العمل غير جائز وليس من الممكن السماح به, وبالتالي لا عمل للمرأة وأنه لن يسمح إذا تولي الرئاسة بجلوس فتي وفتاة في مكان عام لأن هذا ضد أعراف المجتمع##. وأكد أنه لن يسمح بصناعة الخمور أو بيعها معترفا في الوقت نفسه بحق أي شخص في أن يأتي بها من الخارج ويشربها في ملكيته الخاصة.
تلك التصريحات أثارت حنق الناشطين الشباب علي موقع تويتر وفيسبوك حتي أنهم أنشأوا صفحة باسم ##قولوا لا لا لحازم أبو إسماعيل##, وأشار البعض إلي أن أبو إسماعيل ألا يتكلم في غير الخمور والنساء؟ أين برنامجه الاقتصادي؟##.
* الديمقراطية كفر
كما صدرت أخيرا تصريحات مثيرة للجدل لعبدالنبي الشحات أحد الرموز البارزة في التيار السلفي أيضا, والمرشح لعضوية مجلس الشعب, منها قوله:##إن الديموقراطية كفر##, واعتباره أن روايات الأديب الراحل نجيب محفوظ الحاصل علي نوبل في الآداب تدعو للرذيلة وفيها فلسفة إلحادية, وهو الأمر الذي استدعي ردا قويا من جانب أدباء ومثقفين مصريين استنكروا فيه مثل هذه التصريحات, واعتبروا أنها تشكل خطرا علي الثقافة والوعي المصري.
* والكعب العالي له نصيب
من ناحية أخري نجد الداعية المصري مصطفي العدوي أصدر فتوي باستحباب لبس الكعب العالي في المنزل تزينا للزوج وعدم جواز لبسه خارج المنزل, مستشهدا بقصة أوردها أحد الصحابة عن نساء بني إسرائيل. وقال العدوي: ##إذا كانت المرأة تلبس الكعب العالي لتتبرج به للرجال الأجانب فهذا محرم وممنوع, لأنه يحمل فسادا والله لا يحب الفساد##.
* بلاغ ضد السلفيين
دفعت التصريحات السالفة الائتلاف العام للسياحيين للتقدم ببلاغ للنائب العام ضد عبدالمنعم الشحات, المتحدث الرسمي باسم التيار السلفي, والتي اعتبروا أنها ##ستضر بقطاع السياحة## كما جاء في البلاغ أن التصريحات ##تسببت في خسائر فادحة للقطاع الذي يعمل به 4 ملايين فرد##, وإلغاء الحجوزات السياحة لبعض الوفود التي كانت تنوي القدوم لمصر## وفقا لما ذكره حسام العكاوي, المنسق العام للائتلاف العام للسياحيين.
وأضاف العكاوي قائلا: ##الشحات قال إن الحضارة المصرية حضارة عفنة, ودعا إلي تغطية وجوه التماثيل الفرعونية المصرية بالشمع, معتبرا أنها تشبه الأصنام التي كانت موجودة حول أسوار مكة في العصر القديم.
البرادعي يدعو للاعتدال
ويعرب الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية مخاوفه من التصريحات ووصفها بأنها صادمة, وليست إلا رسائل سريعة يرسلها الإخوان المسلمون والسلفيون لجس نبض المجتمع داخليا وخارجيا, متوقعا أن تترك التصريحات تداعيات اقتصادية وسياسية, داعيا الإسلاميين المعتدلين إلي ##كبح جماح المتطرفين##, لكي يطمئن العالم بأن مصر لن تسلك المسلك الديني المتطرف, والاقتداء بالنظام التركي الذي يعتبر نموذجا لدولة إسلامية معتدلة.
يري الشيخ خالد حسن عضو وزارة الأوقاف بالإسكندرية أن التيار السلفي أصبح يمثل خطرا كبيرا ليس فقط علي الأقباط بل علي المسلمين لما يصدره من تصريحات لا تتفق مع صحيح الإسلام وتهدد السلام الاجتماعي. وأضاف أنه رغم خطورتهم إلا أنها تسقطهم كما حدث بسقوط عبدالمنعم الشحات أحد كوادرهم بالإسكندرية والذي فشل في جولة الإعادة رغم أنه ترشح بمنطقة تمثل عقر دارهم وهي نتيجة مباشرة حتي أن المسلمين أنفسهم بدأوا في إعادة تفكيرهم نحو هذه الفئة التي تعود بالمجتمع إلي عصور الجاهلية.
وأشار إلي أن وصول عدد منهم للبرلمان سوف يكشفهم أمام المجتمع عندما يفشلون في تقديم أجندة إصلاحية حقيقة بالمجتمع ولن يرضي أي شخص بأفكارهم سواء حول قطاع السياحة أو المرأة أو الشباب وسوف يأتي اليوم الذي يخرج الجميع ضدهم لوقف تطرفهم.
تيارات الظلام
وشنت الكاتبة والصحفية فتحية العسال هجوما شديدا ضد هذه التيارات التي وصفتها بتيارات الظلام التي تسعي إلي طمس المجتمع بأفكار متطرفة وإقصاء المرأه مشيرة إلي أن أفكارهم لا تخرج عن الشكليات وأصبحت المرأة هي محور اهتمامهم دون البحث عن قضايا أخري بالمجتمع المصري مثل الفقر والمرض, والمجتمع لن يصمت كثيرا ضد أفكارهم وخداعهم لعقول البسطاء باسم الدين وسوف يثور عليهم مثل ما حدث مع النظام السابق.
* الأزهر يضرب أجنحة التطرف
وطالب الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر الإعلام المصري بالابتعاد عن التصريحات المتطرفة التي تهدم المجتمع ولا تتفق مع مباديء الثورة المصرية والعمل علي ترسيخ مباديء الرحمة والمحبة وليس التطرف والكراهية.
مضيفا أن الدين لا ينمو إلا في مجتمع متحرر والمجتمع الحر هو الذي يتحرر من قيوده, الأزهر لديه الوعي لما يمثله من الإسلام الوسطي وهو أكبر سلاح لضرب التطرف وسوف يعود إلي أقوي ما كان عليه لصد هذه التيارات التي تخرج بتصريحات ليس لها علاقة بالإسلام ولا تمثل الإسلام.
مشيرا إلي أن الإسلام لا يقف عند الصورة البسيطة من العبادة الشكلية بل يرتقي إلي الإيمان, ومن الإحسان إلي الإتقان وأن قمة الإحسان هي الحب والمعروف أن المسيحية دين المحبة والإسلام هو دين الرحمة وهما جناحان مهمان يجب أن يقوم عليهما الخطاب الديني الجديد في مصر سواء مسيحي أو إسلامي وهذا هو سلاح الأزهر خلال الفترة المقبلة لضرب أجنحة التطرف مؤكدا أن الأزهر يسعي لتوفير تمويل قناته لنشر الفكر الثقافي لصحيح للإسلام الوسطي وكشف أيضا أن الأزهر رفض تمويل خليجي لقناته حتي لا يخضع لسيطرة أفكارهم.