تسببت الوثيقة التي وقعت عليها بعض الأحزاب السياسية بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة بشأن خارطة طريق زمنية لإنهاء الجدل حول فترة المرحلة الانتقالية الحالية في إثارة الجدل والفرقة بين القوي السياسية, وبالرغم من توقيع هذه الأحزاب علي الجدول الزمني الخاص بمواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية وموعد اختيار اللجنة المخصصة لوضع الدستور الجديد وإلغاء المادة 5 من قانون الانتخابات والسماح للأحزاب بالترشيح علي المقاعد الفردية, إلا أن من وقع علي الوثيقة تراجع عنها, ومن لم يشارك في التوقيع عليها رفضها تماما, وهو ما يهدد بعودة الأمور إلي المربع الأول…
حول كيفية الخروج من الوضع الراهن حاولنا التعرف من الخبراء والسياسيين علي روشتة الخلاص والإنقاذ عبر هذا التحقيق.
تنحية الخلافات
قال الدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بضرورة تنحية الخلافات حاليا والبحث عن الأمور التوافقية خاصة أن المجتمع في ورطة ولابد من وضع خطة عاجلة لإنهاء التناحر بين القوي السياسية والبحث عما يجمع القوي والأحزاب, وأنه من المهم الآن عدم إثارة أي قضايا تتعلق بالدستور الجديد, وعلي اللجنة التي سيتم اختيارها وضع أسس النصوص الدستورية وصياغة المواد ووضع الدستور بالتوافق وليس حسب الأغلبية والأقلية, والشعب قادر علي تمرير أو رفض تمرير الدستور عبر الاستفتاء الشعبي عليه, ولكن تعمد إثارة الجدل الآن حول الدستور واستبعاد بعض القوي من الحياة السياسية أمر يزيد المجتمع فرقة وهو ليس مقبول علي الإطلاق.
دعا د. أبو المجد إلي تطبيق قانون الغدر علي من ثبت تورطه في التزوير والاستبداد, ولكن ليس من المعقول تطبيقه علي كل من كان ينتمي للحزب الوطني أو للنظام السابق, لأن هناك شرفاء لايجب الاستغناء عنهم كما أن ضروريات المرحلة الراهنة تتطلب التكاتف من أجل مستقبل أفضل, والتجديد الفكري ووضع أسس الدولة الديموقراطية الحديثة, وبناء دولة أساسها سيادة القانون, وعدم منح مميزات لطرف علي حساب آخر, وأن تصبح مصر بعد الثورة مختلفة تماما عما قبل, ولكن دون الوقوع في أخطاء النظام السابق من استبعاد بعض القوي السياسية تحت مسميات مختلفة, وممارسة الاستبداد بأشكال متنوعة.
تنقيح الفلول
من جانبه قال طلعت السادات رئيس حزب مصر القومي إن محاولة المجلس العسكري في التعرف علي مطالب الأحزاب أمر مطلوب خاصة أن المرحلة الحالية تتطلب جدولا زمنيا لتسليم السلطة, وأن المجلس العسكري استجاب في بعض المطالب وهناك محاولات مستمرة لباقي الطلبات, وأن هذا في صالح عملية التحول الديموقراطي, لأن التكاتف والتوافق حول بعض القضايا يعمل علي إزالة الخلافات ونشر الشفافية وشعور كل طرف بأن له دور في العملية السياسية, بينما استبعاد قوي لصالح أخري يعمل علي نشر الخلاف وتعميقه.
أكد السادات أن هناك حاجة لإجراء انتخابات وفق القائمة النسبية غير المشروطة, وأن تكون هناك ساحة كبيرة تسمح بتواجد الأحزاب خاصة في ظل القيود التي كانت مفروضة علي العمل الحزبي طوال السنوات الماضية, مؤكدا أن قانون العزل لن يمكن تطبيقه بشكل عام, وإنما لابد من تأسيس جهة مثل المدعي الاشتراكي يعمل علي تنقيح الحياة السياسية من كل من كان يستغل الحزب الوطني المنحل والنظام السابق في تحقيق مصالح خاصة به, ولكن ليس من المعقول تطبيقه علي المجتمع فهذا ليس في صالح بناء الدولة الحديثة التي تحتوي الجميع ولا تستعبد أحدا, مؤكدا أنها تقدم بهذا المقترح ولم يتم الأخذ به حتي الآن.
فشل الحكومة!
من ناحية أخري أكد الدكتور عمار علي حسن الباحث السياسي أن انفراد المجلس العسكري بمعرفة طلبات الأحزاب ومحاولة حلها هو إبراز لفشل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية في حل مشكلات الجماهير, وإحداث التوافق بين القوي السياسية, ومن ثم إبراز الخلافات والتناحر بين القوي السياسية, وبالتالي تواجد المجلس العسكري لفترة أكبر في الحكم تحت مظلة الحفاظ علي الشرعية وحماية المؤسسات وبالتالي هذا الأمر لم يكن مطروحا من القوي السياسية وليس مطلوبا من الجيش أن يكون لاعبا في الملعب السياسي لأنه يفقده ثقة الشارع ويتوجس منه السياسيون.
دعا د.عمار إلي الإسراع بتسليم السلطة إلي سلطة مدنية منتخبة والإسراع في تنفيذ خارطة الطريق الزمنية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية, والتوافق حول الدستور الجديد, إذا كانت هناك رغبة في إنقاذ البلاد من المأزق الراهن, مطالبا القوي السياسية بتحديد أولوياتها والتفاوض بشأنها بدلا من محاولة البحث عن مصالح ضيقة خاصة بها والمساومة عليها.
الجدول الزمني لنقل السلطة
قال الدكتور السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديموقراطية: تم الاتفاق بين جميع القوي السياسية التي تمثل 12حزبا سياسيا أن يكون الجدول الزمني لنقل السلطة بعد انعقاد مجلس الشعب المنتخب ووضع وثيقة المبادئ الدستورية ومعايير اختيار الجمعية التأسيسة كوثيقة شرف وليست إعلان دستوري يتعهد الجميع بالالتزام به بعد الانتخابات, مشيرا إلي أنه تم الاتفاق علي ثمانية بنود أساسية, منها منع محاكمة المدنيين عسكريا, وإلغاء قانون الطوارئ, والسماح لمنظمات المجتمع المدني بعد الانتخابات وليست بمراقبتها.
أكد السعيد علي ضرورة إلغاء المادة الخامسة من قانون الأحزاب بما يسمح للأحزاب بالترشح علي النظام الفردي دون أي قيود وضرورة تطبيق القائمة النسبية غير المشروطة علي جميع مقاعد البرلمان وضمان تطبيق القانون بحزم للقضاء علي الفوضي والبلطجة والعنف والرشاوي في الانتخابات المقبلة, مؤكدا أن اختيار13 حزبا تمثل جميع التكتلات المختلفة من إجمالي للأحزاب السياسية 47 حزبا, ويتم العمل حاليا علي تهيئة المناخ لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وصولا لنقل السلطة المدنية المنتخبة.
وطالب السعيد المجلس الأعلي بتنفيذ تعهدات لهم أثناء اللقاء مع القوي السياسية والأحزاب وأن تتحمل مسئولياتها.
آليات التشاور!
ومن جانبه أكد د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة في حالة ارتباك واضح ولم يكن لديه رؤية واضحة, متسائلا كيف يتم اختيار13حزبا من خلال 47 حزبا تمثل القوي السياسية المختلفة وعلي أي أساس يتم انتقادها والمطلوب وجود آليات محددة للتشاور وشكل منظم قبل إصدار أي مشروعات قوانين والحوار مع القوي السياسية المختلفة لبلورة الموقف الجماعي, مؤكدا أن القوي السياسية تضغط علي المجلس العسكري ثم يتراجع, ثم يكرر بنفس الطريقة وأن هذه الأخطاء قد تصيب الحياة السياسة بالارتباك.
اعتبر أن ما يجري الآن من تخطيط في الساحة السياسية أن المجلس العسكري يريد الاكتفاء بإصلاحات محددة في حين الثورة قامت من أجل تغيير شامل, مؤكدا أن الطريقة التي تدار بها الأمور لا ترضي أفراد الشعب, مؤكدا أن بيان المجلس العسكري لا يلبي المطالب الثورية للشعب وطموحاته وكان يجب علي المجلس العسكري أن يتعامل مع القوي السياسية دون تمييز.
أكد د.وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تم عقد عدة اجتماعات مع جميع القوي السياسية ولم تسفر عن اتفاقات ووضع حلول مؤكدا أن القضية في عدم وجود معيار موضوعي في اختيار 13حزبا سياسيا من إجمالي 47 حزبا متسائلا علي أي أساس يتم اختيار الـ 13 حزبا سياسيا وإغفال القوي السياسية الأخري؟ منتقدا دعوة المجلس العسكري لحزب الغد غير الشرعي في حين أن هناك حزبا الغد الحقيقي والشرعي لأيمن نور, مؤكدا أن ذلك يثير تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة, وأكد أن المجلس العسكري لا توجد نية من قبله لعمل فرقة بين القوي السياسة المختلفة ولكن يوجد عدم وضوح رؤية وعدم شفافية ومعيار موضوعي.
مؤكدا أن إلغاء المادة 5 من قانون الأحزاب أمر طبيعي لأنها غير موجودة في كل دساتير العالم وإلغاء الترشح بالنظام الفردي والمادة الخامسة من قانون الانتخابات تنص علي أنه لايجوز للمرشح الفردي بعد الثورة ألا ينضم لأي حزب سياسي.
تخوفات الشعب!
ومن جانبه أكد د.يحيي الجمل أستاذ القانون الدستوري أن اجتماع المجلس العسكري هذه المرة كان إيجابيا وموفقا ولا ينبغي أن يكون هناك اجتماع يرضي جميع الأطراف وكل الطوائف, فالشك والريبة أصبحت سمة لدي المصريين من القوي السياسية, كما أن المجلس العسكري وفق العديد من مطالب القوي السياسية.
واستبعد د.الجمل أن يكون المجلس العسكري راغبا في البقاء في السلطة, مؤكدا أن البرلمان القادم لن يكون متجانسا.
وأكد د.عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة أن إلغاء المادة الخامسة من قانون الانتخابات لها الأثر التي كان ينتج عنها إضعاف القوي السياسية وكان ضروريا لإعادة الاعتبار للبرلمان وإغلاق المنافذ والأبواب الخلفية علي الذين أفسدوا الحياة السياسية من الحزب الوطني المنحل.مشيرا هذه المادة كانت من ضمن المطالب التي دفعت الحركات السياسية وبعض الأحزاب إلي الدعوة لمليونية استرداد الثورة.