تعرض القضاء والقضاة في الآونة الأخيرة لانتقادات حادة, خاصة فيما يتعلق بقضايا ثورة 25 يناير من محاكمات لرؤوس النظام السابق, أو ضحايا وأسر الشهداء ورد القضاة أنفسهم علي هذه الأقاويل بأنهم لن يغيروا أحكامهم بناء علي مظاهرة أو اعتصام أو أوامر من أية جهة.
حول المؤسسة القضائية وكيفية تعاطي هذه المؤسسة لمثل هذه الأقاويل والتأكيد الدائم علي استقلالية القضاء أجرت وطني هذا التحقيق.
قال المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي قضاة مصر الأسبق: ليس هناك ما يعرف بفصل الدوائر القضائية عن بعضها وليس هناك فصل لأن الدوائر المتشابهة من حيث القضايا لا يمكن فصلها عن بعضها, مبررا عدم الخوض والحديث فيما يتعلق بهذه القضايا من أجل استقرار البلاد والخروج من حالة الفوضي التي تمر بها البلاد الآن.
الهتافات.. وثمارها!
أما المستشار أحمد مكي رئيس محكمة النقض سابقا قال: القضاة لا يحكمون إلا بضمائرهم لا بالضغط من أحد ولا بتأثير من الرأي العام أو أية جهة, ومن يريد أن يحصل علي حقوقه يجتهد في تقديم الأدلة التي تثبت هذا الحق وليس بالكلام, والمحاكم ملزمة بالقانون وعن طريق تقديم الوقائع, ومن يتحدث عن الشهداء ومصابي ثورة 25 يناير, ويخشي علي دمائه أن تضيع هباء يجتهد في جمع الأدلة وتقديمها لإثبات حق كل شهيد ومصاب, ويتابع القضايا بدقة عن طريق إسهامه في تحقيق العدالة وليس بالحديث عن أشياء لا تفيد بل تثير البعض ونحن في فترة حرجة تمر بها البلاد, وأن الهتافات والاعتصامات لا تأتي بثمارها.
فيما يتعلق بالعدالة بالناجزة دون تدخل أو أمر بالسرعة في الفصل بالقضايا الخاصة بالثوار والثورة قال المستشار مكي: لا أحد علي يستطيع أن يلزم قاضي المنصة القضائية بأي شيء, لا مجلس قضاء, ولا مجلس وزراء ولا أي جهة, وأي قاضي منصة يعلم أن ضميره فقط من يحكمه وسوف يحاسب أمام الله علي أمانته وأحكامه.
لا تأثير علي القضاة!
قال القاضي حسام مكاوي رئيس محكمة بجنوب القاهرة إن القضاء المصري لا يمكن أن يؤثر عليه أحد, ولا علي القضاة بوجه عام حيال عملهم نتيجة المظاهرات أو الاعتصامات, أما فيما يتعلق بالمطالبات بسرعة الفصل في قضايا الشهداء ومحاكمة رؤوس النظام السابق, نستطيع القول إن هذه المحاكمات لن تمر علي مصر هباء, خاصة أن القرار الأخير بعلانية المحاكمات وعرضها للرأي العام من خلال شاشات عرض سيعطي نوعا من العلانية والمصداقية والشفافية لدي رجل الشارع البسيط لكافة المواطنين المتخوفين من سير المحاكمات, وكما سيؤدي إلي ارتياح المواطن من خلال شعوره أن القضاء أو إجراءات التقاضي ستنقل المواطن من خانة المطالب وتنصيب نفسه كقاضي إلي مشاهدة إجراءات التقاضي دون تدخل أو تأثير.
أضاف المستشار مكاوي: لا ينكر أحد أنه لدينا قضاء يتميز بالنزاهة, وكان وسيظل صوت الحق دائما, وعلي الجميع أن يساند هذا القضاء, ليستطيع أن يواصل دوره ومهامه بذات السيرة الحسنة التي عرف بها طيلة تاريخه, خاصة بعد أن ردد البعض أن القضاء يتم التأثير عليه وتوجيهه وهذا غير صحيح بالمرة, فالقضاء في أشد الحاجة إلي المساندة والدعم الآن لأنه يفصل في قضايا لأسطاين الفساد والاستبداد, وكذلك أسر الضحايا والشهداء وعليه أن يعمل دون أي ضغط أو تأثير.
ونوه المستشار حسن عبدالصبور رئيس استئناف بمحكمة شمال القاهرة أن الثوار دمروا القضاء المصري قائلا: من المفترض أنه لا تخنق من النيابة العامة ينتدب منها قضاة تحقيق من محاكم الاستئناف مؤكدا أن القضاء يتأثر بالإعلام والثوار فلا يمكن لقاضي أن يصدر حكم تحت كل هذه التأثيرات سواء في التحرير والإعلام مؤكدا أن هذه المؤثرات تؤثر علي سير العدالة وبدورها تبطل هذه الأحكام فإصدار أحكام تحت أي ضغط تكون أحكام باطلة.
قال د. إبراهيم درويش الفقيه الدستوري كان يجب علي السلطة القضائية أن تفصل الدوائر في محاكم الجنايات لنظر الموضوعات المماثلة مثل قضية قتل الثوار واغتيال المال العام وإفساد الحياة السياسية دوائر تخصص لنظر هذه القضايا دون نظر قضايا أخري فالنيابة العامة تقوم بدورها علي أكمل وجه مؤكدا أن القضاء المصري, غير مستقل لأن يوجد أكثر من 22 مادة تنص أن وزير الصلة يتدخل في شئون القضاء وهو ما يؤكد أن القضاء غير مستقل.
ومن جانبه أكد المستشار عبدالله قنديل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية القاعدة تقول إن المتهم برئ حتي تثبت إدانته ولكي يكون هناك محاكمة عادلة ومنصة لابد أن تكون محاكمة عادلة تتوفر للمتهم كل الضمانات القانونية التي تتيح له تقديم أوجه دفاعه في الاتهامات والعدالة مجردة لا تعرف أشخاص بذواتهم دون تأثير من الرأي العام أو غيره.
والقضاة مستقلون ولا يجوز لأي جهة كانت التدخل في القضايا أو شئون العدالة بناء علي ذلك لأي جوز لأي مسئول أن يصدر توجهات للقضاة للفصل في القضايا علي وجه معين أو حثهم علي سرعة الفصل في هذه القضايا باعتبار أن هناك إجراءات قانونية للمحاكمة يتعين الالتزام بها حتي يكون الحكم الصادر صحيحا وفقا للمعايير القانونية.
ومن جهته أكد المستشار محمود عبدالحميد رئيس استئناف بمحكمة الجنايات لشمال القاهرة: المظاهرات لا تأتي بعدالة طالما فوض الأمر للقضاء ولابد أن يترك القضاء أن يقول كلمته فضلا عن أن هناك طعونا إذ لم تقبل الأحكام من أي طرف من الأطراف سواء بالإدانة أو البراءة فيتم الطعن بالنقض, مشيرا إلي أن القضاء درجات فلا يصح التحدث عن القصاص في ظل المطالبة بمحاكمات عادلة فالمحاكمات العادلة قائمة علي أدلة وحجج وبراهين ويتساءل إذا كان القاضي لا يمتلك أدلة ضد المتهم ماذا يفعل.
فالقاضي ليس من مصلحة أن يبطئ في العدالة قد يكون لاستكمال الأدلة والبراهين فالدعاوي التي تتطلب عدالة سريعة لاستعجال الفصل يمثل خطرا علي القضاء قد يبرئ متهما أو يدين فلابد ترك القضاء والعدالة أن تسير في مجراها الطبيعي.
من جهة أخري قال المستشار نابليون نجيب غبريال رئيس محكمة طنطا الابتدائية إن التظاهرات والمطالبات بسرعة محاكمة وإصدار أحكام وقرارات من نشأتها تؤثر بالسلب علي القضايا والقضاء المصري مازال له قدسيته واحترامه وهيبته في الوقت الراهن ومن الأزمات السابقة قضاء مصر شامخ محل احترام وتقدير.
وأكد المستشار سيد يوسف نائب رئيس محكمة النقض أن ما يحدث في الشارع المصري ليس له أي تأثير علي أحكام القضاء, حيث قال: أنا كقاضي لابد وأن أفضل في تفكيري عن ضغوط الرأي العام, وإن شعرت بعدم قدرتي علي تحقيق ذلك, فعليا أن أتخلي عن القضية علي الفور, فما يحدث في الشارع حاليا هو في تقديري نوع من التشفي فقط ورغبة في مشاهدة المتهمين في قفص الاتهام.
أوضح بقوله: كل هذا يجعلني أنزعج خاصة أنه في كثير من الأحيان لا يستطيع المواطنين التفريق بين إخلاء السبيل وحكم البراءة, ومن هنا أتساءل كيف يتسني لهم الفصل والحكم في تفاصيل هذه المحاكمات وحيثيتها.
أضاف نائب رئيس محكمة النقض قائلا: مؤسسة القضاء من أكثر المؤسسات في المجتمع المصري التي تقوم بتطهير نفسها أولا بأول, كما أننا كقضاة أول من طالبنا باستقلال القضاء ومضينا في هذا الطريق, إذا فلابد من وجود الثقافة الكافية, لأن الثقافة القومية غير موجودة ولذلك يتم الإفتاء في كل الأمور, كما أن كل محامي غير مؤهل للإفتاء لمجرد إرضاء رأي الشارع, والقانون بحره واسع.. إذا فالمتاجرة بأصوات المواطنين شيء مرفوض.
وعندما سألنا المستشار سيد يوسف عن ما جاء بتصريحات الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بخصوص تسريع إجراءات المحاكمات. أجاب: د. شرف يحاول إرضاء المواطنين, فهل هو يملك ذلك؟ بلطبع لا, لأن المحاكمة السريعة لم تكن في جلسة واحدة أو اثنين, وإنما تأخذ أكثر من ذلك بكثير, وهذا هو الحال في كل دول العالم, وحتي رئيس مجلس القضاء لا يملك مسألة تسريع المحاكمات, فقد تكون الاتهامات أو بعضها غير واضحة أمام القاضي, أما مسألة إخلاء السبيل التي حدث بشأنها كلام كثير في الأيام السابقة, فهذا إجراء مؤقت, للتحرر من أي ضغوط, كما أن إخلاء السبيل ليس دال بذاتيه علي أنه سوف سكون الحكم بالبراءة فكثيرا ما تأتي الإدانةب عد إجراء إخلاء السبيل, مؤكدا أنه يتم فصل المحلفين عن الرأي العام حتي لا يكون هناك تأثير عليهم, والأوراق والمستندات هي دليل البراءة أو الإدانة وليس عناوين الصحف أو برامج التوك شو, لذلك فعلي المواطنين ترك المحاكمات تسير في طريقها, كما أنني أقول لهم قضاء مصر بخير وليس مسألة تسريع المحاكمات إنها تحدث في شهرين أو ثلاث.. ولا علاقة بين العدالة ومسألة مرور الأيام.