يتوقع الخبراء أن تشهد دول القارة الأفريقية خلال النصف الأخير من العام الحالي تراجعا حادا في معدل النمو الاقتصادي لديها, نتيجة الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية. فمن المتوقع أن يحقق إجمالي الناتج المحلي الأفريقي بصفة عامة قبل نهاية هذا العام نموا اقتصاديا ضئيلا للغاية تصل نسبته إلي نحو 2.8% فقط, وهو ما يعادل نصف نسبة نموه تقريبا من الفترة ذاتها من العام الماضي, الذي بلغت فيه نسبة النمو الاقتصادي لدول القارة حوالي 5.7%, إلا أنه سوف يتعافي قليلا ويشهد انتعاشا نسبيا في عام 2010 وأشار تقرير حديث صادر عن الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية الأفريقية في الأمم المتحدة إلي أن الانفتاح التدريجي الذي شهدته القارة الأفريقية خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة علي الاقتصاد العالمي بشكل عام ساعد بالفعل علي زيادة تأثرها تجاه التقلبات الحادة وتدني معدل استثماراتها الداخلية والأجنبية.
تراجعت حركة التحويلات المالية للعمالة والمهاجرين وتأثرت الدول الأفريقية بارتفاع أسعار المواد الخام, وانخفاض معدل الطلب في الأسواق العالمية وانهيار حركة التجارة عالميا, مما أدي إلي تقليل مواردها الاقتصادية وعودة الضغوط التضخمية لديها. في السياق ذاته أكد بيان صادر عن صندوق النقد الدولي أن الأزمة المالية أثرت سلبا علي معدل تصدير السلع التي تمثل حوالي 17% من إجمالي الدخل للدول الأفريقية, وقدر أن 30 دولة نامية معرضة لحدوث أزمة ضخمة في المديونية خلال السنوات القليلة المقبلة.
هذا وقف أوضحت دراسة أخري صادرة عن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في أوربا أن الدول المصدرة للنفط والمعادن هي الأكثر تأثرا بالأزمة المالية العالمية أكثر من الاقتصادات المتنوعة الأخري, وسوف يتراجع إجمالي الناتج المحلي للاقتصادات نحو أربع دول من بين 52 دولة شملتها الدراسة خلال هذا العام.
وأكد جوزي جيجون رئيس مكتب أفريقيا ودول الشرق الأوسط في المنظمة أن تدهور الأحوال الاقتصادية سيترك آثاره السلبية علي التقدم في مسيرة الإدارة والديموقراطية السياسية التي تعثرت بالفعل في الآونة الأخيرة. حيث شهدت كل من مدغشقر وببساو وغينيا عدة انقلابات سياسية مؤخرا, ولا تستبعد المنظمة أن تتجه الدول الفنية الكبري خلال هذه الفترة إلي خفض القيمة المالية التي تقدمها في مساعداتها التنموية ودعمها تجاه الدول الفقيرة نتيجة تفاقم معدل العجز المالي لديها, وهو ما يمثل أهمية بالغة فعلا بالنسبة لتلك الدول. حيث سيترتب عليه حرمان سكانها من توفر فرص العمل, وحدوث حركات احتجاجية كبري ومخاطر عدم استقرار أمني وسياسي بسبب هذه الأزمة, خاصة في الوقت الذي تشهد فيه مختلف السلع والمنتجات الغذائية ارتفاعا متتاليا علي مستوي العالم كله.
وشدد التقرير علي أهمية الاستثمار في القطاع الزراعي الذي سيوفر الكثير من الفرص للتنمية المستدامة ودعم حركة الأمن الغذائي, وضرورة تبني الدول الصغري خطط تنشيط اقتصادية جديدة لدعم مشروعات البنية التحتية والاجتماعية, بما سيؤثر إيجابيا علي مؤشرات التنمية البشرية لديها.