يسوع هو الراعي الصالح.ولا أجمل من أن يخاطر الراعي بحياته من أجل خرافه.تتكرر هذه العبارة أربع مرات في هذا المقطع فتشكل له هيكليته.الخراف هي في خطر.وهناك الذئاب الخاطفون والمضللون الذين يرودون طالبين حياة الخراف.أما الراعي فلا يهتم بخطر من أجل قطيعه.وسيأتي يوم يهاجمه الذئب.ولكن لا أحد يغلبه.إن مات فسيموت حرا.وإن قتلوه,فلأنه اختار هذه الطريقة ليفدي أحباءه,فلأنه اختار طريق الموت.إنه ليس إلا ضحية المحبة الحقيقة وغير المشروطة.بل هو أحبنا حتي مات من أجلنا.إنه ذلك الذاهب إلي الموت بحرية تامة.ذلك الذي لا يستطيع الموت أن يبقيه تحت سلطانه.يمسك في يده سلطة الأمانة للأب.هذه هي دعوته,وهذا هو مصيره.إنه سيد المستحيلات!
يعيش في الخطر لأنه يعيش حياته بحرارة.هو يسيطر علي حياته فلا يسمح لأحد بأن ينتزعها منه.في البداية (10:1-10)كان الباب,كان المعبر والممر الضروري للخراف.هذا الذي يدعو الخراف بأسمائها,تركه تدخل.ونحن نعرف الآن أنه هو,وأنه يعرفها.هو يعرف كل شئ عن حياتها.ويهتم بها كراع حقيقي مغرم بكل فرد في قطيعه.كل واحد هو لؤلؤة في مجموعته,وليس رقما من الأرقام.لقد اختبر حب أبيه الشخصي,وهو يوجه كل انتباهه إلي كل واحد له اسمه,وهو معروف,وهو فريد,وله هويته.
الذئب هو اللص الذي يضحي بالإنسان من أجل مصالحه.أما الراعي الصالح فيقضي وقته في البحث عن الخراف الضائعة وعددها كبير.وهي ليست من هذه الحظيرة.إذن,لا يكفي أن نسوس القطيع بل يجب أن نعمل لئلا يضيع خروف واحد.كما نعمل لنستعيد الذين طردوا:الأنجاس,الخطأة,الغرباء…
البعيدون في الأرض يسمعون صوته هم أيضا.لا أحد يفلت من اهتمامه وعنايته.الفقراء لا يتحركون ولا يراهم أحد.إذن,يجب أن نبحث عنهم.هذه هي العبرة الكبري لهذا الإنجيلالغريب.الراعي الصالح يغامر.دعوته تقوم بأن ينمي القطيع.لا حبا بالعظمة بل شوقا إلي الوحدة.لهذا يجب عليه أن يعطي حياته.فالدعوة تتجدر في سر الفصح الذي يحيي ويجعلنا نعطي الحياة.
أنا الراعي الصالح.يسوع وحده هو الراعي الحقيقي.هو الراعي الصالح لأن حياته تجسد صلاح إله العهد وحقيقته.هو وحده يريد ما هو صالح وطيب للبشر.وإن جاء فلهذا الهدف فقط.وفي الواقع,إن الميزة الوحيدة للراعي الصاح(يكررها يوحنا مرارا)هي أن يبذل حياته من أجل خرافه.هو صالح لأنه يبذل حياته,ولأن ليس من برهان أعظم من أن يبذل الإنسان حياته عن أحبائه.
هذا الراعي الصالح بعيد كل البعد عنالأجير,عن الراعي الذي يعمل لقاء أجر.فصورة المسيح,الراعي الحقيقي,تتعارض مع كل أشكال السلطة البشرية التي تحاول أنتجزالآخرين من أجل مصلحتها وأنانيتها.كما تتعارض معمسئولياتلا تكون تضحية بالذات من أجل خدمة الإخوة.
ويتابع الراعي الصالح مهمته الشاملة في الكنيسة.إن كنيسة المسيح لا ترتبطبحظيرةحضارية,ولا ببنية من البني.إنها حضور,حضور الراعي الصالح الممجد الذي يحافظ علي وحدة القطيع.ففي عملنا من أجل الوحدة,يجب أن لا ننسي أن الهدف ليسالحظيرةأو هذه الفئة أو تلك من الفئات المسيحية,بل سماع صوت الراعي الوحيد الذي ينادي كل إنسان باسمه.
الآب يحبني لأني أبذل حياتي.هذه العلاقة المحبة مع الآب هي الأساس الشرعي الوحيد لمطالبة المسيح بأن يكون راعي الكون كله.ولماذا يحبه الآب؟لأنه حين يعطي حياته يكشف عن حب الآب وينبت شعب الله الجديد.