الحق في ممارسة الشعائر الدينية حق أصيل لجميع الأديان السماوية يقتضي بالضرورة الحق في الترخيص ببناء دور العبادة لممارسة تلك الشعائر…ومنذ 2005 طرح مشروع قانون موحد ينظم بناء المساجد والكنائس لكنه ظل حبيس الأدراج حتي طرح للمناقشة بنوع من الجدية في إصداره بعد 25يناير لكنه أثار العديد من الخلافات والمشاكل مثل كيفية حسم عدد الكنائس مقابل عدد الأفراد وتوزيع بناء الكنائس بالنسبة للمساجد فتأجل النظر في القانون وبعد أحداث ماسبيرو الأخيرة طفا علي السطح مشروع قانون لتنظيم بناء الكنائس فالقيود تفرض علي الكنائس دون المساجد ولايشكو المسلمون من عدم الحصول علي تراخيص في بناء المساجد…فماذا عن هذا المشروع تشريعيا ودستوريا وهل سيجد قبولا؟
الموحد لا يحل
قال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: لو أن التمييز سيزول عن طريق قانون تنظيم بناء الكنائس فنحن نرحب به, المشكلة الأساسية أن مشروع القانون الموحد لدور العبادة الذي طرحته الحكومة بعد أحداث إمبابة لا يمثل حلا للمشكلة وإنما علي العكس يزيد من تفاقمها لأنه يضع قيودا علي بناء الكنائس بل المساجد أيضا ولايقدم حلا فعليا لمعالجة وضع الكنائس القائمة غير المرخصة أو المرخصة ووضع الجمعيات أو دور الضيافة أو مباني الخدمات التي لم تحصل علي تراخيص ولو كان المشروع الجديد يتلافي مثل هذه العيوب ويقر حق أي مواطن في ممارسة شعائره الدينية ويقتصر علي الكنائس فإنه لابد أن يتم تشريعه.
استكمل بهجت:نحن نعيش في دولة غالبيتها مسلمة وبالتالي فإن المساواة الشكلية بين الكنائس والمساجد في القوانين والتشريعات ربما يحمل رسالة إيجابية حول المساواة بين المواطنين علي أساس الديانة ولكن في النهاية لا مانع من قانون خالص للكنائس لحل مشكلة قائمة بالفعل تتعلق بأقلية عددية في المجتمع تكمن في بناء الكنائس, فالمسلمون لا يشكون من أية مشكلة في إعطاء تراخيص لبناء المساجد أو ترميمها وربما من الأفضل في ظل الاحتقان الطائفي الذي نعيشه ألا تصل رسالة إلي المتطرفين في المجتمع ممن يريدون الصيد في المياه العكرة أن الدولة قررت أن تساوي بين المساجد والكنائس.
أضاف بهجت: نحن في انتظار الخطوات العملية لأننا نعلم من واقع الخبرة أن إصدار القانون في حد ذاته ليس له معني إذا لم يتم تنفيذه علي أرض الواقع وبروح الرغبة في حل المشكلة وضمان حق المواطن في ممارسة شعائره.
المشكلة تكمن في…
من جانبه قال الدكتور إيهاب رمزي المحامي ومنسق الاتحاد القبطي المصري: من المتعارف عليه أن طريقة بناء الكنائس تختلف تماما عن طريقة بناء المساجد في الشكل والمضمون والعقيدة وبالتالي ما يتم تطبيقه علي بناء المساجد لايمكن بأي حال من الأحوال أن يطبق علي الكنائس وإذا تم توحيد قانون ينظم بناء المساجد والكنائس معا فسيحدث صدام حتما فالمساجد تبني بدون قباب وبدون أسوار وبدون مبني للخدمات والأنشطة وهذا بالطبع يستحيل تطبيقه علي الكنائس وبالتالي لابد من وجود قانون خاص للكنائس للحفاظ علي شكلها الخاص الذي يجب أن يحترم.
أضاف رمزي: من المفترض أن تتضمن بنوده حصول الكنائس علي تراخيص مثل أي منشأة تخضع لقانون المباني العامة وأن يضع في الحسبان شكل الكنيسة الخاص بها حتي لايقال لا للقباب لا للصلبان لا للأسوار لا لمبني الخدمات.
نوه رمزي: المشكلة تكمن في قبول الآخر المسلم لشكل الكنيسة الذي أصبح يستفز مشاعره حيث الفكر المتطرف الذي تغلغل في المجتمع…فكنيسة الماريناب كان لها ترخيص لكنه لن يفعل فالقوانين موجودة بالفعل ولكن المشكلة في تفعيلها.
قانون بدون مقارنات
قال الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: المهم أن نحل المسألة دون أن تحدث مقارنات بين المساجد والكنائس وأن توضع ضوابط لبناء الكنائس وقد جاء رفض القانون الموحد لدور العبادة نتيجة عدم وجود قيود أو مشاكل في بناء المساجد بينما القيود موجودة علي بناء الكنائس وبالتالي في حالة القانون الموحد سيتم فرض قيود علي بناء المساجد الأمر الذي ينتج عنه مشاكل عديدة نحن في غني عنها خاصة مع حالة الاحتقان الطائفي الشديدة.
أشار جاد: من المفترض أن تقدم اقتراحات لبنود هذا القانون من ممثلي الطوائف المسيحية المختلفة وإذا كان هناك وضوح في الرؤية من حيث محتواه ووضع ضوابط لبناء الكنائس فسوف يكون خطوة إيجابية أما إذا تم إنتاج نفس القوانين السابقة فسوف يكون خطوة سلبية.
لا مانع بضوابط
أوضح المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق: القوانين القائمة بالفعل لا تتناسب مع بناء الكنائس وبالتالي لا مانع من إصدار قانون ينظم بناء الكنائس استجابة لمطالب المسيحيين ولا يمثل هذا أي نوع من التمييز لأن بناء المساجد لا يوجد فيه أدني مشكلة ويجب وضع ضوابط للمسافة بين كل كنيسة وأخري ولابد أن تتوافق المساحة مع الكثافة السكانية فلا داع من وجود أكثر من كنيسة في قرية عدد سكانها 37 من المسيحيين ولابد من وضع إحصائيات دقيقة لتحديد العدد الفعلي للسكان في المنطقة أو القرية المراد عمل كنيسة بها.
أضاف عبد العزيز: يجب النظر بعقلانية إلي هذه المسألة وتهدئة الأمور حتي نحافظ علي هذا الوطن ومن المأمول من مشروع القانون الجديد أن يريح عملية بناء الكنائس من خلال شروط تنظيم عملية البناء وتعطي علي أساسها التراخيص وفي حالة توفر هذه الشروط وعدم الحصول علي التصريح بالترخيص فإن حق الطعن مكفول قضائيا.
يمثل عقبة
واختلف الدكتور صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان مع الآراء السابقة قال: إصدار قانون لبناء الكنائس لايفيد كثيرا ويمثل عودة للخط الهمايوني الذي كان يمثل عقبة أمام بناء الكنائس وكان من الأفضل وجود قانون موحد لدور العبادة وهو القانون الذي طرح منذ2005 وكان حبيس الأدراج في الفترة السابقة وبعد 25يناير طرح القانون للمناقشة الجدية لإقراره وينتج عن ذلك رفضه تماما وعودته مرة أخري للأدراج.
استطرد الدكتور جرجس: وجود قانون خاص لبناء الكنائس وآخر لبناء المساجد يمثل نوعا من التمييز الواضح والصريح فليس هناك مانع من مراعاة النسب والمساحات في حالة قانون موحد للعبادة…وهل سيتوافق القانون مع كافة الطوائف المسيحية وهل سيأخذ برأيهم أثناء سن القانون…أعتقد أن عقب كل حادثة طائفية يكثر الحديث عن إصدار القانون وبعد أن تهدأ الظروف لا يتم إصدار أي شئ!!