بالرغم من أحداث العنف التي يتعرض لها المعتصمون في ميدان التحرير وغيره من ميادين محافظات مصر المختلفة, وحالة عدم الاستقرار بالبلاد, إلا أن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة أعلن الثلاثاء الماضي الالتزام بإجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها المقررة بدءا من المرحلة الأولي للانتخابات في 28 نوفمبر الجاري. وهناك حالة من التخبط في الشارع المصري بل إن هناك بعض الأسر المصرية لديها العديد من التخوفات من النزول للانتخاب في اليوم المحدد لذلك سواء من التعرض للبلطجة أو استمرار أحداث العنف بالبلاد واستمرار الاعتصامات في الميادين المختلفة بالمحافظات, وهناك أيضا من يري أن المشاركة بالتصويت في الانتخابات أمرا ضروريا ومهما علي كافة المستويات.
تحدثنا مع بعض الأسر والمختصين أيضا لنتعرف عن توجهاتهم المختلفة نحو التصويت بالانتخابات البرلمانية المقبلة.
مريم كامل -ربة منزل- تقول: ##أعتقد أنه من المهم مشاركتنا في التصويت بالانتخابات أيا كان توقيتها فعدم مشاركتنا يعد إهدارا لحقوقنا وإذا جاء البرلمان بعد ذلك لا يعبر عنا فلا نلوم في هذا الوقت إلا أنفسنا. وبغض النظر عن أن هناك غرامة مالية قدرها 500 جنيه لمن لا يصوتون بالانتخابات ولهم حق التصويت فإنني سوف أحرص علي النزول والانتخاب حتي لو كانت هناك بعض التخوفات من أعمال عنف أو ما شابه, لأن خطرا أن يأتي برلمان لا يمثلنا أكبر من مجرد التخوفات التي قد لا يكون لها أي أساس من الصحة وتكون مجرد فزاعة تستخدم لمنع الناس من المشاركة في الانتخابات.
أما عادل زكريا -صيدلي- فيقول: ##سوف أشارك في التصويت بالانتخابات لأن هذا هو حقي حتي إذا لم تكن الانتخابات نزيهة بالقدر الكافي الذي نتمناه جميعا خاصة بعد أن تذوقنا طعم الحرية بعد 25 يناير, فالمقاطعة من وجهة نظري ليست حلا, خاصة إذا كانت الانتخابات ستجري في كل الأحوال والمقاطعة لن تكون سببا في إلغائها أو تأجيلها##.
مريم عبد الملاك -مدرسة- تقول: لقد أخذنا قرارا من قبل بالتصويت ولكن بعد الأحداث الأخيرة ودماء الشهداء التي سالت ولا تزال في ميدان التحرير فكيف لنا أن نشارك في انتخابات و بدء مرحلة جديدة دون النظر إلي دماء شبابنا والاهتمام أولا بمحاكمة من تسببوا في قتل شبابنا واغتيال حريتهم في التعبير عن مطالبهم المشروعة.
يقول الدكتور محمد علي أستاذ علم الاجتماع: هناك ضرورة لأن يعي الناس أنهم عليهم الابتعاد عن المقاطعة للانتخابات سواء تم إجراؤها في مواعيدها أو تم تأجيلها, فالعزوف عن التصويت في الانتخابات والمشاركة فيها أمرا لا يصب في مصلحة المجتمع المصري, حيث إن المشاركة بالانتخابات تساعدنا في اختيار الشخص الذي سيمثلنا التمثيل الصحيح في الفترة القادمة في مجلس الشعب, لذلك لابد أن يكون الشعب كله يدا واحدة بكافة فئاته ويتفق علي أمر أساسي و هو المشاركة والتصويت في الانتخابات وأن نتعامل جميعا تحت مظلة واحدة وهي كلمة مواطن مصري فمصر الآن في مرحلة صعبة للغاية وتحتاج لمشاركتنا جميعا##.
ولمن لديهم تخوفات من أعمال عنف أو بلطجة بالقرب من لجان الانتخابات يقول د.محمد: ##بالتأكيد هناك بعض المخاوف تعود إلي حالة انعدام الأمن في الشارع المصري وتزايد أعمال البلطجة والعنف. ولكن هذا لا يجب أن يعيقنا عن المشاركة بل يجعلنا نفكر في آليات لمواجهة ذلك, كأن نخرج في مجموعات كبيرة مما يصعب معه ممارسة أي عنف لدي هذه المجموعات ونحشد الناس في مجموعات للذهاب إلي اللجان الانتخابية##.
إنه عالم الشباب و ليس عالم الكبار
وتشاركه في الرأي الدكتورة سامية قدري أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس, و تضيف: ##هناك ضرورة لمشاركة المصريين في التصويت بالانتخابات البرلمانية القادمة مسيحيين ومسلمين, فكما قال قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث في رده علي دعوة البعض لمقاطعة المسيحيين للانتخابات بعد أحداث ماسبيرو: ##إن امتناعكم عن الانتخابات لن ينفع شهداء ماسبيرو في شئ.. وربما يقول البعض بركة إنها جاءت منكم.. وسوف يسألنا الجيل المقبل عما فعلناه في هذا الجيل.. اغضبوا ولا تخطئوا##. هكذا كانت كلمات البابا شنودة وهو يؤكد علي ضرورة المشاركة بالانتخابات##.
وتستطرد د.سامية وتقول: ##سيكون هناك توازن نسبي في حال ازدياد عدد الناخبين, لأنه لو نزلنا كلنا أي 40 مليون مصري غير لما ينزل 20 مليون فقط, و لكن هذا التوازن النسبي الذي أشير إليه لا يعني أننا سنتحول بين يوم وليلة إلي دولة مدنية فليس هذا هو الهدف الرئيسي من المشاركة, لكن الهدف الأساسي هو تحول ديموقراطي تدريجي أي أن كانت الشوائب التي تشوبه. لذلك فإن فكرة حشد أصوات الناخبين مهمة وتلقي نجاح خاصة بعد ثورة 25يناير لأنها هي الفكرة الأساسية التي قامت عليها الثورة.##
و توضح د.سامية: ##إن الشباب الآن عندهم وعي أكبر من الأجيال السابقة لهم أحيانا, بل قد يكونوا هم من يشجعون أسرهم وآباءهم وأمهاتهم للنزول والتصويت بالانتخابات, خاصة وأن الشباب يشعروا بأن لديهم دورا أساسيا منذ الثورة, فهذا الأمر واضحا لنا جميعا ونشاهده جليا في طلاب الجامعات وفي المنازل والنوادي.. إلخ. وبالرغم من أنه في بعض الأحيان نجد أن نسبة من الشباب لا توجد لديهم ثقافة سياسية لكنهم يسعون لمعرفة المزيد والمشاركة والتحرك الإيجابي, بالإضافة إلي أن الشباب لديهم التواصل الإلكتروني وهم بذلك أصبحوا أكثر تواصلا وأكثر تأثيرا في عملية الحشد, فيجب علينا أن نعترف بأننا نعيش في عالم الشباب وليس عالم الكبار.
و تضيف د.سامية وتقول: أدعو كل مواطن مصري أيا كان انتماؤه وأيا كان عمره أو ظروفه للانتخاب لأن هذا دفاع عن مصر بلدنا فعليه أن ينزل ويخوض التجربة بكل إيجابياتها وسلبياتها ولا تؤثر فينا أي دعاوي بالمقاطعة أو التخويف, لأن التصويت هو دور وطني وواجب اجتماعي يجب أن يقوم به كل مواطن, فهو دور دفاعي عن مصر, حتي الناس إللي عندها ظروف يحاولوا أن يقوموا بالإدلاء بأصواتهم, فعلي الناس أن تخرج خارج الإطار الضيق والأفكار السلبية ##يعني صوتي هو إللي هيفرق -كله بيتزور- النتيجة معروفة قبل الانتخابات.. إلخ## التي كانت موجودة من قبل يمكن كانت صادقة في وقتها لكنها الآن ستكون مختلفة بنسبة ولو مش كبيرة فأنا أعلم أن الأمر لن يكون في شكل متكامل و لكن علي الأقل سيختلف عن السنوات الماضية, وحتي من يقولوا إننا لا نعرف المرشحين أو كيف ننتخب عليهم أن يسألوا عن المعلومات فليس عيبا أن نسأل لنعرف ولا نخشي أو نخجل من أن يقال علينا ليس لدينا وعي, لأننا إذا فعلنا ذلك حينما ننزل للتصويت لن يستطيع أحد أن يزيف وعينا بكلام غير حقيقي.
المقاطعون
وبالرغم من أن المشاركة والتصويت مهم إلا أن من يدعو إلي المقاطعة لهم أسبابهم كما يقول د. سمير نعيم أحمد أستاذ علم الاجتماع, فقال: إن ما يجب أن يحدث هو عزل الحزب الوطني وكل قيادات نظام مبارك وتحويل كل قتلة الثوار وناهبي الشعب للمحاكمة وإصدار القوانين الرادعة لكل من يشتري الأصوات ويقوم برشوة الناخبين وكل من يستخدم الدعاية الدينية, وإشراف منظمات المجتمع المدني, والمجتمع الدولي علي الانتخابات بمصر, مع تطهير الشرطة والقضاء من الفاسدين.