بيت العائلة المصرية, مبادرة طرحها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر… وهي هيئة قومية عليا تضم في تشكيلها ممثلين من الأزهر الشريف وجميع الطوائف المسيحية الأخري وعلي رأسها الكنيسة الأرثوذكسية… استقبلتها الكنيسة الأرثوذكسية بالترحيب بعد التأكد من توافر النية الطيبة والإرادة الحقيقية, وأنها ليست مجرد مجلس للمصالحة وتطييب الخواطر, وهذا ما جاء علي لسان د. محمود عزب المتحدث باسم المبادرة عن الأزهر الشريف في حديث نشرته وطني الأسبوع الماضي ووجدنا أنه حتي تكتمل صورة العائلة المصرية لابد أن يكون هناك حديث متكامل من الجانبين معا الكنيسة والأزهر لمعرفة الخطوات الفعلية التي يسير فيها بيت العائلة المصرية لوقف يد الإرهاب والتطرف والبلطجة أيضا.
موقف الكنيسة
التقينا بالقس بولس حليم كاهن كنيسة مارجرجس بالقللي والمسئول عن مركز التعليم الكنسي بوسط القاهرة والمتحدث الرسمي عن مبادرة بيت العائلة المصرية من جانب الكنيسة… توجهنا بالأسئلة وحصلنا علي إجابات واضحه وصريحة.
** كيف استقبلت الكنيسة الأرثوذكسية مبادرة بيت العائلة المصرية التي طرحها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر؟…
* لأن المبادرة توافرت فيها النية والإرادة وهما أساس أي عمل ناجح تم الترحيب بها, حيث قام قداسة البابا بتشكيل لجنة من ثلاثة كهنة كنت أحدهم ود. رسمي عبد الملك رئيس معهد الدراسات القبطية لدراسة لائحة بيت العائلة المصرية.
وحاليا يتم تشكيل لجان مشتركة من الجانبين تضم علماء مدنيين ومقررا دينيا في كل لجنة… وأهم هذه اللجان (التعليم, الرصد والمقترحات الثقافية الأسرية, الخطاب الديني, الإعلام والعلاقات العامة, الشباب والتنمية).
واللجنة العليا لبيت العائلة المصرية ستضم أيضا رؤساء الطوائف الأخري. ولأن المبادرة جاءت من جانب الإمام الأكبر شيخ الأزهر فتقرر أن تكون الرئاسة في الفترة الأولي لبيت العائلة المصرية لفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب النجار لمدة أربع سنوات, ثم يرأسها قداسة البابا في الفترة التالية.
** ما هي المحاور التنفيذية الحالية التي تسير عليها مبادرة بيت العائلة المصرية؟
* أولا: مخاطبة الطلاب في الجامعات لتعريفهم بالآخر معرفة حقيقية… وجاءت الينا دعوة من اتحاد طلاب جامعة بنها وذهبنا كمجموعة متحدثة عن بيت العائلة وكان اللقاء تحت مسمي (مصر علي قلب رجل واحد) ومن بين المتحدثين كان الأب يوحنا قلتة ود. محمود عزب والقس بولس حليم ومندوب عن فضيلة مفتي الجمهورية وآخرون, ومن ملا حظاتي أنهم كانوا متعطشين لمعرفة كل ما يتعلق بشركائهم في الوطن وظهر هذا في أسئلتهم وكان هذا مهما (لأن الإنسان عدو ما يجهله) وعلي سبيل المثال أكدت في كلمتي كيف أن الشعب أثناء ثورة يناير خرج جميعا مثقفا وبسيطا, غنيا وفقيرا. مسلما ومسيحيا بهتاف واحد, كانوا كلهم علي قلب رجل واحد يهتفون باسم مصر…
وبعد المحاضرة خرج شباب جامعة بنها في مسيرة وكنا معهم نهتف جميعا قائلين (عايزين نبقي مسلم ومسيحي إيد واحدة).
وسنستمر في التواصل مع باقي جامعات مصر وعقد لقاءات هدفها معرفتنا أكثر ببعضنا البعض لنتعايش سويا ونلتف حول قضايا واحدة تخدم الوطن.
* ثانيا: نعد بإرسال قوافل في المستقبل القريب للذهاب إلي المحافظات والقري والنجوع حتي تصل الرسالة بأننا نسيج واحد إلي كل مواطن مصري.
* ثالثا:يتم الإعداد حاليا لعقد مؤتمرات للشباب… سيكون هناك مؤتمر لعدة أيام للشباب المسلم والمسيحي في مكان يتم حاليا التجهيز له, وأيضا مؤتمر مماثل للشابات المسلمات والمسيحيات وسيكون المؤتمر الأول لأبناء إمبابة ثم مناطق أخري.
* رابعا: إصدار كتيبات صغيرة فاخرة تضم القيم الإنسانية المشتركة في الإسلام والمسيحية لنشر الوسطية في الخطاب إلي المجتمع.
* خامسا: التواصل مع الإعلام وهناك فكرة ندرسها حاليا ونطرحها أمام المسئولين وهي تخصيص ساعة يوميا في التليفزيون مثلا ليتحدث فيها المستنيرون من الجانبين لنشر المفاهيم السليمة والحقيقية المشتركة بين المسيحيين والمسلمين التي تفعل العيش المشترك.
* سادسا: بعد أحداث إمبابة وقبل اللقاء الرسمي بين القيادات الدينية تم عمل اجتماع طارئ لمبادرة بيت العائلة وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق عما حدث في إمبابة كان ضمن تشكيلها د. محمود عزب, المطران منير عزب حنا عن الكنيسة الأسقفية وفضيلة الشيخ محمد جميعة, وشخصي المتواضع, وتم عمل تقرير عرض علي لجنة بيت العائلة, وتم رفع التوصيات الآتية إلي مجلس الوزراء والمجلس العسكري وأهم هذه التوصيات:
1- ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية المشددة ضد كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم سواء بالتحريض أو المساعدة أو التنفيذ.
2- مناشدة المجلس الأعلي للقوات المسلحة بعدم السماح بالتجمهر أمام دور العبادة وجميع مؤسساتها للجانبين أيا كانت الأسباب.
3- ضرورة تعويض كل من أصابه الضرر من المسلمين والمسيحيين وثبت عدم تورطه في أحداث الشغب.
4- مناشدة كافة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة وكافة المنابر الدينية إسلامية ومسيحية بعدم التسرع في بث أي شائعة قد تثير الفتنة والامتناع عن نشر أي خبر قبل التأكد من صحته خاصة ما يتعلق بالديانات.
الإصلاح
وحتي يتواصل الحديث وتكتمل الرؤية التقينا مرة أخري مع د. محمود عزب المتحدث باسم مبادرة بيت العائلة المصرية عن الأزهر الشريف ودكتوراه الدولة في علم الأديان المقارن من السوربون, وكان الحديث هذه المرة مختلفا, فالمرة الأولي كان يتعرض للمبادرة واللائحة التنفيذية لها وتشكيل لجانها أما هذه المرة فاتسع الحديث عن أسباب ما يحدث في المجتمع من تطرف تعقبه أحداث طائفية ومحاولة لطرف طرق العلاج الذي سيصبح الشغل الشاغل للجان بيت العائلة المقرية خلال الفترة القادمة وهنا توجهنا بالأسئلة وتلقينا ردودا تفصيلية.
** أحد الأهداف كما علمنا في حديث سابق لمبادرة بيت العائلة هو مراقبة وإصلاح الخطاب الديني… كيف سيتم ذلك؟
قبل أن أخوض في هذا تفصيليا أذكر القارئ أن (بيت العائلة المصرية) ليس مجلسا للمصالحة بل هو هيئة قومية عليا قدمنا لائحتها إلي مجلس الوزراء والمجلس الأعلي للقوات المسلحة لأخذ الموافقة عليها حتي تصبح توصياتها لها قوة التنفيذ في الجهات التي تري المبادرة أن الإصلاح سيتم عن طريقها.
أما ما يخص مراقبة الخطاب الديني فقبل الثورة عندما حدثت حادثة كنيسة سيدة النجاة بالعراق وقبل حادثة كنيسة القديسين كان يوجدمشروع تبنته وزارة الأوقاف وفضيلة الإمام شيخ الأزهر قائم علي عمل دورات تدريبية للأئمة والدعة والاستماع إلي مشاكلهم وإصلاح أحوالهم المالية وإعطائهم محاضرات لتعريفهم بالأديان الأخري… ففي مصر لا يوجد اهتمام ولنكن صرحاء بمعرفة أبناء الدين أي شئ عن الأديان الأخري سواء في الكنائس أو المساجد, وعندما كنت أعود من باريس وباعتباري متخصصا في دراسة الأديان الأخري كانت تطلب مني كلية اللاهوت في المعادي إعطاء محاضرات عن الإسلام للقساوسة الجدد وهذا لا يتم الآن إلا بشكل محدود وأيضا في الجانب الإسلامي بدأنا نهتم بتدريس المشايخ والطلبة ما يتعلق بالديانات الأخري.
ولكن حتي أبري ذمة وزارة الأوقاف المساجد نوعان, مساجد مسجلة بالوزارة وهناك إشراف علي أئمتها ونادرا ما يتواجد بينهم من يلقي خطابا فيه تطرف أو يحض علي التعصب لأنهم خريجو كليات أصول الدين والشريعة فالحد الأدني من علمه يحول دون التطرف.
ولكن المشكلة في الزوايا والمساجد التي يبينها أصحاب العمارات بعيدا عن وزارة الأوقاف وقد تكون بهدف التهرب من دفع الضرائب ويمكن لمن يبينها أن يأتي بشخص غير مؤهل دينيا ريجعله إماما لهذا الجامع. ممكن ميكانيكي أو شخص غير دارس وليس لديه رؤية كاملة للدين.
الجهل
يستكمل د. محمود حديثه قائلا:
أساس معظم مشاكلنا هو الجهل بالذات أولا, فالمتطرف يجهل دينه أولا وبالطبع من يجهل دينه كيف سيعرف دين الآخر, ففي عام 76 اختارني فضيلة شيخ الأزهر المرحوم عبد الحليم محمود لكي أكون دارسا للكتاب المقدس في باريس وتم اختياري لأني كنت حاصلا علي ليسانس وماجستير في اللغات السامية (لغات الكتاب المقدس) وكنت أدري قبل ذلك لمدة 11 عاما أديانا مقارنة مع لغة القرآن الكريم, وعندما يفهم الإنسان دينه جيدا يرتفع مستواه الحضاري والفكري ويفهم الدين الآ##خر وهنا يزول التعصب.
** كيف نصل لرجل الشارع البسيط ونوصل له الرسالة؟
* ما يتم حاليا من خلال خطة عمل بيت العائلة ومن خلال اللجان المشكلة ومنها لجنة الخطاب الديني ستعمل علي تبسيط هذا الخطاب ولكن علي أسس علمية فأنا الذي أحاضر طلبة في كليات أصول الدين وفي الخارج أذهب يوم الجمعة لأخطب في قريتي البسيطة بمفردات سهلة يستوعبها البسطاء, وقد أستعين بأمثال شعبية أحيانا لتوصل المعني العميق في الأحاديث الدينية, والتركيز في الحديث. ليس فقط علي عذاب القبر والعذاب في الآخرة بل أن الرسل وسيدنا محمد أرسله الله رحمة للعالمين وسلوكه كان ينم علي ذلك فعندما جاء إليه وفد من نصاري نجران وجاء وقت الصلاة عندهم سمح لهم بالصلاة في مسجد النبي صلواتهم المسيحية.
الخطاب الإعلامي
وجزء من انتشار الخطاب الديني المتعصب هو ما يثيره الإعلام غير الملتزم في بعض الفضائيات سواء إسلامية أو مسيحية… فالإعلام الملتزم هو الإعلام الذي ينحاز للوطن, فعندما تقومين كإعلامية مصرية بتغطيةأحداث حدثت في مصر لابد وأن تختلفي عن مذيعة أمريكية أو حتي من بلد عربي آخر, قد تنظر الينا المذيعة الأجنبية علي أننا أبناء عالم ثان متخلف لا يهمها أمرنا ولكن الإعلام المصري سواء مسيحي أو مسلم لابد أن يذيع ما يعمل لصالح الوطن بعيدا عن الاستفزاز.
وقد تم اختياري مؤخرا لأنضم لمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون وبالطبع سيكون لي دور في أولا إصلاح الخطاب الإعلامي عموما وتعديل الخطاب الديني الوسطي الذي يعلي قيم المعرفة والسلام ومعرفة الآخر ثانيا
الذهاب معا
وأناشد الإخوة المسيحيين ألا يتظاهروا بمفردهم أمام ماسبيرو لأنهم بذلك يرسخون الانفصال, فكان يجب أن يذهبوا مع إخوتهم المسلمين إلي التحرير وليكن يوم الجمعة حيث لا يوجد عمل من الساعة 9 صباحا وحتي الثانية عشرة ظهرا ويرفعوا لافتاتهم يطالبون بالحفاظ علي كنائسهم, فكنت أذهب إلي ماسبيرو وأتظاهر معهم أكثر من مرة وأقول عايزين كنيستنا.