شريط رائع من الأحداث والشخصيات والذكريات يمر أمام أعيننا سريعا ولا نبغي له سوي التوقف ولو قليلا لنتأمله بشئ من التفصيل وكثير من الحب لأنه يجسد لنا عزيمة أمة وآمالها وطموحاتها نحو غد أفضل ومستقبل مشرق.شريط الذكريات الذي نعنيه يخص أعرق جامعات مصر والعرب….
جامعة فؤاد الأول أو جامعة القاهرة والتي لا تزال مستقرة علي اسمها هذا.تحدثنا في أعداد سابقة في إطار مئوية الجامعة عن كثير من الأحداث والشخصيات والذكريات التي صاحبت إنشاءها وأساتذتها وطلابها الأوائل…ولا يمكن لنا ونحن بصدد الحديث عن جامعة القاهرة التي لا نزال نعيش في أفراح مئويتها أن نغفل أو نتغافل عن قبة الجامعة التي تعد بالفعل علامة مضيئة في سماء المحروسة…فما هي حكايتها وكيف بدأ التفكير فيها إلي أن انتهي العمل بها لتزين جامعة القاهرة وتجعلها في أجمل زينة.هذا هو محور حديثنا في هذا العدد.
تمثل قبة جامعة القاهرة طرازا معماريا فريدا يجمع في طياته بين الأصالة والحداثة في مزج جمالي رائع.صنعت القبة من الحديد الصلب المغطي بالنحاس ويبلغ وزنها نحو ألفي طن,وقطرها 46مترا,وارتفاعها 75مترا.وزينت القبة بهلال جميل الطلعة فوق قمتها ليضفي عليها جمالا وبهاء يخلب ألباب الناظرين إليها.
تعود قصة بناء قبة جامعة القاهرة إلي الملك فؤاد الأول الذي وضع حجر الأساس لمبني إدارة الجامعة في 7فبراير من سنة 1928م وفور الإنتهاء من بناء حجرات الطابق الأرضي انتقلت إليها إدارة الجامعة في 12من يناير سنة 1934م,ليبدأ بعد ذلك بناء قبتها الشهيرة والتي تم الانتهاء منها في يناير عام 1936م.
بداية…يمكننا القول بأن مبني إدارة الجامعة قام بتصميمه فرنسيون علي شاكلة مبني البرلمان المصري وتتوسطه قاعة الاحتفالات الكبري التي بنيت علي غرار الأوبرا المصرية القديمة وبنفس الطراز والمفروشات لدار الأوبرا.أما القبة التي تعلو المبني فقد صممها وأنشأها مهندسون إنجليز من شركة إنجليزية تسمي كوجاتيان ولكن القبة سقطت وحاولوا إعادتها مرة أخري إلا أنهم فشلوا,فقام أساتذة كلية الهندسة في بداية إنشاء الجامعة بإعادة تصميم وبناء القبة مرة أخري واستغرق العمل بها ثلاث سنوات وأعيد تجديدها مرة أخري عند الاحتفال بالعيد الماسي للجامعة.
ويتوسط مبني القبة قاعة الاحتفالات الكبري كما ذكرنا سالفا…وتعد هذه القاعة من أشهر معالم جامعة القاهرة حاليا ورمزا من رموز المعرفة,وتعلوها قاعة أخري تحمل اسم أحمد لطفي السيد أبو الجامعة المصرية وهي القاعة الرسمية لعقد اجتماعات مجلس الجامعة منذ إنشائها وحتي الآن,وفيها دارت أحداث استقالة أحمد لطفي السيد وزارها العديد من الملوك والرؤساء والشخصيات العالمية ومنهم الملك الحسين بن طلال عاهل الأردن.
بالعودة مرة أخري لقبة الجامعة سوف يتبين لنا أنها بنيت علي شكل نصف كرة ارتفاعها 52مترا وبها مجموعة من النوافذ في جميع الاتجاهات.وكان من المقرر إقامة حفل ضخم لافتتاح مبني قبة الجامعة في قاعة الاحتفالات الكبري لولا المظاهرات الطلابية التي شهدتها الجامعة ضد المفاوضات المصرية البريطانية والمعاهدة التي نتجت عنها عام 1936م,هذا بالإضافة إلي المرض الذي اشتد علي الملك فؤاد منذ بداية ذلك العام.
تتوالي الأحداث علي جامعة القاهرة وتحديدا علي قاعة الاحتفالات الكبري بها والكائنة في الدور الأرضي حيث شهدت هذه القاعة غناء أشهر نجوم الطرب في مصر أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ في ذكري الاحتفالات بثورة يوليو المجيدة.
المبني الإداري لجامعة القاهرة لا يزال قائما…قاعة الاحتفالات الكبري لا تزال هي الأخري قائمة…والقبة التي تضئ الجامعة موجودة ومحتفظة بجمالها ورونقها,أما الأحداث الجسام والشخصيات العظيمة فقد ولت.
المراجع:
أ.د.وجيه عبد الصادق عتيق
الأستاذ بكلية الآداب-جامعة القاهرة