العرب يثبتون كل يوم أنهم يقدسون المنطق المقلوب,وينشرون المفاهيم الخاطئة فقليل الأدب في نظرهم بطل فهلوي,والزاني راجل,والسارق ذكي,والشتام جرئ,والإرهابي شهيد,وبنفس هذا المنطق المعكوس تعاملوا-إلا القليل منهم-مع موقف إلقاء منتظر الزيدي مراسل قناة البغدادية حذاؤه علي الرئيس بوش.
أقامت القنوات الفضائية فرح لم ينفض لهذا الصحفي ونظارة سريعة علي برامج التوك شو اليومية تكشف عن مدي عمق المأساة التي يعيشها العقل العربي.
أكثر قناة احتفت بهذا الموقف العظيم كانت قناةالحياة المصرية حيث أعلن برنامجالحياة اليومأنه تلقي46ألف اتصال تليفوني ثم بث60مداخلة منها علي الهواء لمختلف الفئات وكلها عبرت عن الفرح والشماتة,وأشادت بالبطل الذي حقق انتصار العرب علي أمريكا بالحذاء.ووصف الممثل المصري فاروق الفيشاوي هذا الموقف بأنه أسعد موقف في حياته كلها!!
أما قناة الساعة فقد قدمت وصلات من الفرح المتواصل بالانتصار العظيم وظهر ذلك بوضوح في برنامجلقاء الأسبوعالذي يقدمه الصحفي مصطفي بكري والنائب بمجلس الشعب والذي اعتبر أن الصحفي منتظر الزيدي قام بعملية استشهادية لأن الحذاء الذي قذف به الرئيس بوش كان له تأثير أقوي من أسلحة الدمار الشامل,كما استقبل البرنامج عددا كبيرا من المكالمات تضمنت مزيدا من الشتائم للرئيس الأمريكي مع باقة من زغاريد الفرح!!
أما برنامج العاشرة مساءالذي يذاع علي قناة دريمفقد استضاف الإعلامي حافظ الميرازي الذي كان عقلاينا أما السيل الجارف من التهليل فقد طرح عددا من تساؤلات العقل التي لا يحبها العرب مثل:
*ما النتيجة التي ترتبت علي هذا الحدث الهجمي؟وكانت الإجابة:لا شئ؟!
*ماذا لو حدث هذا لرئيس دولة عربية؟
وعندما شعرت مقدمة البرنامج مني الشاذليبمناخ العقلانية الذي تتوقعه واعتبرته يهدد بإفساد الفرح,عبرت عن استيائها فسألها حافظ الميرازي:عندما التقيت بالرئيس بوش..هل كان ممكنا أن تفعلي مثلما فعل الصحفي العراقي؟…فقالت المذيعة المحترمةكنت أتمني ذلكوعندما سألها عن الذي منعها قالتأخلاقي ومهنيتيوكان هذا الرد العفوي فيها انتصار لعقلانية حافظ الميرازي لأنها دون أن تدري وصفت التصرف الذي قام به الصحفي العراقي بما يستحقه.
بالطبع لا يمكن أن نحصر البذرات التي تفجرت عقب حادثة إلقاء الحذاء لأنها سادت الشارع العربي…ولكن السؤال الملح هو:من فيهما البطلبوشأممنتظر؟الرئيس بوشلم يلفظ بكلمة قبيحة وتقبل الأمر بهدوء وروح مرحة فكان البطل الحقيقي للواقعة.إنني اختلف كثيرا مع سياساته لكني أرفض التعبير عن الاختلاف بهذه الهمجية.