لا شك أن ثورة 25 يناير كشفت عن معطيات جديدة داخل المجتمع المصري والحياة السياسية ما بين متفائلين ومتشائمين ما بين صراع وجدال حول مستقبل مصر المقبل في ظل التكهنات بشأن طبيعة الأوضاع الحالية والتعديلات الدستورية والانتخابات المقبلة, ودون شك فثورة 25 يناير رغم ترسيخها لحرية جديدة وديموقراطية مازال الجميع في انتظارها فأن هناك أطرافا كانت لها مكاسب أكبر وشأنا آخر يتمثل في المثلث الإسلامي أو مثلث الخطر علي معطيات الدولة المدنية وهم الجماعات الإسلامية والإخوان المسلمون والسلفيون والذي نجح النظام السابق, الحد من توغلهم سواء باعتقال قادتهم أو غلق الباب أمام أي محاولات لشروعهم في تكوين منظومة سياسية.
استطاع مثلث الخطر القفز علي ثورة الشباب غير المسيس وعقب تنحي الرئيس خرجوا يتصارعون علي الظهور الإعلامي ويبادرون بأفكارهم الطائفية بعد خروج الأغلبية المعتقلة من أعضائهم رغم أنهم لم يتصوروا يوما أن تكون ثورة الشباب المسيس بمثابة التحول في تاريخ مصر.
مثلث الخطر يدخل في مواجهة ساخنة مع أنصار الدولة المدنية والليبراليين واليساريين في نقاش وجدال حول مطالبهم الفئوية التي تعتمد علي أسلمة الدولة دون النظر إلي معايير الدولة الحديثة وفشل أنظمة الدول الدينية ورغم التغيرات والتطورات التي طرأت علي الأوضاع في مصر وخلع النظام السابق مازال مثلث الخطر يعيش بأفكاره القديمة وأيديولوجيات أثبتت فشلا ذريعا ولم ينتج عنه سوي ثمار العنف والكراهية والدماء.
* الجماعات الإسلامية إصلاح أم عودة للماضي!
نبدأ في الحلقة الأولي حول أولي مثلث الخطر وأعنفها في أواخر القرن الماضي وهي الجماعات الإسلامية والتي قامت باغتيال الرئيس الرحل أنور السادات وحولت مصر إلي مستنقع دماء في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي قبل إحكام السيطرة عليها من قبل المواجهات الأمنية, فالجماعة الإسلامية تعود بعد 20 عاما لعقد أول اجتماعاتها بمحافظة أسيوط بعد تنحي الرئيس مبارك لاستئناف العمل ونشاطها ورغم ما تؤكده علي تغير فكرها بعد المراجعات الفكرية ومبادرة وقف العنف عام 1997 وأنها تعلمت الكثير من سنوات قضتها خلف القضبان إلا أن صورتها القديمة مازالت راسخة في أذهان المصريين ملطخة بالدماء ويترقب الجميع نشاطهم الذي يبدأ بنفس السيناريو القديم سلميا ثم ينقلب إلي عنف وهذا ما يخشاه البعض أن تكون الجماعات تسير بمبدأ المهادنة مع المجتمع حتي تنقلب من جديد بأعمالها وعنفها الفكري علي أفراد المجتمع.
للمرة الأولي منذ خروج قادتها وكوادرها من السجون المصرية عقدت الجماعة الإسلامية لقاءات معلنة لها في كل من أسيوط والمنيا بصعيد مصر, حضرها عدد كبير من رموزها, مؤكدة ضرورة مشاركتها في عملية الإصلاح التي تشهدها مصر واعتزامها تأسيس حزب سياسي, وذلك علي خلفية المتغيرات التي أعقبت ثورة الشعب التي أسقطت نظام مبارك.
تاريخ الجماعات وأفكارهم
من عايش الحركة الطلابية في الجامعات المصرية منذ بدايات السبعينيات وحتي عام 2000م لابد أنه سمع كلمة الجماعة الإسلامية.. غير أن ما اصطلح علي تسميته الجماعة الإسلامية في تلك الفترة كان لافتة كبيرة ضمت تحتها ألوانا إسلامية متعددة, فلم تكن عنوانا لفصيل واحد, وتزامن نشوء الجماعة الإسلامية داخل الجامعة مع خروج غالبية قيادات جماعة الإخوان المسلمين من السجون, وحدوث تحول في المزاج المصري نحو الإسلام, بعيدا عن الأفكار اليسارية والقومية, خاصة بعد هزيمة 1967م.
لكن وجدت مجموعات من الطلاب لديهم تحفظات علي منهج الإخوان في التغيير والعمل الإسلامي, خاصة في جامعات الجنوب في مصر وعلي رأسهم ناجح إبراهيم وكرم زهدي وأسامة حافظ, ولذا أسس هؤلاء ما عرف بـالجماعة الإسلامية, ولكن بشعار مختلف عن شعار الإخوان.
تميزت الجماعات الإسلامية حسب ما ورد في كتاب للدكتور سليم العوا عن تاريخ الجماعات الإسلامية المسلحة – في جامعات الصعيد بنوع من الحدة في التعامل مع خصومها من الطلاب اليساريين, حتي أن هذه الخصومة وصلت في بعض الأحيان إلي الضرب واستخدام العنف, وظهرت بشائر تغيير المنكر باليد داخل الجامعة.
كان تغيير المنكر باليد سابقا علي عملية التنظير له داخل الجماعة الإسلامية, لكن حدثت تطورات في مصر والمنطقة عجلت بتبلور العنف, من أبرزها معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية, والتي أثارت سخطا شعبيا كبيرا لشخص الرئيس السادات, ومن هذه الأحداث أيضا الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م, والتي غازل نجاحها حلم الإسلاميين في إقامة الدولة الإسلامية.
وتفاعل هذين الحدثين ولد حالة من السخط ترافقت مع نموذج للتغيير في ظل غياب دور الدولة في المجتمع, وذلك بعد اتجاهها نحو اقتصاد السوق وآلياته.
أدي توسع الجماعة الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باستخدام اليد أو القوة إلي مشكلات لها في مجتمعاتها, لكنها سعت للتغلب عليها من خلال القيام بالأعمال الخيرية وأنشطة الدعوة في المساجد, واستمرت الجماعة الإسلامية حتي أوائل عام 1981م بلا كيان إداري منظم, بل لم تكن لها أدبيات ومراجع فقهية خاصة بها, فكانت تعتمد علي بعض الكتب القديمة خاصة الجزء المتعلق بفتاوي ابن تيمية في التتار, وبعضا مما كتبه سيد قطب.
فمؤلفات الجماعة الإسلامية مثل: ميثاق العمل الإسلامي وحكم الطائفة الممتنعة صدرت في الفترة من 1981م حتي 1984م, حيث كان مؤسسو الجماعة يظنون أنهم سيعدمون, ومن ثم رأوا ترك فكرهم ومنهجهم في رسائل للأجيال القادمة, فانعكس الظرف الذي عاشوه علي ما كتبوا, وتلك بداية أدبيات الجماعة.
لم تكن مشاركة الجماعة الإسلامية وتحالفها مع تنظيم الجهاد في عملية اغتيال السادات صادرة عن تخطيط مسبق من الجماعة, ولكن لعبت عدد من المصادفات دورا حاسما في زج الجماعة للمشاركة في العملية ووظهر عن الجماعة الجناح العسكري, كما أن الهدف العام والحلم الكبير لإقامة الدولة الإسلامية كان موجودا في مخيلتهم, دون أن يمتلكوا تفاصيل أو أدلة شرعية تسوغ لهم القيام بعمليات القتل التي ارتكبوها, حيث وجدت معارضة من بعض القيادات التاريخية لعملية اغتيال السادات واستخدام العنف قال سابقا ناجح إبراهيم## فقيه الجماعة وأحد كبار مؤسسيها – حيثما وجد السلاح فإرادته هي النافذة, الرأي الذي معه السلاح هو الذي يتغلب.
دخل قادة الجماعة الإسلامية السجون مع اغتيال السادات وكانت أعمارهم ما بين العشرين والثلاثين عاما, وفي فترة السجن دارت مجموعة من الحوارات في الفترة ما بين 1981م-1988م, وشهدت الفترة تغيرين أساسيين: الأول, انفصال الجماعة عن تنظيم الجهاد, والثاني, هو تأليف أولي أدبيات الجماعة وهو ميثاق العمل الإسلامي عام 1984م, إضافة إلي كتاب حتمية المواجهة وحكم الطائفة الممتنعة, وصاحب التأليف حركة تعليم وتدريب وتثقيف مكثفة للأعضاء علي المنهج الجديد, ومن ثم نستطيع أن نقول إننا أصبحنا نقف أمام خطاب تنظيري للعنف في تاريخ الجماعة.
كان عام 1984م مهما في تاريخ الجماعة, لتزامن تأليف أولي أدبيات الجماعة مع خروج أعضاءها من ذوي الأحكام المخففة, وكانت الاستراتيجية التي بنتها الجماعة آنذاك هي أن يقوم ذوو الأحكام المخففة – 3 سنوات – عقب خروجهم بالدعوة إلي فكر الجماعة, ثم يخرج ذوو الأحكام الأخري – 5 سنوات – وتكون مهمتهم إيجاد هيكل تنظيمي للجماعة, أما المجموعة الثالثة – 7 سنوات – فتكون مهمتها تأسيس الجناح العسكرية للجماعة, أي أن الجماعة كانت تخطط وهي في محبسها أن يكون لها ذراع عسكرية مع عام .1988
العنف وبحور الدماء..
واشتدت أعمال العنف من جانب الجماعة خلال فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات ضد الأقباط ورجال الشرطة والسائحين والعديد من المصريين الذين لا يتفقوا مع آرائهم واستمرار تكفير المجتمع ومؤسساته وقتل العديد من الشخصيات العامة والسياسية والمفكرين أمثال د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ود. فرج فودة ومحاولة اغتيال الرئيس مبارك ووزراء الداخلية حتي تحولت مصر خلال فترة 84 حتي بداية الألفية إلي ثكنات عسكرية وتم الاستعانة بالمواطنين والعائلات الكبيرة في صعيد مصر ومطاريد الجبل لصيد أعضاء الجماعات من داخل كهوف الجبال ومزارع القصب وكانت الجماعات تستخدم المساجد كمخازن لإيواء السلاح وعقد الاجتماعات..
مبادرات وقف العنف
ومع اشتداد الأزمة التي تتعرض لها الجماعة, اتسمت المواجهات بالعنف والثأرية واعتقال كل من يشتم أن له علاقة بالجماعة الإسلامية, حتي وصل عدد معتقليها 30 ألف معتقل ومئات القتلي, واجتثت الجماعة من عموم مصر, وأصبح أفرادها ما بين قتيل وهارب وسجين.
هذا المأزق جعل الجماعة تعلن وقف العنف من جانب واحد, ودون قيد أو شرط في عام 1997م, وهي مبادرة تعاملت معها الدولة في البداية بنوع من الشك ثم قامت بعد ذلك بتمكين القيادات التاريخية للجماعة من الاتصال بأفرادها في السجون التسعة الذين توزعوا عليها, ثم السماح لهم بنشر مراجعاتهم الفكرية في عدد من الكتب, والإفراج التدريجي عن أفرادها أدركت الجماعة بعد فترة من الصدام مع الدولة أنها هي الخاسرة الأكبر, ولذا ظهرت مجموعة من المبادرات – قدرت بحوالي 15 مبادرة في 15 عاما – كتعبير عن الرغبة في التفاوض مع الدولة, لوقف العنف والعودة عن أفكارهم الجهادية وتصحيح المسار.
قيادة الجماعات ترغب في تأسيس حزب سياسي..
وفي حديثنا للدكتور ناجح إبراهيم أحد قادة الجماعة قال لوطني إن الجماعة ترغب في تأسيس حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية حضارية والجماعة عقدت عدة اجتماعات لمناقشة دورها في المرحلة المقبلة, ورؤية الحوار مع مختلف قوي العمل الإسلامية بما فيها جماعة (الإخوان المسلمين) و(التيار السلفي).
وقال إبراهيم إن الجماعة عانت كثيرا خلال فترة نظام مبارك حتي أعدم منها أكثر من مئة وقتل 2000 واعتقل نحو 30 ألفا بعضهم قضي في السجن 20 عاما علي رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عنهم لكنها لم تنفذ. واعترف ناجح بخطأ فكر الجماعة باستخدام العنف وأشار أنهم تعلموا كثيرا خلال فترة السجن وقاموا بمراجعة جميع أفكارهم التي لا تتسم مع صحيح الإسلام. مشيرا إلي أنها أول جماعة في تاريخ الحركات الإسلامية المسلحة تعلن عن مراجعات لأفكارها بمحض إرادتها وبمبادرة منها, وليس بناء علي طلب من الدولة أو الحكومة كما يقول البعض, فنحن أخطأنا وشعرنا أنه من واجبنا أن نقوم بإصلاح ما أفسدناه وأن هذه المراجعات نجحت في إقناع عدد من التنظيمات الإسلامية الأخري مثل الجهاد في عام 2007 وتنظيم سيناء في عام 2005 ويري أن تنظيم القاعدة غايته القتل ولذلك تجد القاعدة تقاتل في كل مكان دون تحقيق أي هدف لمجرد القتل فقط, وقد أدي قتالهم لقتل وإذلال المسلمين في الكثير من بقاع الأرض, ودماء هؤلاء في رقبة القاعدة.
وأكد ناجح أننا نريد دولة مدنية بمرجعية إسلامية.. بحيث تكون الشريعة الإسلامية هي مرجع القوانين.. وهذا لا يعد رجوعا إلي الدولة الدينية التي يرفضها الجميع ويرفضها الإسلام. وطالب ناجح بالإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن الذي يقضي عقوبة لحبس بالولايات المتحدة الأمريكية وأن يتم تنظيم مظاهرة كبيرة بميدان التحرير من أجل ذلك الهدف وهذا لا يعد مظهرا من مظاهر أسلمة الدولة – علي حد قوله – بل هو مطلب إنساني بحت.. خاصة أن فضيلة عمر عبدالرحمن يبلغ السبعين من عمره.
وحول موقفه من الدولة المدنية والأقباط وحقوقهم في الترشيح لرئاسة الجمهورية وموقف بناء الكنائس قال ناجح إن الليبراليين واليساريين والعلمانيين ليست لهم شعبية والشعبية الأكبر للمرجعية الإسلامية ونحن نرحب بالدولة المدنية علي مرجعية إسلامية لأننا لا نهدف إلي الوصول للحكم فنحن نهدف إلي الدعوة لله والعدل ولا نميل إلي الاحتذاء بالنموذج الإيراني الشيعي الذي يتعرض للانهيار الآن والشريعة الإسلامية تحمي حقوق الأقباط ولهم حق بناء الكنائس ويكفي أن أثناء الثورة لم تتعرض أي كنيسة للاعتداء والمشكلة تكمن في خطاب الديني المتطرف للكنيسة التي تسبب هذه المشكلات ومن حق أي شخص أن يكون طالما يتمتع بالكفاءة سواء كان مسيحيا أو مسلما ورفض ناجح الحديث عن المادة الثانية من الدستور علي اعتبار أنها جزء من الدساتير المصرية قائلا نحن لا نريد القضاء علي الروح الوطنية بالحديث علي هذه المادة.
ولم يجب ناجح حول موقفه من تولي مسيحي لرئاسة الوزراء أو رئيس الجمهورية ولكن أجاب عن سؤال حول موقفهم من اتفاقية السلام مع إسرائيل الذي أكد أنه لا يمكن لأي جماعة إسلامية أن تلغي اتفاقية السلام مع إسرائيل لأن موازين القوي العسكرية في صالحها وأنهم ليسوا بالسذاجة للدخول في حرب مع إسرائيل ولكننا لا نرضي أن نكون ظل أو شرطيين لإسرائيل مثل عهد مبارك.
قال أمير سالم الناشط الحقوقي إنه من حق أي فرد إقامة حزب سياسي ولكن شريطة ألا يكون علي خلفية دينية أو نوع من التمييز الاجتماعي والشرط الثاني أن مؤسس الأحزاب لا يعتمد علي جماعات تعمل في إطار تنظيمات سرية أو تاريخهم ملوث بالعنف وبالتالي فمثل هذه الجماعات تستخدم الخداع ضد المجتمع فهذه الجماعات التي لديهم تاريخ في التمييز ضد الأديان وحمل السلاح هم مثل جبل جليد عائم وأسفله كوارث لا يراها أحد, فمثل هذه الجماعات لا تحمل برامج إصلاحية للمجتمع سوي استخدام معاني الدين والتلاعب بها لجذب البسطاء لشبكتهم التي لا تقبل الآخر وعندما يصبحوا ذات قوة وشعبية وسيطرة علي العقول ينكشف وجههم الحقيقي.
وأضاف أن ثورة 25 يناير فتحت الباب أما جميع التيارات السياسية التي يجب العمل بالشارع لترسيخ مدنية الدولة وكشف الوجه الخطير لهذه الجماعات التي جاءت مبادرتهم لوقف العنف بعد ما تعرضوا له من حصار أمني فشلوا في التصدي لهم, فالدولة الحديثة يجب أن تقوم وتنبي علي أساس العلم والتكنولوجية والمساواة والعدالة دون تمييز بين أبنائها.
صفقة الأمن والجماعات!
يري الدكتور محمد الباز الكاتب أن الجماعات الإسلامية خرجت من السجون بعد عقد صفقة مع الأمن مقابل إطلاق المراجعات الفكرية التي حدت من نشاطها ويضيف بالرجوع لتاريخ الجماعات فنجد أنها بدأت دعوية دينية وسمح لهم بإنشاء موقع إلكتروني للدعوة ونشاطها كان يخضع تحت الرقابة الأمنية حتي تحول انقلب عملهم إلي سياسي يستخدم العنف ولكن في المرحلة الحالية هناك دلالات يجب أن ندرسها لمستقبل هذه الجماعات بعد خروجها واستغلال تنحي الرئيس حيث قاموا بالاستيلاء علي جميع مقراتهم بأسيوط والمنيا التي سبق مصادرتها من قبل الدولة وهذه رسالة يجب أن نأخذها في الحسبان ولكن هل تعود الجماعات للعمل بنفس الفكر القديم؟ يقول الباز هذا يحتاج لنوع من التأمل حول المراجعات وتوبة الجماعات فمن الصعب الرجوع عن توبتهم لاسيما أنها مراجعات موثقة بناء علي نصوص فقهية والرجوع عنها سوف يفقد مصداقيتهم أما الشارع المصري خاصة أن الشارع المصري الأغلبية تميل إلي الفكر الليبرالي ومن قام بهذه الثورة هم شباب لا ينتمون لأي تيارات دينية وبالتالي الثورة خلقت نوعا من الوعي للشارع المصري.
وأضاف الباز أن المجتمع الآن يسمح بحرية العمل السياسي وليس الديني وإذا انحرفوا عن المجال السياسي إلي الديني سوف تصبح الجماعات في بؤرة الاتهام أما التخوف من دعوتهم للإفراج عن الشيخ عمرو عبدالرحمن أو عبود وطارق الزمر لا يقلق فهو نوع من المطالب الرمزية وتكريما لهم لاسيما أن أعمار هؤلاء الزعماء انهكت ولا يوجد ما يدعو للتخوف منهم والشارع المصري الآن تجاوز هذه الزاعمات التي لا يمكن أن تجد قبولا داخل الوسط المصري.
وحول دعوة الجماعات بإقامة دولة مدنية ذو مرجعية إسلامية قال الباز إن هذا نوع من الاستخفاف بالعقل والتهريج السياسي غير المقبول لأن الدولة إما مدنية أو دينية ولا يمكن الجمع بين الاثنين فهذا نوع من خلط الأوراق ويقلق الشارع المصري من نيتهم حول موقفهم ويشير إلي ازدواجية اللعب علي جميع الأطراف والخطوط ولا يمكن السماح بهذه الفكرة إلا إذا تم الاعتراف بحق تطبيق الشريعة الإسلامية علي المسلمين والشريعة المسيحية علي المسيحيين في إطار محدود لا يتعلق بالسياسة لأن العقيدة جزء من حرية الإنسان وترتبط بعلاقة الإنسان بربه وفكرة استخدام وإقامة دولة دينية نموذج ثبت فشله في جميع الدول لأنه لا يقبل أن يطبق في دولة مؤسسات تقوم علي القانون والمساواة بين المواطنين وهناك النموذج الإيراني الذي بدأ في الانهيار الآن.
الدين والمال..
أما الدكتور عماد صيام الباحث في الشئون الإسلامية قال إنني مؤمن بالديموقراطية ولا يمكن الحد من أي نشاط تيار يلتزم بمواد الدستور وأن لا تكون خلفيته دينية والوضع في مصر الآن غير مستقر ولن يستقر قبل عام من الآن وغير معروف طبيعة التعديلات التي تتم بعد وقف العمل بالدستور أو ترقيعه أو عدم احترامه فهناك مرحلة ضبابية سمحت لجميع التيارات وخروج اجتهادات ليس لها محل من الإعراب ولكن في جميع الأحوال لا توجد سلطة الآن في مصر حتي يتصدي للبلطجية أو أصحاب التيارات الدينية, وهذه الجماعات خرجت بعد انسحاب الدولة من دورها الأساسي في الاقتصاد وفتح المجال للأعمال الخيرية لهذه الجماعات التي استطاعت الاستحواذ علي قطاع كبير من الشعب خلال الفترات الماضية واستطاعت تحل هذه التيارات بديلا للدولة نتيجة التمويل المالي الذي تملكه سواء من الداخل أو الخارج ولكن الوضع يختلف بعد 25 يناير لأن المواطنين أصبحوا أكثر نضجا بالمجال العام والتيارات الإسلامية أثبتت فشلها خلال السنوات الأخيرة ولاسيما بعد فشل تجربتها في البرلمان وأنهم لا يملكون أي برنامج إصلاحي.
وأضاف أن إعادة الانتخاب بنظام القائمة النسبية سوف يدفع هذه التيارات لتكوين أحزاب سياسية وبالتالي سوف تجبر علي التخلي عن المرجعية الدينية إلا إذا حدثت مفاجآت في التعديلات الدستورية ولكن أمام هذا التنظيم القانوني سوف تنكشف هذه التيارات وسوف تقع في المحظور في حالة تبني فكر ديني لاسيما أن الشعب يتبني الدولة المدنية لأنه يعلم أن دولة دينية تعني الوقوع في بؤرة الانهيار أسوأ من النظام السابق وقطع العلاقات مع الدول الغربية.
وحول التمويل المالي لهذه الجماعات التي تم مصادرة جميع أموالهم من النظام السابق والتضييق عليهما ورغم ذلك فهم يملكون المال قال صيام إن هذه التيارات جزء من تنظيمات إسلامية خارجية وبالتالي تتلقي الدعم الخارجي سواء من منظمات أو حكومات عربية أو مصريين بالخارج ينتمون للتيار الإسلامي فضلا عن النشاط الاقتصادي الذي تقوم به الجماعات من خلال مؤسسات خدمية أو استهلاكية وتخرج منها أموال وهذا النشاط الضخم تقوم به التيارات الإسلامية لاسيما الإخوان ولكن في جميع الأحوال موقف هذه الجماعات سوف يتوقف علي عمل الأحزاب والتيارات الليبرالية لتوعية الشارع وكشف خطورة التيارات الدينية.
أكد الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشوري السابق أن الدولة المدنية سوف تستمر ولن يسمح لمصر سواء بالدولة المدنية لأن مصر محكومة باتفاقيات دولية تقر فيها بسيادة القانون ولا يمكن دمج السياسة بالدين لأن السياسة لعبة لا يليق بالدين إقحامه فيها لأن هذا يسيئ للدين لذا يجب تطهير هذه السياسة من كافة الأديان التي ترتبط بالأساس بقلب الإنسان وربه وقيم أخلاقية ولن نسمح لتكون مصر إيران تدفع ثمنها الأجيال القادمة.