الثانوية العامة مشكلة كل بيت, تعيش الأسرة شهور الدراسة ومن قبلها شهور الصيف تجاهد من أجل التربيط مع المدرسين لتلقي الدروس الخصوصية تأتي أيام الثانوية, وكل أب وأم يضعان أيديهما علي قلبهما تحسبا لما يحدث عند ظهور نتيجة الامتحانات. ويقضي بعض الطلبة أيامهم ولياليهم يطحنون الدروس ويبحثون عن التفوق. والبعض الآخر يتطلع إلي الجامعات الخاصة ويستندون علي أموال أسرتهم ويضمنون الدخول إلي الكلية التي يريدونها.
وسوف نستعرض معا أحداث الثانوية العامة هذا العام 2009, وهذا بعيدا عن كل ما حدث في أنظمة لهذه الشهادة من جعلها سنة واحدة أو سنتين. والمواد الخاصة لتضاف درجاتها إلي المجموع. أو التحسين أو إلغاء التحسين مما جعل هذه الثانوية بعبعا مشتت العقول وبث القلق, وأصبح عدم الاستقرار والثبات علي وضع ثابت أمرا بعيد المنال.
هذا العام كان الاجتهاد يتجه إلي أن تنجح وزارة التربية والتعليم وسياستها وتخطيطها بأي شكل من الأشكال. منعت اللجان الخاصة للامتحانات وحاولت أن تحجم الغش وكانت بعض المواد في مستوي الطلاب. والغريب أن نتيجة الثانوية العامة ظهرت بعد أيام قليلة لم تتجاوز أيام الأسبوع مبكرة عن السنوات الماضية. وكالعادة حصل عدد كبير من الطلبة والطالبات علي مجموع 100% وفي المرحلة الأولي في مكتب التنسيق, ارتفعت درجات القبول عن السنوات الماضية. وحرم طلبة وطالبات من الالتحاق بكليات القمة كما تعودنا علي تسميتها رغم تفوقهم وحصولهم علي درجات 90% وما تحتها بقليل بسبب درجة أو اثنين عن الحد الأدني الذي تم تحديده للدخول.
وتعالوا نري ما حدث للأسر التي حرم أبناءها رغم تفوقهم من دخول الكلية التي يرغبونها. الغضب والحزن والإحباط والإحساس بالفشل وضياع جهدهم وسعيم للتفوق. وضياع فرصة كانوا يأملون تحقيقها والحصول عليها.
وبدأنا نسمع عن الفرص المتاحة للكثيرين الذين لم يحققوا التفوق وتدني مجموع درجاتهم إلي أن وصل بعضهم بدرجاتهم إلي 50% وهي درجة النجاح فقط. هؤلاء أمامهم فرص كثيرة. أمامهم الجامعات الدولية والجامعات الخاصة. وآخر المطاف أمامهم التعليم المفتوح الذي فتح أبوابه في الجامعات الحكومية نفسها.ولنتصور طلبة حاصلون علي 50% في الثانوية العامة يسمح لهم بالدراسة في التعليم المفتوح في كلية الإعلام وكلية التجارة وغيرها من الكليات في الجامعات الحكومية. ولنري كيف يمكن قبول هذا الأسلوب المجحف والبعيد عن التكافؤ والمساواة. طالب متفوق يلتحق بكلية الإعلام بمجموع 90% وطالب آخر يلتحق بالكلية الحكومية ذاتها بمجموع 50%. إن هذا المبدأ ينتهك مبدأ المساواة, وهو وسيلة مكتوبة للالتفاف حول مكتب التنسيق الذي كان يكفل المساواة للجميع بغض النظر عن أية اعتبارات أخري. لقد ارتفعت كثير من الأسر تطالب بإلغاء مكتب التنسيق وأحيانا تندد به وتعتبره عائقا أمام الطلبة للالتحاق بالكلية التي يرغبونها, وأنه يفسد علي الكثيرين فرصا لتحقيق رغباتهم. وطلبت أصوات أخري مبدأ امتحانات تكميلية بعد مكتب التنسيق تؤهل هي وحدها الالتحاق بالكلية حتي لو كان المجموع الحاصل عليه الطالب في الثانوية العامة يؤهله للدخول لتلك الكلية.
ولا نعرف إلي أي طريق سوف يقودنا هذا التخطيط. وكتب نتصور طالبا لم يحقق سوي 50% في الثانوية العامة يمكن أن يكون إعلاميا ناجحا وقديرا ومساو للحقوق الذي حصل علي 90%. إن مجال الإعلام بالذات يحتاج إلي قدرات ومواصفات خاصة. وعلينا أن نتقبل ما سمح به المسئولون ما دام ذلك يتم بالفلوس – القادر المتوسط والمتدني في القدرات يتعلم بفلوسه.. وعلي العدالة والمساواة السلام. وأهلا بمن يتعلم بفلوسه!!.