إن أخطأ مواطن مسيحي فليحاكم بالقانون علي جرمه أما أن يعاقب كل أقباط الناحية فهذا حلقة من حلقات المسلسل البغيض الذي أصبح يتكرر في كل حادثة شجار بين مواطنين أحدهما مسيحي أو واقعة جريمة ارتكبها مسيحي أو حتي شائعة… فالسؤال المحير يصرخ: لماذا يعاقب الأقباط بالناحية إن أخطأ فرد… ومن ذا الذي يعاقب القضاء أم عامة الناس؟!!.
حدث هذا في ديروط منذ أسابيع وتكرر من قبل عشرات المرات وسط تقاعس أمني في أغلب الأحداث ذلك أن المرات التي تحركت فيها الأجهزة الأمنية تمت فيها وأدت الفتنة المفتعلة… أما الأحداث التي غاب فيها الأمن وقت التدمير والحرق والنهب فإن الدور الأمني كان يتمثل في فرض حصار أمني حول المنطقة… وهذه قضية ما تزال تبحث عن حل!!.
شهدت بلدة فرشوط نفس المسلسل البغيض الذي نتحدث عنه وبدأت وقائعه عشية يوم الأربعاء قبل الماضي الموافق 11/18 عندما اتهم مسلمو قرية الشقفي التابعة لمركز أبو تشت الشاب القبطي جرجس وليام (21عاما) بائع خبز متجول من قرية كوم الأحمر بفرشوط باغتصاب طفلة (12عاما) وقامت الشرطة بإلقاء القبض عليه وتحويله إلي النيابة للتحقيق وفي يوم الخميس التالي تحرش مسلمو الشقفي بالقس بنيامين نصحي راعي كنيسة الملاك والأنبا شنودة بقرية الخوالد أثناء مرورة بسيارته بطريق القرية حتي فر بأعجوبة. ثم جاء يوم الجمعة الفاصل بفرشوط وقري مختلفة للانتقام من الأقباط, في ظل غياب تام للشرطة.
في صباح يوم السبت تم تقديم الشاب القبطي للنيابة وسط تجمهر المئات من عائلة التراكوة التابعة لقبيلة الهوارة وتضامن معهم المئات من المدينة للمطالبة بتسليم الشاب لقتله الذي مازال تتعدد الروايات بشان الاتهامات الموجه له وأمرت النيابة بحبسه لحين ورود تقرير الطب الشرعي بشأن واقعة الاغتصاب وقد تعرض مركز شرطة فرشوط للقذف بالطوب وأثناء ذلك اشتعلت النيران في متجر يملكه قبطي واعتبرته الشرطه حدثا فرديا.
وفي ظل هذه الفوضي أغلق أقباط المدينة متاجرهم حيث فوجئ الجميع بثورة الغوغائية تهاجم منازلهم بالطوب ثم بدأت عمليات اقتحام المتاجر وفتحها ونهب ما بها وإشعال النار فيها أمام أصحابها الذين كانوا يتابعون ضياع أرزاقهم دون فعل شيء , واستمر الهجوم منذ الساعة الحادية عشر صباحا وحتي العاشرة مساء لم تستطيع الشرطة السطرة عليه إلا بعد الاستعانة بقوات أمن أسيوط وسوهاج وإطلاق القنابل المسيلة للدموع ثم انتقلت الاعتداءات علي قري مجاورة ولم تسيطر الشرطه عليها مثل قري البنيوية و الكوم الاحمر و العضيمي و أبوشوشة و العركي والقارة وشرق السكة الحديد.
##وطني## تابعت وقائع الأحداث المؤسفة التي بدأت بتحرشات يوم الخميس 19 نوفمبر وتفجرت يوم السبت التالي ثم انتقلت حمي الاعتداءات إلي مناطق وقري أخري بفرشوط ومركز أبوتشت المجاورة علي مدار يومي الاحد والاثنين الماضيين رغم التواجد الأمني ورصدت وطني بالصور والفيديو لقطات حية من الهجوم علي متاجر الاقباط والصيدليات التي تجاوزت الـ 40 متجرا, فضلا عن عملية التهجير الذي تعرض لها أقباط قرية الكوم الأحمر الذي ينتمي لها الشاب المتهم بإغتصاب الفتاة ورفض الكنيسة لكل محاولات الصلح قبل تعويض الضحايا.
من يعوضنا
قال المقدس شنودة العبد من كبار أقباط فرشوط والذي تعرض متجره سوبر ماركت للحرق إن عدم خروج الأقباط حال دون وقوع ضحايا بشرية وخسائر السوبر ماركات الذي يقع في شارع زغلول وتقدر بنحو 100 ألف جنيه وكان بجواره محل ملابس ## اشرف ##تم نهبه أيضا , وكنا ذهبنا للمحامي العام بقنا وقلنا له أن المئات كانوا يحملون العصي وجراكن البنزين وهم شباب وأشخاص بالغين قاموا بمهاجمة كل ما يملكه الأقباط.
أشار العبد: أقباط فرشوط لا يعرفون الشاب القبطي المتهم الذي يعيش بقرية تبعد عن فرشوط بنحو 20 كم فهو خارج بندر فرشوط وأتعجب من أن يكون خطا شاب يكون سببا في فتح النار علي اقباط فرشوط وابو تشت وبث الرعب داخل الاسر القبطية التي منعت أبنائها من الذهاب للمدارس أو حتي الذهاب للكنائس وأتساءل من سيعوض الأقباط عن خسائرهم التي حلت بهم ومن سيحميهم من أي محاولات جديده للهجوم في ظل تعرض بعض القري مثل أبوشوشه والعراكي بمركز أبوتشت للهجوم أيام الأحد والاثنين؟
وفي قري ومراكز مجاورة
وخيمت الاعتداءات التي تعرض لها أقباط فرشوط بظلالها القاتمة علي محافظة قنا وانتقلت حمي الاعتداءات إلي قري مركزي فرشوط وأبو تشت حيث تعرض أقباط أبوشوشة التي تبعد عن نجع حمادي بـ 25 كم والتابعة لمركز أبوتشت لاعتداءات فجر الاثنين أسفرت عن نهب و حرق صيدلية وثلاثة متاجر رغم أن القرية تبعد عن فرشوط موقع الأحداث ورغم بعد مركز اطفاء القرية بمسافة كيلومتر فقط إلا أن سيارة الأطفاء لم تحضر سوي بعد ساعة من الإبلاغ حسب رواية أصحاب المتاجر.
وفي قرية العركي التي تبعد عن فرشوط بـ 10 كم تم حرق ثلاثة زراعات ومنزل يملكهما الأقباط وألقت الشرطه القبض علي بعض المسلمين وعلي قبطيين حسب رواية شهود عيان بسبب وقوفهما أمام منزلهما وهم يحملان عصي للدفاع عن منزلهما .
التعويض ثم الصلح
صرح لـ##وطني## نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس -أسقف نجع حمادي وتوابعها الاعتداءات المنظمة استهدفت الأقباط في مدينة فرشوط وأبوتشت والقري التابعة لها وهي البنيويه و العضيمي و الكوم الأحمر والقارة واالعركي و شرق السكة الحديد حيث أسفرت الأحداث عن حرق ونهب مايزيد عن 40 متجرا و 5 صيدليات وتدمير حافلتين ونهب بعض المنازل والهجوم استمر من الساعات الأولي من يوم السبت وحتي العاشرة مساءا لم ينجح الامن في وقف المعتدين رغم صرخات واستغاثات الأقباط التي لم تنقطع وكانوا ضحية لخطأ فرد وبغض النظر عن الواقعة فهو حادث فردي لا يتحمل عواقبه جميع الأقباط وقد تم القبض علي الشاب ويتم التحقيق معه أمام سراي النيابة , وأطالب بضرورة تشديد الرقابة الأمنية وفرض سيطرة كامله علي جميع الطرق المؤدية بين فرشوط ونجع حمادي وأبوتشت والبهجورية حتي لا يتحول الأمر لكارثة مروعة تعيد الذكريات الأليمة لأحداث الكشح ودار السلام.
أضاف نيافته: أرفض كافة المحاولات الشعبية والأمنية لعقد جلسة صلح ##لا صلح قبل تعويض الضحايا## هذا أقل الحقوق لرد الاعتبار لخسائر الأقباط الفادحة.
فنحن نطالب بالتعويض ومعاقبة المحرضين والفاعلين لهذه الاعتداءات التي وقعت ضد مواطنين أبرياء.
أشار نيافة الأنبا كيرلس: الأحداث التي بثت الرعب في قلوب الأقباط دفعت إلي هجرة أقباط قرية الكوم الأحمر الذين تركوا منازلهم خوفا من البطش بهم ولجأ البعض إلي الأقارب في مناطق بعيدة, في حين أعدت الكنيسة أماكن للبعض الآخر للإقامة بها لحين عودة الهدوء للقرية, كما تم إبعاد أسرة الشاب القبطي, والتحفظ عليها في مكان آمن.
قال نيافته: انتقد التأخير الأمني في حماية الأقباط, واعتبر أن قوات الأمن المتواجدة ليست بالكفاءة المطلوبة للسيطرة علي الأوضاع, حيث أن قوات الشرطة لا تفعل شيئا سوي تلقي البلاغات بأحداث جديدة والانتقال لموقع الحادث بعد التعدي عليه دون إنقاذ الأوضاع قبل وقوعها.
* مسلمون يتصدون
رصدت وطني علامات مضيئة قامت بها بعض العائلات المسلمة بفرشوط التي رفضت هذه الاعتداءات ووصفتها بانتفاضة الحرامية, وكان شهود عيان أقباط تحدثوا عن بعض العائلات المسلمة التي قامت بحمايتهم من الغوغائية وحماية كنيسة العذراء من مهاجمتهما ومن هذه العائلات عائلة أبو سحلي والمخلوفية, وعائلة النجاجرة..
قال سعيد أبو الوفا أبو سحلي: يعيش بعض الأقباط بالقرب من مساكن عائلة أبو سحلي التي تصدت لمحاولة دخول الغوغائية للتعدي علي بعض الأقباط وممتلكاتهم, وهناك مجموعات من الغوغائية حاولت خطف الشاب القبطي من قسم الشرطة وقذفوا مركز الشرطة بالطوب وأصف هؤلاء بالمرتزقة ولم ينجح الأمن في التصدي لهم نتيجة الفوضي التي عمت المدينة وأرفض تحمل جميع الأقباط العقاب لخطأ فرد.
اللواء ممدوح أبو سحلي عضو مجلس الشعب السابق أكد بالقول: أنا حزين لهذه الأحداث المؤسفة ضد الأقباط الذين تربطنا بهم علاقة محبة من زمن طويل واعتبر ما حدث هو تعدي علي القانون وخروج سافر لمجموعات من البلطجية يجب معاقبتهم, ومن جانبي قمت بإجراء اتصالات مع جهات أمنية بقنا لحسم الأوضاع ولا استطيع تحميل الأمن المسئولية لأنه ربما تكون هناك ظروف تصعب من مهمة الجهاز الأمني في السيطرة علي الأوضاع.
للعائلات الكبيرة دور
قال جمال رشدي مخلوف عضو مجلس محلي فرشوط: تقع كنيسة السيدة العذراء بالقرب من عائلة المخلوفية التي تصدت أيضا لمحاولات حرق الكنيسة ومنعت الهجوم عليها ونحن نعيش مع الأخوة المسيحيين منذ سنوات طويلة وهذه هي المرة الأولي التي تتعرض فيها فرشوط لمثل هذه الأحداث التي لم يمس فيها قبطي من قبل حتي في هوجة الإرهاب بفترة التسعينيات وهناك 15 أسرة قبطية تعيش وسط (عائلة مخلوف) ولم يسمح لأي شخص الاقتراب منهم وما حدث محاولة لهز استقرار أمن فرشوط والأمن قام بإرسال أكثر من 30 مدرعة للمدينة للسيطرة علي الاوضاع وكنت وافراد من عائلتنا وبعض العائلات الشريفة الأخري نتحرك مع الأمن لوقف الهجوم ولكن الأمور كانت تتسع في قري أخري!.
وأضاف رشدي: مدير أمن قنا قام بالاجتماع مع كبار العائلات بفرشوط وحضر الاجتماع مساعد وزير الداخلية لمنطقة شمال قنا وطالب بضرورة إعادة الاستقرار للمدينة وهدد أعيان فرشوط بأنه إذا لم يعد الهدوء فإنه سوف يستخدم العنف والقوة مع الجميع وقام مدير الأمن بتقسيم المناطق علي العائلات بحيث تكون كل منطقة مسئولة من العائلة بحمايتها وحماية الأقباط فيها في إطار التعاوني الأمني مع العائلات, وبالفعل بدأت كل عائلة الرقابة علي منطقتها مما أعاد الهدوء لمدينة فرشوط.
أشار رشدي: أمين الحزب الوطني بقنا الدكتور خيرت عثمان القاضي قام بعقد اجتماع مع المحليين وقيادات الحزب بفرشوط والعائلات ومنها عائلة المخلوفية وأبو سحلي والنجاجرة والرفاعية والصورات وأبو غلاب بهدف قمع هذه الفوضي وذهبنا بعدها للكنيسة بفرشوط من أجل ترتيب جلسة ومحاولة مخاطبة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي وفرشوط لإيجاد علاج لإحتواء الأوضاع والذي ناقش قضية صرف التعويضات للمتضررين وهذا ما تم نقله لمحافظ قنا والقيادات التنفيذية.
حصر الخسائر
قال أحمد رشوان عضو مجلس الشوري عن دائرة فرشوط: خطأ الفرد لا يعني خطأ الجماعة, وما حدث شيء يدعو للخجل لأن الخطأ يحدث في كل المجتمعات ولكن رد الفعل هو نوع من التهور وقد تحدثت مع نيافة الأنبا كيرلس الذي أبدي استياءه من تحريض المعهد الأزهري للأحداث الأهم في الوقت الحالي هو تعويض المتضررين, حيث تم حصر الخسائر وعرضها علي المحافظة للنظر في هذا الشأن, وأطالب بتطبيق القانون ومعاقبة الجناة في حق المجتمع ليكون رادعا للجميع.
أكد طلعت شمروخ نقيب المحامين بفرشوط: الأمور عادت للهدوء الآن وتم نقل التحقيق مع الشاب القبطي إلي محكمة جنايات قنا بعيدا عن فرشوط حتي لا يتكرر ما حدث كما يتم التحقيق مع المتهمين في أحداث الشغب أمام المحامي العام ووصل عددهم أكثر من 50 شخصا بتهم الشغب والاتلاف العام وإثارة الفتنة.
النيابة تعاين
كانت الشرطة ألقت القبض علي 70 شخصا في أحداث فرشوط و قرر محمد عطية المحامي العام لنيابات شمال قنا حبس 52 شخصا من مثيري الشغب لمدة 15 يوما, كما قرر إخلاء سبيل 15 آخرون (قصر) بعد عرضهم علي الطبيب الشرعي بكفالة 300 جنيه.
انتقل فريق من النيابة العامة بأبو تشت برئاسة هاني عيد مدير النيابة لمعاينة المحلات التجارية التي احترقت بقرية أبو شوشة الأحد الماضي في الوقت الذي كثفت أجهزة الأمن من تواجدها بمركزي أبو تشت وفرشوط لتأمين جميع دور العبادة به, كما عقد الدكتور خيرت عثمان أمين الحزب الوطني بقنا واللواء طه الزاهد مساعد وزير الداخلية لأمن الصعيد لقاء شعبيا مع أهالي قرية شوشة لمحاولة تهدئة الموقف إلا أنه لم يسفر عن أية نتائج.
وصرح مصدر من مجلس مدينة فرشوط أنه تم تشكيل لجنة من أعضاء مجلس محلي المحافظة من أبناء مركز فرشوط وأعضاء محلي مركز ومدينة فرشوط لحصر المضارين من أصحاب المحلات التجارية والمكتبات والصيدليات حيث تم حصر الخسائر التي وقعت بفرشوط 35 متجرا و 5 صيدليات وأتوبيسين والجمعية القبطية الخيرية لعرضها علي المحافظ هذا بعيدا عن خسائر قرية أبوشوشة والعركي.
* ضد التمييز تطالب مبارك
من جانب آخر أصدرت مجموعه مصريون ضد التمييز الديني بيانا أدانت فيه أحداث فرشوط وناشد البيان الرئيس حسني مبارك -رئيس كل المصريين- التدخل الفوري لإنقاذ المصريين الأقباط في فرشوط وما حولها, من بطش الرعاع والغوغاء ومن ورائهم من قيادات هدامة تسعي لزرع الفتنة وبث الفرقة بين المصريين باسم الدين ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الهجوم علي الأقباط المسالمين سواء بالاعتداء أو بالتحريض.
كما طالب البيان الذي وقع عليه العديد من السياسين والمفكرين الرئيس مبارك باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمحاسبة القيادات الأمنية المتخاذلة والتي لعبت دور المتفرج أمام عمليات السلب والنهب والحرق والتخريب التي تعرضت لها ممتلكات الأقباط في فرشوط.
أكد البيان علي حق كل من أضير في هذا الهجوم الفاشي في التعويض عما لحق به من خسائر مادية ونفسية ومعنوية جسيمة, واستنكرت المجموعة ما قام به بعض المتعصبين من حرق وإهانة لرموز الديانة المسيحية, ونطالب بتقديم كل من تورط في جريمة إزدراء دين سماوي أو التعرض للممتلكات العامة والخاصة, إلي القضاء ومحاسبته وفقا لأحكام القانون وبمنأي عن الجلسات العرفية الهزيلة التي تنذر بردة حضارية ومجتمعية, وتتيح لكل خارج عن القانون أن يعيث في الأرض فسادا بلا رادع أو عقاب.