إلغاء جهاز أمن الدولة وإنشاء قطاع مختص بمكافحة الإرهاب كان مطلبا مهما للثورة, حيث أصدر منصور العيسوي وزير الداخلية قرارا بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بجميع إداراته وفروعه ومكاتبه بجميع محافظات الجمهورية, كما قرر الوزير إنشاء قطاع جديد بالوزارة تحت مسمي قطاع الأمن الوطني يختص بالحفاظ علي الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية بحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب وذلك وفقا لإحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته.
سوف يجري اختيار وتسكين ضباط القطاع الجديد خلال الأيام القادمة ليؤدي دوره في خدمة الوطن, وذلك بعد أن شهدت الأيام القليلة الماضية اقتحام أعداد كبيرة من المواطنين لمقرات هذا الجهاز في مختلف المحافظات,مما دفع عددا من رجال أمن الدولة للتخلص من بعض منها والتي حوت أسرارا خطيرة تمس الأمن العام وشخصيات بارزة في المجتمع.
حول إلغاء أمن الدولة
خارج عن القانون!
في البداية أوضح اللواء سامح سيف اليزل مدير مركز الجمهورية لمكافحة الإرهاب أن كل مكاتب أمن الدولة كانت بها أماكن وأدوات للتعذيب وكانت لا تخضع للتفتيش أو الرقابة, حيث كان يصل التعذيب لحد القتل, لذلك عرف عن هذا الجهاز بأنه جهاز قمعي وذكر المئات من المعتقلين في السابق من قبل هذا الجهاز حدوث تجاوزات شديدة بحقهم, من إهانات وضرب واعتداءات جنسية وصعق بالكهرباء بل والضغط علي المعتقلين بالاعتراف علي أشياء لم يرتكبوها. وهناك معلومات علي درجة عالية من السرية سبق أن تم تكليف الجهاز بها وتخص أمن الدولة بشكل أساسي مما يجعل تداولها يشكل خطورة علي أشخاص بعينهم خاصة أن هناك أجهزة أخري قد تكون متورطة في بعض هذه الأعمال.
اقتحام الجهاز!
وقال اللواء فؤاد علام نائب رئيس أمن الدولة السابق: إن اقتحام الجهاز تقف وراءه جهات لها أهداف خاصة والجميع يعلم ذلك, كما أن تسريب وثائق مهمة في أيدي أشخاص غير معروف هويتهم يضر بالأمن القومي المصري.
وعن الانتقادات التي توجه لجهاز أمن الدولة قال: إن ما يثبت هذا هو تحقيقات النيابة وليس وسائل الإعلام وأي جهاز في الدولة قد تصدر منه تصرفات غير مسئولة من أفراده, مؤكدا دور جهاز أمن الدولة في إعادة تأهيل شباب الجماعات الإسلامية ومراجعتهم عن أفكارهم عن طريق دورات تدريبية وتثقيفية بالحجة والبرهان.
الجهاز غير منصوص عليه بالدستور
أوضح الدكتور إبراهيم درويش الفقية الدستوري-أن جهاز أمن الدولة معني أساسا بمكافحة الإرهاب والاخترافات التي تحدث للبلاد ولكن أسيئ استعمالة بالتدخل في شئون المواطنين وترويعهم والجهاز لاتوجد بشأنه بنود بالدستور والقانون تنص علي إنشائه, وإنما هو عبارة عن شركة خاصة تتبع النظام وبها انحرفات شديدة كتعذيب وترويع المواطنين.
دعا إلي تكوين 50% من جهاز الأمن الوطني من ضباط الشرطة و50% من أطباء نفسيين وقانونيين والتعامل بسياسات جديدة مع المواطنين.
تنقية الأجهزة الأمنية
ومن جانبه قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: مطلوب إعادة هيكلة كل الأجهزة الأمنية وتنقيتها من الانحرافات والتجاوزات في كل شئون المواطن بما فيها الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات الطلابية.
أما بخصوص الاستراتيجية المقترحة لجهاز الأمن الوطنيأمن الدولة سابقا فقال الدكتور متولي عبد العاطي خبير استراتيجيات الأزمات والإدارة العالمية المتقدمة وشئون التأمين: لابد أن تصاغ استراتيجية محورية لعمل جهاز الأمن الوطني تتلائم مع كافة الظروف الراهنة والمستقبلية علي أسس علمية ليكون الجهاز في مصاف أجهزة الأمن العالمية يحترم الشعب ويقدر مقدساته, مع وضع منهجية أمنية يتفق عليها المجتمع وشرائحة المختلفة,ووضع معايير محددة لاختيار الضباط بحيث يتم تأهيلهم بصفة مستمرة بكافة العلوم السلوكية المستحدثة كإحدي أدوات التعامل والكشف عن الشخصية المراد التعامل معها, مؤكد أهمية تغيير هؤلاء الضباط من مواقعهم كل فترة زمنية محددة لعدم تكوين تنظيمات سرية في العمل.
إلغاء الجهاز مطلب مهم للثورة
وحول إصلاح الأجهزة الأمنية والتحول إلي الديموقراطية قال الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنه لم يعد لهذا الجهاز مصداقية ولايرجي منه نفع لأن هناك أجهزة أخري تراقب أمنها الخارجي وعلي درجة عالية من الكفاءة.
وأوضح الدكتور جمال زهران الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: جهاز أمن الدولة تدخل في كل شئ في مصر وأصبح يهدد ويروع المواطنين, ومن المفترض أنه جهاز يحافظ علي أمن الدولة من المؤامرات والاختراقات الخارجية لكنه خرج عن هذا الدور وتجاوز حدوده.
كان جهازا لأمن النظام وليس للمواطنين
ومن جانبه قال الناشط الحقوقي محمد زارع رئيس الجمعية المصرية لمساعدة السجناء: إنه من المعروف أن من قام بإحراق مقار أمن الدولة هم الضباط أنفسهم, وأن الوثائق والمستندات أصبحت غنيمة في أيدي المواطنين, أما عن سبب إحراق الملفات فإنه من المؤكد بعد تدخل الجهاز في كل شئ أصبحت هذه الملفات تدين كل الضباط التي عملت في السنوات الماضية.
وأكد الدكتور محمد ندا الأستاذ بأكاديمية ناصر العسكرية -أن الجهاز الأمني لابد أن يستمد قوته من لشعب وليس من تهديد أو ولائه للحزب الحاكم أو النظام, مطالبا بعودة الأمن لمصر لأنه الشغل الشاغل لأي مصري وإعادة الثقة بين المواطن ورجل الشرطة بكافة الوسائل منها اللقاءات الفكرية.
واتفق عبد الرحمن فارس عضو شباب ائتلاف الثورة مع قرار حل جهاز أمن الدولة نظرا لتدخله في شئون حياة المواطنين العادية, مطالبا بإحالة القيادة الكبيرة إلي المعاش وسرعة محاسبة المسئولين عن حالات القتل والتعدي.
الجهاز في سطور
جدير بالذكر أن الجهاز تم إنشاؤه عام 1913 علي يد الاحتلال الإنجليزي لتتبع الوطنيين والقضاء علي مقاومتهم, ويعد أقدم جهاز من نوعه في الشرق الأوسط, وكان قائده يتلقي أوامره من الملك, وفي عهد السادات سميبمباحث أمن الدولة ثم جهاز أمن الدولة وأصبح هدفه حماية الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف.