أثارت عودة العلاقات المصرية الإيرانية جدلا كبيرا فبينما أعلن وزير الخارجية نبيل العربي تصريحات حول إعادة العلاقات مع إيران وتلي ذلك إعلان وسائل الإعلام الإيرانية أن إيران عينت سفيرا لها في القاهرة أكدت الخارجية الإيرانية علي لسان متحدثها الرسمي أن تعيين سفير لها في القاهرة مسألة لا تزال موضع بحث.
أكدت السفيرة منحة باخوم المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية أنه لم يتم الاتفاق علي عودة العلاقات بين مصر وإيران, كما أشارت إلي أن اللقاء الذي جري مؤخرا بين وزير الخارجية نبيل العربي والقائم بالأعمال الإيرانية بالقاهرة السيد مجتبي أماني لم يتناول هذا الموضوع.
يعود الخلاف بين مصر وإيران إلي عام 1979 واندلاع الثورة الإسلامية في إيران متزامنة مع توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل.
ويشير الخبراء إلي أن هناك عددا من العوامل أسهمت في زيادة التوتر أهمها ملف تسوية الصراع العربي الإسرائيلي وهو الملف الذي حملت مصر مسئولية تسوته خلال الفترة الماضية بالطرق السلمية ورأت أن أي تقدم فيه هو دليل علي جدارة خيار السلام المصري في حين انحازات إيران إلي خيار المقاومة.
كما حاول الدكتور عصام شرف خلال زيارته للسعودية وقطر والكويت نزع فتيل المخاوف الخليجية من التقارب المصري الإيراني والتأكيد علي أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر.
تعليقا علي هذا الموضوع يقول المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح, الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن هناك توجهات لدي شرائح اجتماعية عديدة لإحداث قدر من التغيير في علاقات مصر الخارجية بعد ثورة 25 يناير, في محاولة ملء الفراغات التي خلت من نظام الرئيس السابق, وهذه الشرائح النخبوية والشبابية تري أن الخلاف مع إيران لم يكن خلافا جذريا واستعادة هذه العلاقات من الممكن أن تخدم الأمن في المنطقة, وتحديدا في الدائرة الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي, وكان ينبغي لإيران أن تقدم بعض التنازلات, مثل إزالة اسم الشارع الذي يحمل أسم قاتل الرئيس الراحل أنور السادات خالد الإسلامبولي.
أضاف: ينبغي إعادة صياغة متوازنة للعلاقات تراعي بعض الحساسيات المذهبية حتي وإن كان المصريون لا يشعرون بتناقض مع المذهب الشيعي علي عكس المؤسسة الوهابية الضاغطة, فالثقافة المصرية لديها رؤية أكثر انفتاحا وعمقا للمذهبية وإن كان المصريون أيضالا يقبلون بالتمدد المذهبي.
وقال السفير محمود شكري سفير مصر السابق في سوريا: لدينا قائم بالأعمال الإيرانية في القاهرة وهو دبلوماسي علي درجة سفير وما تم إعلانه عن استئناف العلاقات مع إيران يأتي من مبدأ عدم ممانعة مصر قيام علاقات دبلوماسية مع أي دولة من ةول العالم ومن بينها إيران ولكن توقيت الإعلان عن هذا الإجراء لم يكن موفقا نظرا للتوتر الشديد في العلاقات بين إيران ودول الخليج في هذه الفترة واتهامهما بالوقوف وراء محاولة الانقلاب علي الحكم في البحرين.
أضاف السفير محمود شكري: هناك أسباب أخري تعوق استئناف هذه العلاقات منها ممانعة الجبهة الداخلية المصرية لقيام هذه العلاقات تقودها التيارات اللبيرالية والعلمانية والتي تخشي حدوث مد شيعي.
أضاف الدكتور مصطفي اللباد الباحث في الشئون الإيرانية بقوله: هناك عوامل موضوعية تعوق قيام هذه العلاقات التي تم الإعلان عنها بتعجل أهمها أن دول الخليج تعتبر إيران تهديدا لأمنها القومي الذي يرتبط بالأمن القومي المصري ومن هنا فإن قضية توتر العلاقات الإيرانية الخليجية كواحد من من أهم المعوقات أمام إقامة علاقة بين مصر وطهران.
نفي اللباد أن تكون العلاقات الإيرانية المصرية في حال عودتها موجهة ضد أمن إسرائيل أو المصالح الأمريكية في المنطقة مؤكدا أن أطرافا إيرانية هي من يحاول ترويج تلك الطروحات, وتعطي انطباعا بأن العلاقات المصرية الإيرانية سوف تنتج تحالفا قويا ضد التحالف الأمريكي الإسرائيلي, وهذا قفز فوق الواقع الموضوعي, الذي يشير إلي وجود صعوبات حقيقية تواجه فتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين.
أوضح الدكتور جمال عبد الجواد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: حسابات المصلحة هي التي غلبت مسألة عدم استئناف العلاقات مع إيران لأمن مصر لديها حلفاء استراتيجيون في المنطقة يتمثلون في دول الخليج العربي وهي علاقات عميقة وتاريخية ولا يمكن التضحية بها في سبيل إقامة علاقات مع إيران لأن دول مجلس التعاون الخليجي تستضيف ملايين المصريين العاملين فيهاز فضلا عن أن إيران تمثل تهديدا لأمن هذه الدول ممايعد تهديدا مباشرا لأمن مصر القومي وفي دعم إقامة علاقة مع إيران وعليها التزام تجاه دول الخليج باعتبارها قوة إقليمية كبري في المنطقة.
أضاف د. جمال عبد الجواد: استقبال بعض دول الخليج للدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وتأجيل زيارته إلي الإمارات, يحمل رسائل ضمنية إلي مصر, مفادها أن دول مجلس التعاون حريصة علي العلاقات مع مصر, ولديها الرغبة في دعمها في تلك المرحلة التاريخية وفي الوقت نفسه لديها تحفظات بشأن توجهات محتملة لإقامة علاقات مع إيران.