قد يستغل المرشحون للانتخابات البرلمانية الحاجة المادية للأسر المصرية ويقومون بتوزيع ما يطلق عليهاشنطة الانتخابات وهي شنطة تحوي بعض السلع التموينية واللحوم والدواجن للتقرب من الناخبين وضمان شراء أصواتهم وهو الأمر الذي كان متعارفا عليه في الانتخابات السابقة حتي أصبح شعار الانتخابات ##أقصر طريق إلي صوت الناخب معدته## ولكن هل سيكون هذا شعار الانتخابات القادمة التي من المفترض أن تكون علي قدر عالي من النزاهة والشفافية؟ وهل يمكن أن ينساق الناخب وراء شنطة الانتخابات أم يتم قبولها نظرا للفقر والعوز دون أن تؤثر علي صندوق الانتخابات؟ وتساؤلات أخري يجيب عنها هذا التحقيق.
تقول الدكتورة نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة: ما يطلق عليه شنطة الانتخاب هي نوع من الرشاوي الانتخابية حيث يظهر فجأة المرشحون كملائكة يوزعون السلع واللحوم علي الأسر التي تعاني الحاجة والفقر قبل أيام من موعد الانتخابات لضمان كسب أصواتهم الأمر الذي يوضح أن الانتخابات لا تزال تدار بنفس الطريقة التي كانت تدار بها من قبل وللأسف فكرة استغلال الحاجة المادية للأسر من أسوأ أشكال استغلال الانتخابات وعندما لم يجد المواطن المصري المرشح الذي يستحق ويعبر عنه فإنه يختار علي أسس عاطفية قد تكون علي أساس المرشح القادر علي حمايته أوعلي أساس ديني أو علي أساس عائلي وذلك عندما تفشل القوي السياسية التواصل معه.
ربما مثل هذه الوسيلة من وسائل الدعاية الانتخابية تنتشر في مناطق دون أن يكون لها تأثيرعلي الناخب ففي صعيد مصر تقبل فكرة الذبائح وتوزيع اللحوم علي سبيل الواجب والتحية.
ويكون الاحتياج الأكبر نظرا للظروف الثقافية إلي فكرة الحماية الشخصية وأن يوجد من يحميهم من عسف الشرطة والأخذ بالثأر.
أما في مناطق الوجه البحريفإن احتياجهم يختلف عن الصعيدفليس هناك خوف من عسف الشرطةوإنما من الفكرالسلفي.
أشارت د. نهاد إلي أنه لا يمكن إقناع الأسر بعدم قبول الرشاوي الانتخابية الممثلة في شنطة الانتخابات لأن الأسر البسيطة لا تنظر لها علي أنها رشوة كما ينظرلها نحن المثقفون وإنما تنظر لها علي سبيل الهدية وتقبلها لأسباب الفقر والاحتياج المادي.
ويبقي السؤال هل قبول شنطة الانتخابات معناه التصويت للمرشح الذي قام بتوزيعها؟ تجيب الدكتورة نهاد قائلة: ليس شرطا أن يصوت الناخب لمن منحه السلع الغذائية ووزع عليه كيلو لحمة فإذا وجد الناخب المرشح الذي يعبر عنه واقتنع به فسوف يصوت له ولا يمنع هذا قبول الشنطة الانتخابية من مرشح آخر, وسوف يفاجئ المواطن المصري كل القوي السياسية باتجاهات تصويتية مختلفة عن كل التوقعات لأن الناس أصبحت في أشد الاحتياج إلي من يعبر عنهم وليس لمن يقدم هدايا ونحن كجمعيات أهلية نعمل بشكل منظم علي توعية الأسر انتخابيا في جميع المناطق من خلال فكرة وجود شخص يعمل علي توعية خمسة أفراد علي سبيل المثال ويتم عمل مطبوعات بشكل بسيط ورخيص يحوي معلومات مبسطة ورسوما كاريكاتيرية حول الانتخابات والقوائم النسبية والفردية وكيفية اختيار المرشح علي أساس برنامجه الانتخابي وعلي أساس معايير معينة.
من ناحية أخريقالت الدكتورة هدي زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي: المصريون لا يمكن خداعهم بسهولة فهم يصوتون لمن يريدونه ولا أحد يراقب الورقة التي يصوتون فيها, هم يقبلون الشنطة نظرا للاحتياج والعوز, ومسألة الرشاوي الانتخابية متعارف عليها حتي في الدول الأجنبية ففي أمريكا هناك الرشاوي التي تليق بالثقافة الأمريكية مثل إعطاء وعود للناخبين ولكن تظل مسألة رشوة الناخب المصري شديدة السذاجة في ظل الظروف الراهنة لأن الأسر البسيطة هي التي ذهبت إلي ميدان التحرير وشاركت في الثورة وبالتالي لا يمكن أن تصوت إلا لمن يعبر عنها فهناك وعي اجتماعي سياسي, فالشنطة ليست ضمانا لكسب الأصوات, فكيف يقول الناخب نعم للمرشح الذي أعطاه الشنطة يوم واحد فقط ويقول لا للمرشح الذي يفيده ويعبر عنه مدي طويل.