يتعرض أبناؤنا لمؤثرات عديدة منذ بداية يومهم إلي أن يخلدوا إلي نومهم…مثيرات مختلفة بالمدرسة مواقف متعددة بالمنزل.. مشاهدة ممتدة بالتليفزيون.جلوس متصل أمام الكمبيوتر.
يؤدي كل ذلك إلي اضطرابات نفسية وسلوكية ننتبه إليها أحيانا…نتجاهلها أحيانا وقد نجهلها أحيانا أخري,فمتي تقرر الأسرة أن تصطحب طفلها إلي الطبيب النفسي..وما هو حال أطفالنا داخل عيادات الأمراض النفسية.كيف أثرت المتغيرات المصرية علي طبيعة الأمراض النفسية للطفل.
الكثير والكثير من التساؤلات التي سيجيب عنها في هذا الحوار الدكتور فيكتور سامي ميخائيل أستاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية بكلية الطب بجامعة بنها, وعضو الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين.
*ماهي النسبة التي يمثلها الأطفال داخل العيادات النفسية؟
**يشكل الأطفال حوالي15% من نسبة المرضي داخل العيادات العامة, وهذه نسبة كبيرة جدا,هذا فضلا عن وجود عيادات متخصصة للأطفال فقط.
*كيف يبدو الطفل داخل العيادة النفسية؟
**إذا كان عمر الطفل صغيرا 4أو 5سنوات فتغلب البراءة عليهم ولا يرتابون من أي شئ, كذلك يتم سماع مشكلة الطفل في عدم وجوده, ثم يزور بعد ذلك الطفل العيادة حتي لا يسمع أو يعرف أنه شخص لديه مشكلة ويشكو أهله منه.والكشف علي الطفل يتم من خلال ملاحظة بعض أنشطته مثل الرسم أو التلوين أو الألعاب.
*هل تغيرت نظرة المجتمع للمريض النفسي أم مازال البعض يتكتم وجود طفلا مريضا لديهم؟
**تحسن الوعي إلي حد ما خاصة لدي المثقفين الذين أدركوا أهمية ملاحظة سلوكيات أطفالهم ودوافعها.وأيقنوا أن الإطمئنان علي صحة الطفل أهم بكثير من النظرة الخاطئة للمجتمع.
*ماهي الأمراض النفسية التي يعاني منها الأطفال الآن وهل اختلف عن العقود الماضية؟
**الأمراض هي العنف والعدوانية والغيرة والاكتئاب والانطواء والخجل والنشاط المفرط وغيرها فالأمراض لم تتغير وإنما مسمياتها وطرق علاجها وآثار ونتائج بعضها بدأ يتغير, فمثلا قديما كان يصاب الطفل بالاكتئاب فيظهر عليه بعض الاضطرابات السلوكية أو بعض المشاكل بالمعدة, أما الآن فالطفل المكتئب نجده حزينا وبعضهم يلجأ للانتحار.
*ما السبب في ذلك؟
**السبب هو المدنية والحضارة فأطفالنا يدفعون ضريبتها فتعرض الأطفال للكثير والمختلف من المعلومات ولأشياء أكبر من مرحلتهم العمرية تجعله ينمو مبكرا وتنفتح عيناه علي كل شئ. يتزامن ذلك مع الضغوط التي يعاني من الطفل وانشغال الأم المستمر وغياب الأب أحيانا أي عدم وجود العائلة المترابطة.لذا يشجع الكثير من علماء النفس علي العودة إلي نظام العائلة الكبيرة وحتي يجد الطفل السند والمعونة باستمرار.
*ما هي الضغوط التي يعاني منها الأطفال؟
**هناك ضغوط من الأسرة تتمثل في الحث الزائد والمبالغ فيه للتفوق أيضا التفكك الأسري والعنف ضد الطفل,أيضا ضغوط من المدرسة تتمثل في الضرب والقهر والتعنيف فمدارسنا الحكومية خاصة تدفع إلي المجتمع بأطفال مرضي نفسيين.وللأسف هذه الأمراض ستحدد سمات شخصية الطفل المستقبلية.
*كيف يحدد المرض النفسي سمات الشخصية المستقبلية للطفل؟
**إذا كان الطفل عدواني أو يتعمد إيذاء الحيوانات سيصبح زوجا فاشلا وموظفا عنيفا وإنسانا ذو علاقات سيئة, وقد يصبح مجرما أو مدمنا,إذا كان الطفل إنطواني فسيصبح شابا منسحبا لا يتعامل مع المجتمع,وإذا كان الطفل متقلب المزاج يمكن أن يصاب بالاكتئاب في كبره.
*في أي سنة يمكننا القول بإن الطفل مصاب بمرض نفسي؟
**بعد أن يكمل الطفل الرابعة أو الخامسة من عمره ومع بداية دخوله المدرسة.
*كيف أقرر أن ابني يعاني من مرض نفسي أم أن سلوكه الخاطئ عابرا؟
إذا استمر الطفل في تكرار السلوك الخاطئ دون أن يتحسن أو يعدل عنه كذلك إذا أثر ذلك السلوك علي إنتاجيته وسعادته لابد من اللجوء لمتخصص, لأنه إذا تفاقم السلوك سيصعب علاجه.هذا ومن المفترض أن يكون هناك كشفا نفسيا دوريا علي الطفل للاطمئنان عليه, حتي إن لم يظهر أي اضطراب سلوكي.وهذا به إفادة للطفل وللأسرة لأننا نلجأ الآن للعلاج الأسري.
*ماذا يعني العلاج الأسري؟
**اتجه الطب النفسي الآن إلي ما يسمي بالطب النفسي الأسري فأصبحت الأسرة هي الوحدة التي نتعامل معها, لأنه إذا وجدت أية مشاكل بالأسرة ستظهر علي الجهة الأضعف وهي الأبناء, لذا نبحث من خلاله عن أسباب المرض لنتحاشاها ونعلم الآباء كيف يتعاملوا مع ذلك.
*نريد مثالا للإيضاح؟
**أحيانا يشكو الوالدان من عناد الطفل, وإذا بحثنا داخل الأسرة نجد أن أحد الوالدين عنيدا مع الآخر والطفل يقلده,أيضا يحدث ذلك في أمراض الكذب والانفعال الزائد وغيره, كذلك أحيانا يشكو الوالدان من أن طفلهما مصاب بالغيرة ويتبول لا إراديا وإذا بحثنا داخل الأسرة نجد أنهم أهملوه عندما أنجبوا طفلهم الثاني أو عاملوه بعنف.
*ما هي نصيحتك للآباء ليصبح أطفالهم أسوياء؟
**اهتموا بأولادكم,امنحوهم وقتا كافيا,عبروا لهم عن عواطفكم وحبكم لهم,تواصلوا معهم,احترموا قدرات كل طفل,تواصلوا معهم,تمسكوا بالله والعبادة.
نورا نجيب