بافاريا.. طبيعة خلابة تمتزج بعبق التاريخ. تمثل ولاية بافاريا مزيجا متناسق الألوان للتقاليد والطبيعة الخلابة والشواهد المعمارية في مدن الولاية الأكبر مساحة في ألمانيا, كما أنها أضحت بعد الحرب العالمية الثانية مركزا حيويا يشكل عماد الاقتصاد والصناعة.
تعتبر ولاية بافاريا, التي تقع في الجزء الجنوبي من ألمانيا, من أكبر الولايات الألمانية مساحة إذ تبلغ مساحتها قرابة 70 ألف كيلومتر مربعا. كما أنها تحتوي علي أكثر الجبال ارتفاعا في ألمانيا وهي جبال الألب التي تمتد باتجاه النمسا. وتشتهر بافاريا بطبيعتها الخلابة وأنهارها الكثيرة كالايلر والليش والايزار التي تجري لتصب في نهر الدانوب, وشهدت بافاريا فترة طويلة من الانقسام إلي عدة دويقات وإمارات في الفترة التي أمتدت من عام 1255 وحتي 1503 عندما نجح لودفيج الخامس بتوحيد بافاريا تحت سلطته.
قصور قديمة تعبق بالماضي وبالأساطير
تحققت أكبر إنجازات بافاريا المعمارية خلال فترة حكم الملك هاينرش حيث قامت أسرة فتلسباخ بتشييد أهم الإنجازات التي لا تزال شامخة حتي اليوم وشاهدة علي روعة إبداع الفن البافاري المعماري, الذي تجلي في الكثير من المتاحف والقصور ذات الطراز المعماري الباذخ إضافة إلي القلاع. ولكن هذا الطراز المعماري شهد نوعا من الحداثة مع وصول الملك لودفيج الأول الذي كان له الفضل الأكبر في ابتكار أساليب معمارية جديدة.
وتشكل بافاريا لوحة من التاريخ الغني بالأحداث والطبيعة الجميلة والآثار الثقافية, وهو ما يجعلها قبلة متميزة للسياحة العالمية عموما, إذ يبلغ مردود السياحة في المقاطعة قرابة 26 مليار يورو سنويا وبشكل يوفر 330ألف وظيفة لسكان الولاية, ولعل أهم الشواهد المعمارية القديمة في بافاريا هي كنيسة السيدة مريم العذراء في قلعة مارينبيرج بالقرب من مدينة فورتسبورج, إذ يعود تاريخ إنشاء هذه الكنيسة إلي عام 706 بعد الميلاد.
تزاوج بين الألوان المتعددة يوحي بالروعة
كما أن بلاط ميونخ يمثل شاهدا حيا علي التزاوج بين طرازي الباروك والروكوكو, اللذان يمتازان بروعة الإنجاز والتقنية العالية في استخدام الألوان المختلفة. وإضافة إلي ذلك فإن بافاريا تشتهر كذلك بأماكن التزلج علي الجليد, حيث تكثر المساحات الخضراء في الصيف والممتزجة بأساطير قديمة توحي بالماضي من خلال القصور والقلاع القديمة التي تنتشر علي مرتفعات المنطقة وتلالها, كما تعد مدينة ريجنزبورج من أهم المعالم السياحية في المقاطعة, التي يرجع بنائها إلي القرن الثالث عشر الميلادي, حيث يقف أقدم جسر حجري في ألمانيا, أما دار الأوبرا الملكية القديمة تعتبر كذلك واحدة من أجمل المسارح المزخرفة في العالم كله.
تقاليد حية ضاربة في القدم
لا تخلو قرية من قري بافاريا من ثلاثة أماكن تقليدية هي الكنيسة والمطعم وبناية الاطفائية, ولكن في الوقت ذاته هناك نادي أو ناديين للرماية في كل قرية, ودافع إقبال سكانها قد لا يكون الحصول علي الشهرة الرياضية وحدها, بل المحافظة علي هذا التقليد الذي يبقي حيا من خلال مهرجانات الرماية التي تقام في المقاطعة, وهذا التقليد يعد مثل المهرجانات الأخري والقداسات والجلوس حول الموائد العامرة بالبيرة عماد التقاليد البافارية المتوارثة منذ أمد بعيد, فالاهتمام بالرماية يعود إلي سبعة قرون ماضية أما السراويل الجلدية فلها هي الأخري مكانة تميز البافاريين عن سكان الولايات الألمانية الأخري في مجال الملابس الفلكلورية, وتصنع هذه البناطيل البافارية من جلد الأيل والوعل, ولكن صانعي هذه السراويل الفلكلورية يستخدمون بصورة خاصة جلد الأيل الحمراء, ويتم توارث هذه السراويل من جيل إلي آخر بعد أن تتم العناية بها من خلال دهنها بالزيت الذي يجعل ملبسها مريحا.
ومازال البافاريون حتي اليوم يرتدون هذه السراويل في المهرجانات والاحتفالات الفلكلورية كمهرجان أكتوبر, الذي يقام سنويا ويستقطب جموعا كبيرة من السواح من داخل ألمانيا وخارجها.