أثارت قصة شيخ العرب همام الكثير من الجدل ولاسيما بعد عرضها في مسلسل درامي يتناول تاريخ تلك الشخصية في رمضان الماضي, ولمعرفة المزيد من لمحات الشخصية ذاتها وتفاصيل حياتها كان لـوطني لقاء مع الباحث محمود عبدالوهاب مدني مكتشف القلعة الحربية المنسوبة لشيخ العرب همام بن يوسف, والذي يقوم بتسجيل رسالة الدكتوراه بجامعة سوهاج بإشراف الدكتور محمد عبدالستار أستاذ الآثار الإسلامية نائب رئيس الجامعة حول اكتشافه قال: إن قلعة شيخ العرب كانت مدرجة ضمن الآثار الإسلامية القبطية برقم 1562 لسنة 1998 بأنها دار الأمير همام منزله الذي يقطنه غير أنه كان يتشكك في تلك المعلومات خاصة أن حاضرة همام وعاصمة حكمه كانت فرشوط بحسب ما ورد في المراجع التاريخية أنه بعد هزيمة شيخ العرب أمام المماليك بعد خيانة الأمير إسماعيل بن عبدالله لابن عمه همام وتقاعسه عن القتال نجح محمد بك أبوالدهب في كسب الحرب وقام بهدم قصر الأمير بمدينة فرشوط بعد أن استولي علي نفائسه وكنوزه, وهو ما جعلني أبحث في الأمر وقمت بزيارات ميدانية لتلك الأطلال بجبل العركي, وخلصت أن تصميمها المعماري وما يحمله شكل أبراجها من نمط البناء لا يتناسب مع نمط المنازل في تلك الفترة, واكتشفت أنها كانت ثكنات عسكرية لجيش الأمير همام الذي بدأ في تكوينه في السنوات العشر الأخيرة من حياته, وقمت بعمل دراسة متكاملة فكان الاكتشاف أنها قلعة حربية متكاملة تتألف من مبني رئيسي مساحته نصف فدان ومازالت جدرانه قائمة, ومبني صغير ربع فدان وكان يحوي مخازن وطواحين, وإلي الجنوب الغربي من تلك المباني منطقة متسعة تزيد مساحتها علي 15 فدانا بها أطلال مبان قديمة ردمت بالرمال, ويرجح أنها كانت مساكن الجند ومخازن الغلال وغيرها من لوازم الجيش, وإلي الغرب من مباني القلعة توجد منطقة متسعة مساحتها 10 أفدنة خالية من أية أطلال أو مبان, وأعتقد أنها كانت ميدان لتدريب الجند علي الأعمال العسكرية وقت السلم واستعراض الخيل في وقت المناسبات والاحتفالات خاصة أن مدينة فرشوط مقر حكم شيخ العرب لم يكن بها متسع لذلك, ولتوخي الحيطة في أعداد الجيش وعتاده.
وأكد مدني أن القلعة بنيت بالكامل من الطوب اللبن المصنوع من الطمي والرمل ونسبة من التبن بمقاس موحد للطوبة كما ملطت الجدران الداخلية بنفس المواد البنائية, لافتا أن معظم مباني القلعة تم هدمها علي يد محمد بك أبوالدهب إبان هزيمة الأمير في الحرب عام 1183 الهجري وأدت عوامل التعرية لتصدع وميول ما تبقي من مبان, وردمت الرمال الجزء الأسفل من المباني وملحقاتها وطمرت مبانيها حتي مستوي عقود فتحات الأبواب وقباب القلعة, كما تسبب هجر القلعة لقرنين وعدم ترميمها في تصدع الباقي منها وتساوت بعض ملحقاتها بالأرض.
وأشار حفيد حلفاء همام أنه وثق دراسته في كتاب مزود بصور ووثائق ومساقط أفقية لمباني القلعة من تصميمه وأمد بها فريق العمل في المسلسل أثناء زيارتهم لفرشوط, علي جانب آخر نفي عبدالوهاب ضلوعه في ذلك الاكتشاف علي خلفية انتمائه لقبيلة الصوامعة التي كانت ضمن 26 قبيلة في الصعيد أبرمت تحالفا مع همام بن يوسف في حربه مع المماليك في عام 1159 الهجري. وقال إن تاريخ همام وآثاره ليس حكرا علي المنتهي نسبهم إليه أو أحفاد حلفائه, وإنما هو تراثنا جميعا, خاصة أننا نتحدث عن حقبة عانت فيها البلاد من تبعيات حكم المماليك ودور همام في بعث الاستقرار في جنوب مصر وتجنيبه لأن يكون منهلا للسرقات ونهب الثروات ومشروعه الرائد الذي لم يكتمل في تأسيس أول جمهورية مستقلة في البلاد, موضحا أن البحث العلمي كان هو المحرك له لإنجاز اكتشافه.
وفي سياق متصل, رحب عدد من الدوائر في الصعيد بالكشف الأثري الجديد في إشارة أن اكتشاف قلعة همام الحربية يعد إضافة للآثار الإسلامية والقبطية بالمنطقة.
يذكر أن البرنس يوسف كمال أحد أفراد أسرة محمد علي وصاحب القصور اليوسفية بأرمنت نجع حمادي كان أول من بدأ البحث عن آثار شيخ العرب حيث مول بعثة للكشف عن قصر همام المنيف المجاور لمسجده بمدينة فرشوط من الناحية الشرقية الذي كان يضم 99 حجرة ومطابخ ومضايف ومكتبة ودوائر وملحقات كمخازن للغلال والأعلاف والآلات الزراعية بحسب ما رصده الرحالة الأجانب الذين زارو البلاد في تلك الفترة, وفشلت بعثة الأمير يوسف كمال في العثور علي كنز همام الذي تواترت روايات كثيرة عنه أنه مدفون تحت أنقاض القصر الذي هدمه محمد بك أبوالدهب بعد أن نهب كنوزه ونفائسه.