رفض العديد من الخبراء قرار اللجنة العليا للانتخابات والمتعلق بوضع قواعد وضوابط وشروط تنظيم مراقبة منظمات المجتمع المدني والتي أصدرتها اللجنة العليا للانتخابات , والتي رآها البعض خروجا علي المرسوم بقانون 108 لسنة 2011 وكذلك الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان الموقعة عليها مصر … حول هذا القرار تساءل بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان : لما الخشية من الرقابة علي الانتخابات ؟, معربا عن أسفه من عدم مشاهدة أي موقف من رئيس اللجنة العليا للانتخابات إلا هذا الخطاب الذي وصفه بالمرتعش الذي يخشي دائما الرقابة, بينما باقي الأمور المهمة المرتبطة بالعملية الانتخابية لم نسمع عنها شيئا , منها مدي تدخل وزارة الداخلية والتي مازالت تهيمن علي العملية الانتخابية رغم الحديث عن الإشراف القضائي الكامل عليها , وعدم قدرة اللجنة علي اتخاذ قرار حاسم في حق تصويت المصريين في الخارج, وقضية العزل السياسي , وغيرها من الأمور المهمة, مما يضع العديد من علامات الاستفهام أمامنا.
وأكد حسن علي عدم تأثر ملف الانتخابات بثورة 5 يناير, كما يحدث في ملفات الطائفية, والتعذيب الذي انتقل من مباحث أمن الدولة للشرطة العسكرية , وملف صدور تشريعات دون أخذ أطراف بعينها في الاعتبار , خاصة أننا مازلنا نعمل بنفس الآليات السابقة علي الانتخابات.
وصف الناشط الحقوقي محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي هذا التصريح بالمتعالي علي الشعب والذي يضع اللجنة العليا للانتخابات فوق المتابعة والمراقبة والمساءلة , مستنكرا الإشارة إلي الثقة في المجتمع المدني المصري ومنظماته . مشيرا إلي أن مرور الانتخابات عبر بوابة المجلس القومي لحقوق الإنسان أكبر دليل علي أن الأوضاع في مصر لم تتغير وأن ملف الانتخابات المصرية لم يختلف قبل وبعد الثورة المصرية.
قال ناصر أمين المحامي ورئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة إن الحكومة المصرية مازالت تتعامل مع فكرة المراقبة بحساسية شديدة سواء محلية أو دولية, مرجعا السبب الحقيقي لذلك هو الفهم الخاطيء لفكرة المراقبة, فهناك خلفية تاريخية شديدة الصعوبة للحكومة المصرية لمفهوم المراقبة أدت إلي الفهم الخاطيء لها, حيث إن مصر لها خلفية كبيرة مع الاستعمار منذ الاحتلال العثماني ثم الاحتلال الفرنسي. هذا الأمر أثر بدرجة كبيرة في وعي وإدراك الدولة المصرية لمفهوم المراقبة, وهي الخشية من التدخل ثم الاحتلال الذي كان يأتي في بدايته لمراقبة الوضع في مصر . لذلك هناك حساسية شديدة جدا من قبل الدولة من حيث التدخل في شئونها , مما ارتبط الأمر بعد ذلك بقضية الانتخابات والمراقبة والإشراف عليها.
لفت جمال بركات المحامي والمدير التنفيذي لمكتب الشكاوي بالمجلس القومي لحقوق الإنسان الانتباه إلي موقف اللجنة العليا للانتخابات في رفضها وصاية منظمات المجتمع المدني في رقابتها للانتخابات وضع الأمر في يد المجلس القومي لحقوق الإنسان ليفرض وصايته علي تلك المنظمات, حيث جعلته الجهة الوحيدة المنوط بها التعامل مع كافة منظمات المجتمع المدني كجهة مراقبة عليها وتقديم طلبات المراقبة له, مما يفقد الجمعيات الأهلية أهليتها في التقدم مباشرة للجنة العليا للانتخابات في استخراج التصاريح أو إبداء الملاحظات أو التحفظات وما إلي ذلك.
أشار بركات إلي أن الدولة مازالت تتعامل مع المنظمات باعتبارها ليست الفاعل المؤثر في العملية الانتخابية, داعيا اللجنة المشرفة علي الانتخابات أن تراجع موقفها بصدد منظمات المجتمع المدني وتتخذ قرارا بأهمية المجتمع المدني باعتباره قادرا علي ممارسة دوره, ولا يجوز فرض وصاية المجلس القومي لحقوق الإنسان عليها, مؤكدا أن هناك العديد من تلك المنظمات لها تحفظات علي أداء , ودور المجلس القومي لحقوق الإنسان قبل وبعد الثورة فكيف لها أن تتعامل وتتلقي الأوامر منه بعد رفض اللجنة التعامل المباشر معها وجعلته الأب الواصي عليها الذي سيتحمل وزر اللجنة نتيجة هذا القرار الذي به عوار شديد – علي حد تعبيره- داعيا اللجنة لمراجعة موقفها خاصة بشأن إصدار التصاريح.
من جانبه قال رضا عبد العزيز مدير وحدة منظمات المجتمع المدني, وإدارة الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان إن هناك ترددا وعدم إيمان بمراقبة منظمات المجتمع المدني للانتخابات المصرية وأن اللجنة العليا للانتخابات بعد ثورة 25 يناير حذت حذو سابقاتها , متسائلا لما الإصرار علي مصطلح المتابعة رغم عدم وضع قواعد واضحة وصريحة لذلك؟ واصفا إدارة اللجنة العليا للانتخابات بالمتأخرة دائا, خاصة فيما يتعلق بإصدار التصاريح للمراقبين, مما يرسخ عدم إيمان الدولة بتلك المنظمات.
كما دعا عبد العزيز منظمات المجتمع المدني أن تستمر في ممارسة الضغط والدفاع عن حقها والعمل علي تغيير الصورة الذهنية الخاطئة تجاه تلك المنظمات , والإصرار علي تعديل قانون الجمعيات الأهلية الذي يشكل عائقا كبيرا أمام عمل الجمعيات الأهلية في ممارسة نشاطها المجتمعي.
قال الناشط الحقوقي والمحامي محمد عبد الله خليل, إن اللجنة العليا للانتخابات تأخرت كثيرا في صدور مثل هذه التصريحات , كان عليها أن تتخذه منذ فتح باب الترشح وليس بعد 7 أيام من فتحه, مؤكدا أنه ذات الأسلوب الذي كان يمارس في ظل النظام السابق. أشار خليل إلي أنه لا يوجد في قانون الجمعيات الأهلية ما ينص علي إشراف المجلس القومي لحقوق الإنسان علي منظمات المجتمع المدني مما سيثير نفس الإشكاليات التي حدثت في الانتخابات السابقة, عندما حملت المسئولية كاملة ,كذلك الأخطاء للمجلس القومي لحقوق الإنسان , فكان علي اللجنة أن تتلافي الأمر في الانتخابات المقبلة وأن تجعل التعامل معها والمنظمات بشكل مباشر دون وسيط موضحا أن المجلس القومي لحقوق الإنسان غير مؤهل لاستخراج تصاريح المراقبة, حيث إن وحدة الدعم والتدريب داخل المجلس غير مؤهلة لتدريب المراقبين علي مراقبة الانتخابات , معللة الأمر بعدم وجود أماكن للتدريب , فكيف لها أن تستخرج تصاريح ؟, معربا عن أسفه لعدم تأثر الانتخابات بعد الثورة المصرية وعدم الحرص علي العمل بشفافية بل هناك إصرار علي المخالفات وإخفائها عن منظمات المجتمع المدني والشعب المصري بأكمله.