الجامعة هي المؤسسة التي يوكل إليها مواكبة التقدم العلمي والارتقاء بالبحث العلمي في مختلف ميادين المعرفة.. وللأسف تعاني جامعاتنا المصرية من عدم توفر المناخ العلمي المناسب الذي يساعد الطلبة والباحثين علي البحث العلمي من حيث الميزانية المخصصة للبحث أو من حيث التنظيم ومستلزمات البحث العلمي وغيرها وتأتي انتخابات القيادات الجامعية والطلابية بادرة أمل لتطوير الجامعة المصرية وتطوير الأداء البحثي لتصعد في مراكز متقدمة في التصنيف العالمي للجامعات بدلا من تراجعها..
استرداد الجامعة
قال الدكتور كمال مغيث الباحث التربوي: الجامعة لم تعد جامعة في حقيقة الأمر وإنما مجرد إدارة تابعة لوزارة التعليم العالي وبالتالي كل ما حدث في الفترة الأخيرة هو محاولة لاسترداد الجامعة المصرية وتم طرح فكرة انتخاب القيادات الجامعية باعتبارها وسيلة مضمونة لمواجهة هيمنة الدولة علي المناصب الجامعية التي كان يشغلها عناصر تدين بالولاء لأمن الدولة ولوزير التعليم وكان اهتمامها ينصب علي الهيمنة علي الجامعة حتي ولو علي حساب التدريس والبحث العلمي والدليل علي ذلك أن الجامعة لم تعرف شيئا اسمه الانتخابات الطلابية علي مدي عشر سنوات كاملة وبالتالي ما يحدث من انتخابات داخل الجامعة هو بمثابة محاولة لاسترداد وظائف الجامعة وعلي رأسها البحث العلمي.
أيضا إعداد الطالب للبحث العلمي يجب أن يتم من المرحلة قبل الجامعية وهذا يحتاج إلي إعادة نظر في النسق التعليمي وتحويله من نسق يعتمد علي الحفظ والتلقين إلي نسق يعتمد علي التأمل والتحليل والابتكار, ووجود مدرسة للمتفوقين تساعد الطلبة علي البحث العلمي هي محاولة جيدة ولكني لا أراها شديدة الأهمية وبالتالي الأمر تجاوز فكرة التجربة فلابد من إعادة صياغة المنظومة التعليمية قبل وبعد الجامعة وليس إنشاء تجارب هنا وهناك.
جامعاتنا غير بحثية
من جانبه قال الدكتور محمد مرسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: بشكل مباشر لا تؤثر هذه الانتخابات علي تطوير البحث العلمي, فالقضية أكبر من ذلك فهي تتعلق بالمناخ العام الذي لا يساعد ولا يشجع علي البحث العلمي داخل الجامعات ويتبلور في عدم وجود برنامج مدروس لأولويات البحوث وضآلة المبالغ المخصصة للبحث العلمي داخل الجامعات المصرية مقارنة بما تخصصه الجامعات في الدول الأجنبية فضلا عن نقص المراجع العلمية العربية والأجنبية وعدم توفر اتفاقيات للاتصال بين مراكز البحث المختلفة وتبادل الأبحاث بين الجامعات المصرية والجامعات الأجنبية.
أضاف مرسي: هناك نوعان من الجامعات, جامعة تقدم خدمة تعليمية وجامعة تقدم خدمة البحث العلمي, وغالبية جامعات مصر ليس جامعات بحثية خلاف جامعة القاهرة التي بها مشاريع بحثية, الأمر الذي أدي إلي تراجع مصر في التصنيف العالمي ونأمل أن تشهد الجامعة خلال الفترة المقبلة عملية تطوير شاملة وتخصص ميزانية للبحث العلمي ووضع خطط لتبادل الأبحاث العلمية والبعثات والاهتمام بحضور العلماء والباحثين للمؤتمرات العلمية وعقد اتفاقيات بين المراكز البحثية المختلفة لتداول ونشر الأبحاث والدراسات المختلفة.
تجربة ما لها وما عليها
قال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: تجربة انتخابات القيادات الجامعية تجربة جديرة بالاهتمام ولكن لكل تجربة مزاياها وعيوبها فمن الوارد جدا أن تنتج المشاركة في انتخابات العمداء ورؤساء الأقسام اختيار الأصلح لكن لا يعني هذا اختيار الأكفأ دائما, وقد تكون هناك تداعيات لنتائج الانتخابات فقد يحدث أن بعضا ممن يتولون القيادات الجامعية يحرصون علي تمييز من انتخبهم فكل تجربة لها ما لها وعليها ما عليها لكنها في النهاية تجربة تعظم من الديموقراطية.