انعكست الأزمة المالية باليونان سلبا علي العديد من الدول الأوربية التي بدأت في اتخاذ خطوات كبيرة لمواجهة آثارها داخليا في ظل تزايد المخاوف من حدوث انهيارات مالية لبعض الدول إلي جانب الهبوط الكبير الذي أصاب العملة الأوربية الموحدةاليورومما أصاب أسواق المال في العالم بالهلع والفزع رغم مصادقة البرلمان اليوناني علي خطة التقشف التي توصلت إليها الحكومة مع صندوق النقد الدولي ودول منطقة اليورو -بقيمة 110 مليارات يورو خلال 3 سنوات لم تفلح تصريحات جان كلود تريشيه عالميا مستبعدا أي خطر من انتقال عدوي الأزمة اليونانية لدول مثل البرتغال وإسبانيا وإيطاليا.
الجدير بالذكر أيضا أن وكالة التصنيف المالي موديزوجهت ضربة جديدة إلي مصداقية أوربا,معتبرة أن الأزمة اليونانية تمثل خطرا كبيرا علي المصارف في البرتغال وإسبانيا وإيطاليا وأيرلندة وبريطانيا ,وأدي ذلك لتراجع كبير في بورصة نيويورك,وكذلك البورصات الآسيوية مما حدا بالعديد من دول أوربية لاتخاذ قرارات عاجلة حيث أعلنت فرنسا-علي سبيل المثال أنها ستجمد خلال السنوات الثلاث المقبلة نفقات الدولة في محاولة لإعادة العجز في 2013 إلي أقل من3% من إجمالي الناتج المحلي,كما أعلنت رومانيا اعتزامها تنفيذ إجراءات تقشفية تشمل تخفيضات في الأجور والمعاشات وزيادة ضرائب المبيعات والدخل للاستفادة من اتفاق للمساعدات يقوده صندوق النقد الدولي سيتيح لها الحصول علي قروض قيمتها 20 مليار يورو.
أكد أحمد قورة الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك الوطني المصري والخبير المصرفي المعروف لـوطنيأن دول الاتحاد الأوربي تأثرت بأزمة اليونان في ظل معطيات واضحة ومنها وجود دول أوربية تعاني المشاكل المالية ذاتها, مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وأيرلندة,إلي جانب تشابك العلاقات التجارية والمصرفية بين اليونان والعديد من الدول الأوربية, وأضاف أن خطة التقشف التي انصاعت لها اليونان في مقابل حصولها علي حزمة مالية كبيرة من المساعدات يبدو أن معظم دول اليورو خاصة ستطبقها كل علي طريقته لأن الانهيارات المالية في اليونان كشفت مشاكل الأنظمة المالية الأوربية وترف الإنفاق مما دفع بالجميع حاليا حكومات ومؤسسات وشعوب لربط الأحزمة واتباع سياسة الترشيد في الإنفاق.
ويري د.محمود عبد الحي مستشار معهد التخطيط القومي أن الهبوط الذي تعرضت له العملة الأوربية يجسد المخاوف الأوربية من حدوث انهيارات مالية تطال العديد من دول أوربا وهذا إن حدث سيؤدي لأزمة مالية عالمية جديدة قد تأتي علي الأخضر واليابس فالمخاوف من مستقبل مجهول شيء طبيعي ووارد في ظل أزمة مالية مستفحلة كتلك التي تعانيها اليونان .
وأوضح أن الدليل علي ذلك ما حدث مؤخرا من انخفاض للثقة بشكل حاد في الاقتصاد الألماني والذي عكسه بوضوح مؤشرZEWللثقة علما بأن اقتصاد ألمانيا من أقوي الاقتصادات في أوربا بل والعالم!!.
وقال هاني توفيق الخبير المالي المعروف إن هناك تراجعا ملحوظا للبورصة المصرية يدخل أسبوعه الثالث ويرجع ذلك وإن كان يعود لأسباب داخلية خاصة بقرارات ومعاملات ذات صلة بسوق المال إلا أن هذا التراجع له صلة وثيقة بالهبوط الملحوظ في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة اليونانية. حيث بلغت التراجعات في بعض الأسواق أكثر من 12% ليتراجع المؤشر الرئيسي للبورصةEGX30بنسبة كبيرة بلغت حوالي 7.2% ليغلق دون مستوي 6500 نقطة مسجلا 6422 نقطة بينما علي جانب الأسهم المتوسطة والصغيرة فقد مالت أيضا إلي الانخفاض وبمعدلات أعلي حيث سجل مؤشر EGX70تراجعا بنحو13% مغلقا عند مستوي 571 نقطة أما مؤشرEGX100فقد سجل تراجعا بنحو 10.6% عند مستوي 967 نقطة وقد سجلت كل القطاعات المتداولة في البورصة تراجعا ملحوظا وهو ما يؤكد الصلة بين الهبوط في أسواق المال العالمية والهبوط الحادث في البورصة.
وأضاف أيمن علي المحلل المالي المعروف أن أزمة اليونان خلقت حالة من التنافر مما نتج عنها آثار سلبية خطيرة علي الاقتصادات الأوربية من جهة, وعلي العملة الأوربية من جهة أخري,لقد قرأنا كيف أن الشعب الألماني كان معارضا بشدة لمساعدة اليونان,وأن الحكومة الألمانية كانت متحفظة حتي آخر وقت في تقديم يد المساعدة في الوقت الذي قادت فيه فرنسا الرأي لتقديم الدعم والمساندة وبصورة عاجلة لليونان مقابل خطة تقشفية صارمة.
وأوضح علي أنه تم اتفاق الحكومات الأوربية مؤخرا علي التحرك وبصورة عاجلة لوضع آلية بقيمة 750 مليار يورو وللاستقرار المالي إلي جانب التحرك الواعي للبنوك المركزية الأوربية مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الياباني كل ذلك أدي لتخفيض حدة الأزمة التي كانت تتهيأ للاشتعال والانتشار ومن ثم فعلينا جميعا أن نتأني ونتعامل بحذر شديد في البورصات خاصة أن النار لاتزال تحت الرماد!!.