منذ ترشيح الدكتور السيد البدوى لرئاسة حزب الوفد، وتناثرت الكثير من الأقاويل حول ميول الرجل نحو الأصولية الإسلامية. واعتبر البعض أن هذه الأقاويل مجرد دعاية سلبية ضده وقت الانتخابات، ولكن بعد أن نجح الدكتور البدوى فى رئاسة الحزب، أصبح من المؤكد لأى مهتم بشأن الوفد السياسى التراجع الكبير الذى يشهده الحزب عن مبادئه المدنية/ العلمانية، التى كانت هى الأساس الراسخ الذى بنى عليه شعار عاش الهلال مع الصليب، وظهر ذلك بوضوح بعد انضمام الدكتورة سعاد صالح للحزب، ووصفها للمسيحيين بالكفار. الأمر الذى أحدث ضجة كبرى لم تنته باعتذار الحزب عن هذا الكلام والاكتفاء بتراجع الدكتورة سعاد على أساس أنها لم تكن تقصد، ولكن الطامة الكبرى التى تكشف عن التوجه الجديد لحزب الوفد، ظهر فى مقال منشور بجريدة الوفد الصادرة فى 25 أغسطس الجارى بقلم محمد صلاح الشيخ، وذلك فى الصفحة الخامسة بعنوان “بقرة العلمانية المقدسة” ،المقال تضمن هجوما على العلمانية وعلى من ينددون بالأصولية التى ينحدر إليها حزب الوفد العريق، وهو مقال تتوقع أن تقرأه فى جريدة تنتمى لأى تيار سلفى أو أخوانى أو فى واحدة من إصدرات حزب العمل الإسلامى، لا حزب الوفد ومن سطور المقال يقول كاتبه الذى لم نعرف موقعه فى حزب الوفد: “فعلى ما يبدو لا يدرك المقاتلون عن العلمانية أنها فى أقصى إبداعاتها لن تزيد على كونها جزءا مما تستطيع المدنية تحقيقه، فالعلمانية تستطيع تأمين المجتمع فى أقصى أدائها من سيطرة واستبداد رجال الدين على المجتمع .. لكنها لا تستطيع تأمين ذلك مع شرائح أخرى من الأمة غير رجال الدين تفرض وصيتها على الشعب وفى مقدمتها العسكر أو المحتكرون الاقتصاديون، وهو كلام مضلل لأن الحكم العلمانى إذا كان فى أساسه يفصل السياسة عن الدين، وبذلك يعد أقوى نظام استبدادى فلا يسمح لأى استبداد من أى نوع آخر، كما احتوى المقال على ذات مبرارت رفض الأصوليين للعلمانية باعتبارها منتج غربى كان بالأساس ضد الكنيسة والكهنوت والإسلام ليس فيه كهنوت ولا عصمة لأحد وهو كلام غير واقعى على الإطلاق، وإلا ماذا يريد الأصوليين من تطبيق الشريعة الإسلامية .
المقال يعد أول إعلانا رسميا بتخلى الوفد عن جوهر فكره. ويتزامن نشره مع إيقاف جريدة الحزب للصفحة المسيحية بها، والتى كانت تنشر كل أحد تحت اسم قداس الأحد، والتى تردد أنها سوف يقف نشرها فى رمضان، ثم أكد بعض المصادر أنه إيقاف نهائى .
انحدار حزب الوفد نحو الأصوالية تظهر خطورته عندما نعرف أن صحبفتين خاصتين تقع فى قبضة الحزب وهى صحيفة المصرى اليوم التى يرأس مجلس إدراتها صلاح دياب عضو الهيئة العليا للحزب، وصحيفة الدستور التى اشتراها السيد البدوى رئيس الحزب ورئيس مجلس إدارة جريدة الوفد وصاحب قنوات الحياة.
==
س.س
27 أغسطس 2010