زاد الجدل مؤخرا حول ارتداء قضية ارتداء النقاب بعد قرار المجلس الأعلي للأزهر بمنع ارتداء النقاب في المدارس الأزهرية, وقرار الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي بمنع ارتداء النقاب في المدن الجامعية, فهناك من يعتبر النقاب عادة وليس عبادة, وهناك من يعتبر ارتداء النقاب دعوة لنشر الأخلاق والفضيلة بالمجتمع, وأن منع النقاب يعد دعوة لانتشار الرذيلة, بل هناك من يري أن منع النقاب تقييد لحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.
في هذا التحقيق نلقي الضوء علي النقاب حسب رؤية المتخصصين في هذا الشأن.
قال الدكتور محمد السيد الأحمدي أستاذ الشريعة الإسلامية وأصول الدين بجامعة الأزهر إن النقاب لا أصل له في الشريعة الإسلامية,وأنه مجرد عادة اجتماعية سيئة وليس عبادة,ويعمل علي ترسيخ الفكر المتشدد الذي تبثه الفضائيات التابعة للدول المتشددة التي تقول إن شروط النقاب يجب أن يغطي وجه المرأة حتي العين.
أشار إلي أن النقاب يمثل حاجزا في التواصل بين الناس وهو ما تحاول الحكومة تقنينه بإصدار قرار بمنع ارتداء النقاب داخل الهيئات الحكومية بجانب المستشفيات والمدارس والجامعات,خاصة أن النقاب ينتشر بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة,حتي وفي الأماكن التي لا يصح فيها ارتداء النقاب مثل المستشفيات والمدارس,خاصة مدارس الفتيات فقط,حتي لا يكون ذلك دعوة لارتداء النقاب بشكل غير مباشر,لما به إساءة بالغة للدين وتشويه لتعاليمه,فوجه المرأة ليس عورة,والمهم هو الاحتشام في ارتداء الملابس وليس الدعوة للنقاب.
من جانبه قال الدكتور محمود إمام أستاذ الشريعة بكلية الآداب بجامعة حلوان إن هناك عدم اتفاق حتي الآن بين العلماء حول النقاب,فالبعض يري أنه لا أصل له في الدين ولكن النقاب معروف لدي العرب منذ فترات طويلة,كما أن ظاهرة تنقب النساء في العصر الحالي الملئ بالفتن تعد من ناحية الآداب والسلوك مظهرا حضاريا, ولا يجوز لأحد أن يتدخل فيه أو يمنعه, أو ينتقد المرأة المنتقبة.
أشار إلي أن النقاب حرية شخصية ولا يجوز لهيئة حكومية أن تعترض عليه ولا يمكن محاربة النقاب لأن هذا التدخل اقتحام لخصوصية الناس.
وهناك من يري أن كتب الفقه أكدت علي أن عورة المرأة جسدها ما عدا الوجه والكفين,وأن نبي الإسلام كانت تأتيه النساء وهن كاشفات وجوههن,ولم يحرم عليهن ذلك بدليل أن الله تعالي قال لنبيه: لا يحل لك النساء من يعد,ولا تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك منهن, والإعجاب بالعين لا يكون إلا إذا كان وجه المرأة مكشوفا.
أوضح د. إمام أنه حتي الآن لم يستقر العلماء علي شرعية النقاب من عدمه,فهناك رأي متشدد يقول: وجوب تغطية المرأة للوجه,حيث إن الوجه بابا للتأمل في محاسن المرأة,وبالتالي الوصول لها,وكذلك الآية الكريمة وليضرب بخمارهن علي جيوبهن تعني ستر المرأة وجهها لأن الخمار هو ما تخمر به المرأة رأسها وتغطي به,والجيب هو فتحة الرأس,فإذا كانت المرأة أمرت بأن تضرب بالخمار علي جيبها كانت مأمورة بستر رأسها.
وفي هذا الإطار قالت الدكتورة آمال هلال أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة المنصورة إن ظاهرة النقاب انتشرت بشكل كبير في المجتمع خاصة في المناطق العشوائية والراقية,وأن النقاب أو الإسدال كلها عادات لم تكن منتشرة في المجتمع المصري,والإسدال الإيراني انتشر بشكل كبير في المرحلة الماضية مما يعني محاولة فرض ثقافة معينة علي المجتمع المصري,وربما انتشار الحجاب والإسدال في بعض الدول العربية ومنها مصر يعود إلي مواجهة ثقافة العري الموجودة في بعض دول الغرب.
أوضحت الدكتورة آمال أن النقاب يشكل حاجزا بين السيدات والمجتمع,والأخطر ما يتم استخدامه في تنفيذ عمليات السرقة والإجرام والعمليات الإرهابية بشكل يسئ للدين وتعاليمه,ومن ثم ينبغي التوعية بحقائق الأمور.
حذرت الدكتورة آمال من ارتداء السيدات للنقاب في بعض أماكن العمل,خاصة في المستشفيات,وما يترتب علي ذلك من انتقال للفيروسات وانتشار الإصابة بشكل غريب,كذلك دخول الطالبات المنتقبات في المدن الجامعية أمر قد يترتب عليه مشكلات عديدة,ومن ثم لابد أن يكون هناك قرارا حاسما بمنع ارتداء النقاب.
من ناحية أخري قال محمد محيي رئيس جمعية التنمية المستدامة بالمنصورة بأن النقاب عادة اختلف حول شيوخ الإسلام,وإنه من الناحية الاجتماعية يترتب علي النقاب مشكلات عديدة تكشف عنها جرائم السرقة والقتل التي يتم الإعلان عنها بشكل ملحوظ,ومن ثم لابد من وجود قرار رسمي حاسم في هذا الشأن حتي لا ينخدع البسطاء بما تروجه بعض الجماعات,والتي تعمل ليس فقط علي نشر أفكار غريبة علي الإسلام,وإنما نشر أفكار غريبة علي المجتمع المصري من خلال ثقافة وفكر غريب علي المجتمع المصري.
أوضح محيي أن للنقاب جانب حقوقي,فربما يعتبر البعض تقييد الحرية الاعتقاد,فهناك يسعدون في أن يقدموا أنفسهم للآخرين بالنقاب,ومنع ارتداء النقاب به نوع من تقييد هذا الحق,وبالتالي ربما تتعرض الحكومة لمضايقات بسبب عدم احترامها للحق الدستوري الذي نص عليه الدستور في مادته 46, ومن ثم الحل هو دراسة الموضوع بكافة جوانبه الدينية والاجتماعية والثقافية.
من جانبه قال الدكتور فؤاد السعيد الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إن قضية النقاب جدلية بشكل كبير,وتناولها يثير الكثير من الهواجس,والأفضل أن يتم وضعها في إطار الحرية الشخصية,وأنه يمكن أن تناقش هذه القضية عبر أبحاث أو دراسات علمية للوصول إلي عمق القضية والظروف المحيطة بها, بينما تناولها إعلاميا يعظم من الظاهرة ويتسبب ذلك في وجود سد مانع في مواجهة الحرب علي النقاب والدفاع عنه.