أثبتت النهائيات التاسعة عشر أنها بطولة الأداء الجماعي وليس النجوم علي الإطلاق لأن أيا من النجوم الكبار الذين توجهت الأنظار إليهم قبل انطلاق العرس الكروي لم يقدم شيئا يذكر, وأكبر مثال علي ذلك كان كرستيانو رونالدو, أغلي لاعب في العالم, الذي دون اسمه بالحرف العريض في سجل النجوم الكبار الذين أخفقوا في فرض سطوتهم علي المسرح العالمي بعدما فشل في إظهار أي من لمحاته التي قدمها في الملاعب الإنجليزية والإسبانية والأوربية وودع مع ##البرتغال## نهائيات جنوب أفريقيا علي يد المنتخب الإسباني بطل أوربا صفر/.1
أما روني فكان وضعه أسوأ من زميله السابق في مانشستر يونايتد لأنه كان علي الأرجح أقل لاعبي المنتخب الإنجليزي أداء, خلافا للمستوي الرائع الذي قدمه مع ##الشياطين الحمر## الموسم الماضي محليا وأوربيا, وكان ظل المهاجم الذي أرعب دفاعات الخصوم وهو ودع النهائيات دون أن يسجل أي هدف بل إنه لم يهدد حتي مرمي المنتخبات التي واجهها منتخب ##الأسود الثلاثة## بعد ما ودع الإنجليز النهائيات من الدور الثاني أيضا لكن بهزيمة مذلة أمام الألمان (4/1) هي الأقسي لهم في تاريخ مشاركاتهم في النهائيات.
ولم يكن وضع كاكا, زميل رونالدو في ريال مدريد أفضل علي الإطلاق, إذ كان بمثابة الحاضر الغائب في المباريات الخمس التي خاضها منتخب البرازيل, ورغم أنه كان صاحب ثلاث تمريرات حاسمة فهو لم يقدم المستوي المتوقع منه كقائد فعلي علي أرض الملعب.
أما بالنسبة لميسي, فمن المؤكد أن النجم الأرجنتيني كان أفضل من النجوم الثلاثة الآخرين, بفضل تحركاته ولمحاته الفنية, لكنه فشل في الارتقاء إلي مستوي المسئولية التي وضعها علي عاتقه مدربه في المنتخب دييجو مارادونا الذي قال علنا إن ##ليو## هو خليفته, إلا أن النجم الملقب بـ##البعوضة## لم ينجح في نقل التألق الملفت الذي قدمه مع فريقه الكاتالوني إلي المنتخب الوطني وبقيت عروضه ##خجولة##.
من المؤكد أن ميسي هو الوريث الحقيقي لمارادونا, لا بل يعتقد البعض أن جوهرة نادي برشلونة ينقصه التتويج بلقب كأس العالم كي يتجاوز مارادونا ويصبح اللاعب الأهم في تاريخ الأرجنتين وربما في تاريخ اللعبة, لكن عليه أن ينتظر حتي عام 2014 ليحقق مبتغاه علي أرض الغريم البرازيلي.
ستكون صفة اللاعب الذي تألق علي صعيد الأندية وفشل علي المسرح العالمي الأهم مترافقة مع ميسي وروني وكاكا ورونالدو حتي إشعار آخر, في حين أن الأداء الجماعي هو الصيغة الطاغية حتي الآن مع المنتخبين الألماني والإسباني والهولندي وحتي الأوروجوياني, وهو العنوان العريض للمونديال.
أما بالنسبة لمسألة النجوم في هذه المنتخبات فجاءت الجماعية لخدمة الفريق وأن كل اللاعبين في المنتخبات التي أدت أداء جماعيا تغلبت علي الفرق التي اعتمدت علي نجم بعينه ومن هؤلاء المنتخبات من يملك لاعبين أمثال دييجو فورلان أحسن لاعب في البطولة والذي تفوق علي كل هؤلاء لأنه لعب لفريقه وليس لنفسه, وكذلك توماس مولر هداف البطولة ودافيد فيا وتشافي هرنانديز وأنديس إنيستا عريس المونديال وكاسياس ##القفاز الذهبي## ومن ثم أطلق علي كأس العالم الـ19 ##كأس اللعب الجماعي أو كأس إسبانيا## وهو ما أوضحه خبراء الكرة في مصر.
من جانبه أوضح محمود أبورجيلة الخبير الكروي ولاعب المنتخب والزمالك السابق أن كأس العالم الأخيرة أسقطت فرقا كبيرة من علي عرشها لأنها اعتمدت علي الفردية وعلي لاعبين بأعينهم, ولكن الفرق التي اعتمدت علي الأداء الجماعي اعتلت منصات التتويج, فلم يعد هناك أسماء رنانة أو كبيرة بحيث يصبح مؤثرا, فراهنت الناس علي البرازيل والأرجنتين بأنهما لا يقهرا وهو ما ثبت عدم جدواه علي أرض الملعب حيث قدمت هذه الفرق أداء باهتا, ولم أؤدي الكرة الجمالية التي يعشقها وينتظرها جمهور الكرة من هذه الفرق, وكانت النتيجة أن تغلبت وفازت الفرق ذات الأداء الجماعي والدليل وصول هولندا وإسبانيا إلي المباراة النهائية بالأداء الجماعي وليس الفردي.
وأشار أبورجيلة إلي أن لاعبين الكرة أصبحوا ثروة يجب الحفاظ عليها وليس استهلاكها كما يحدث عندنا فلاعب الكرة ليس ##ماكينة## وإنما إنسان يحتاج إلي الراحة في أوقات معينة وليس أن يلعب طوال الـ12 شهرا في السنة في البطولات المحلية والأفريقية وتصفيات قارية وتصفيات كأس عالم, فتكون النتيجة الطبيعية لذلك الإرهاق وعدم العطاء في الملعب.
وتحسر أبورجيلة علي عدم وصول مصر إلي هذه النهائيات مشيرا إلي أن مستوي منتخب مصر أفضل مما يزيد علي 12 فريقا علي الأقل في هذه البطولة, وهو ما ظهر في أمم أفريقيا الأخيرة وكأس القارات, خاصة أن منتخب مصر يتميز باللعب الجماعي وهو ما غلب علي البطولة الأخيرة حيث يخدم كل لاعب زميله في الملعب لمصلحة الفريق علي مدار البطولة, فالاعتماد علي الفريق ككل وليس كفرد لأن المهارات الأساسية والفردية مطلوبة ولكن في أوقات محددة وليس كل الأوقات.
وأشاد أبورجيلة بتنظيم البطولة قائلا: ##لو أنني أرتدي قبعة لخلعتها انحناء وتقديرا لجنوب أفريقيا علي التنظيم المشرف للقارة السمراء, وجاء حفل الافتتاح والختام رائعا وتاريخيا, وزاد البطولة رونقا حضور الرؤساء والزعماء لتشجيع بلادهم, وكذلك ظهور الأسطورة مانديلا الذي يعطي لجماهيرنا ألا تنتقد حضور مسئول أو وزير لمباراة في مصر لأنه أولا وأخيرا إنسان يحتاج إلي المتعة من خلال مشاهدة الرياضة.
وهو ما أكده فتحي مبروك المدير الفني السابق للأهلي مشيرا إلي أن إسبانيا تستحق البطولة بالفعل بسبب الأداء الجماعي الذي نبع من الدوري الإسباني الذي يعد أقوي دوري في العالم, ومنه استمدت إسبانيا قوتها وأظهرت أنها تستحق البطولة من خلال الأداء الجماعي المتميز الذي جاء نتيجة الانسجام الواضح بين اللاعبين حيث هناك 7 لاعبين من برشلونة, كذلك حسن تصرف لاعبي إسبانيا في الكرة والاستلام تحت ضغط الخصم وكذلك الضغط علي الخصم نفسه في حالة فقد الكرة, وهو ما ترتب عليه الهجوم القوي المتنوع من خلال مهارة اللاعبين الفردية, والضربات الثابتة والأجناب, كذلك اتسم فريق إسبانيا بأن كل لاعب هو نجم في مكانه ومركزه فأصبحت إسبانيا مميزة جماعيا وفرديا.
وأشار مبروك إلي أن الفرق التي أدت بشكل فردي لم تنجح في البطولة خاصة في مواجهتها لفرق الأداء الجماعي مثل الأرجنتين والبرازيل وإنجلترا, التي اعتمدت علي لاعب واحد مثل ميسي أو كاكا أو روني الذي كانت تعتمد عليه الفرقة بأكملها في حين يكون الضغط علي هذا النجم من الفرق الأخري وبالتالي لا يجد المدرب حلا له لأنه اعتمد علي نجم واحد وليس الفريق أو الجماعة وبالتالي فشلت هذه الفرق.
وأوضح مبروك أن مستوي البطولة عامة لم يكن قويا خاصة الفرق صاحبة التاريخ مثل البرازيل والأرجنتين وإنجلترا التي خرجت من البطولة فضاعت معها رونق البطولة وجمالها خاصة أنها فرق لها شعبية علي مستوي العالم وهو ما ساهم في عدم نجاح البطولة علي مستوي الأداء الكروي.
أما فاروق جعفر المدير الفني لفريق طلائع الجيش فأكد أن هذه البطولة جاءت مختلفة عن أي بطولة سابقة فقدمت الكرة الجماعية الجميلة وليس الكرة النمطية التي تعتمد علي لاعب أو نجم بعينه, ويمكن أن يطلق علي هذه البطولة بطولة إسبانيا حيث إنها هزمت في مباراتها الأولي من سويسرا وبرغم ذلك استطاعت أن تلم نفسها وتتلافي الأخطاء التي وقعت فيها من خلال ثقة اللاعبين في أنفسهم ومدربهم الواعي وتعلموا الدرس جيدا وبدأوا ينظروا إلي كل مباراة علي حدة ويتقدموا خطوة خطوة علي عكس الفرق التي ركزت علي البطولة والمباراة النهائية.
وأكد جعفر أن إسبانيا ظهر عليها شخصية البطل أثناء البطولة ولذا أجمع عليها الخبراء والإعلاميون والجمهور علي الفوز بالبطولة وهو عكس ما يقال إنه يصعب التكهن بمباراة أو بطولة, ولم يأت هذا من فراغ حيث إنها تمتلك المهارة الفردية والجماعية والذهنية والتكتيكية وكل هذه ترجح كافة أي فريق.
واختتم جعفر أن نجوم إسبانيا متساوون في كل شيء من حيث المهارات علي عكس الفرق الأخري التي تعتمد علي نجم أو اثنين فقط أما إسبانيا فهي مدرسة الأداء الجماعي الجميل ويستحق أن يطلق عليها بطولة إسبانيا التي نستطيع أن نتعلم منها الأداء الدفاعي والهجومي والكرة الجميلة.
وفيما يخص التحكيم أوضح محمد حسام رئيس لجنة الحكام السابق باتحاد الكرة بأنه طالما توجد هناك كرة قدم فلابد من وجود أخطاء تحكيمية لأن الحكم أولا وأخيرا بشر, وطالما هناك تطور تكنولوجي فأداء الحكم يكون دائما محل نقد فبعد أن كان هناك ثلاثة كاميرات أصبح هناك 26 كاميرا, وكلما حاول الحكام أن ينظموا أنفسهم ويتلافوا أخطاءهم ويركزوا في الملعب يقوم اللاعبون بتطوير أداءهم حتي في الأخطاء فيقوم اللاعب بالتمثيل في ارتكاب الأخطاء ويلجأ لحيل جديدة.
وأضاف حسام أن من أسباب وضع الحكام تحت بؤرة الأخطاء هو سوء النية التي بدأت تتوفر لدي الجمهور واللاعبين حيث تحولت الكرة إلي ربح مادي وعمل بعد أن كانت للاستمتاع والهواية وهو ما ظهر في بطولة كأس العالم الأخيرة.
ورأي حسام أن البطولة الأخيرة كان بها أخطاء كثيرة وكانت كلها مؤثرة وغيرت في النتائج ولعل أبرزها مباراة إنجلترا وألمانيا, والأرجنتين والمكسيك, ومباراة لنيوزيلاندة وبعض حالات الطرد أو الإنذارات والتغاضي عن ضربات جزاء صحيحة.
وعذر حسام الحكم الإنجليزي الذي أدار النهائي بين إسبانيا وهولندا لأنه كان يدير المباراة تحت ضغط رفض الفريق الإسباني له بعد إدارته للمباراة ضد سويسرا, كذلك أخطأ الحكم في المباراة عندما أشهر الكثير من البطاقات الصفراء في البداية ومع تكرار الأخطاء بدأ يلجأ للتحذير وهو العكس فكان عليه أن يحذر ثم ينذر, ونتيجة لقلق الحكم دخلت المباراة في إطار الرقم القياسي من حيث البطاقات والأخطاء.