استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ومثول المدنيين أمام القضاء المدني وجبال الطعون التي تعج بها محاكم النقض في مصر مما يؤدي إلي بطء تحقيق العدالة والنقص الكبير في أعداد القضاة ومحاور أخري عديدة تطرق لها هذا الحوار مع المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض فإلي الحوار:
هذا هو المبرر الوحيد
* ما رأيك في المطالبة بعدم ظهور القضاة علي الساحة الإعلامية؟
** لا شك أن ظهور القضاة علي وسائل الإعلام غير مفضل ويؤخذ عليهم حب الظهور والشهرة فالمجتمع القضائي متحفظ وظهور القضاء عبر وسائل الإعلام غير مستحب لكن الظهور يأتي في هذه الفترة أو في فترات سابقة ليس حبا في الظهور عبر وسائل الإعلام ولكن لعرض وجهات النظر في القضايا التي تشغل الرأي العام مثل السعي إلي استقلال القضاء في مواجهة السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل فمثلا عملية تزوير الانتخابات 2005 دفعتنا إلي اللجوء لوسائل الإعلام ليس لحساب طرف ضد آخر ولكن من أجل كشف الحقائق ونفس الأمر تكرر مع انتخابات 2010, وإن لم يكن الظهور بنفس الصورة وهذا هو المبرر الوحيد لظهور القضاة في وسائل الإعلام.
ننتظر الوقت
* هل القضاء في مصر غير مستقل ومن ثم تسعون لاستقلال القضاء؟
** القضاء في مصر غير مستقل بنسبة 100% في دولة عاشت ما يزيد علي 30 عاما في كم هائل من الفساد في كل المجالات وهو حال الكثير من الأجهزة الرقابية التي كانت تابعة للجهاز التنفيذي إلا أن للقضاء مطالب محددة لتحقيق الاستقلالية ولكننا ننتظر الوقت المناسب للمطالبة بها بعد أن يتخلص المجلس العسكري من المهام الصعبة التي يواجهها.
أرحب بالرقابة
* هل ترحب بوجود رقابة دولية علي الانتخابات؟
** أرحب بوجود رقابة دولية علي الانتخابات ولكنني أشدد علي أن تكون الإدارة في يد القضاة وتأتي دول العالم للمتابعة والمراقبة ولكن الفصل للقضاء المصري.
أنا ضد.. ولكن
* ما رأيك في تقديم بعض القضايا للقضاء العسكري؟
** أنا ضد وجود القضاء العسكري جملة وتفصيلا لكننا نعيش في ظروف استثنائية حرجة بعد الثورة فلابد من أن تتم بعض المحاكمات للمدنيين أمام القضاء العسكري ولكن بمجرد أن تنتهي هذه الفترة يجب أن تعود الأمور إلي طبيعتها حيث لا يجب أن يمثل المدنيون أمام القضاء العسكري وهو الأمر المعمول به في دول العالم, فهناك فرق بين القضاء المدني والقضاء العسكري ولكل منهما طبيعته الخاصة ونوعية الجرائم التي يجب أن يختص بها, فالقضاء العسكري قضاء تأديبي استوجبته طبيعة الحياة العسكرية لمساءلة العسكريين في الجرائم الانضباطية ولم يحدث في تاريخ مصر أن مثل مدنيون أمام قضاء عسكري إلا في عام 1966 وحتي في أيام الرئيس الراحل عبدالناصر لم يحاكم خصومه السياسيون محاكمة عسكرية وإنما أنشأ ما عرف بمحكمة الشعب أو محكمة الثورة ولم يحمل المؤسسة العسكرية عبء المحاكمات السياسية ونادي القضاء تصدي عام 1986 في مؤتمر العدالة الأول الخاص بالمحاكم العسكرية برئاسة المستشار يحيي الرفاعي للقانون 25 لسنة 1966 وطالبوا أن يقتصر القانون العسكري علي العسكريين وعلي الجرائم العسكرية فقط ولكن في هذه المرحلة الحرجة لابد من المحاكمة العسكرية فهي بديل لإطلاق النار ولتحقيق الأمن فعندما تقوم الثورات يكون المجلس العسكري هو المؤسسة الحاكمة ولابد من محاكمة المدنيين في هذه المرحلة باعتبار هذه التدابير مؤقتة.
نرحب بهما
* هل تؤثر الرقابة الدولية علي عمل القضاء؟
** إذا كانت الرقابة الدولية هي الرؤية والملاحظة وتقديم النصح فنحن جميعا نرحب بها فمن يريد من المنظمات الدولية الحضور والمشاركة والرقابة مرحب به لكن إدارة العملية الانتخابية أمر مرفوض تماما.
عدم تخصيص المحامي
* عدد الطعون كبير جدا بالقضايا!
** أحذر من خطورة تراكم الطعون فهي تعتبر كارثة بكل المقاييس فيجب تحقيق العدل للمواطنين ولا يجب انتظار المواطنين عقودا وصولا للفصل في طعونهم فلابد أن تتفرغ الدوائر المدنية للفصل في الطعون القديمة مدة تزيد علي 26 عاما حتي يتم قبول طعون جديدة فيلزم التخلص من الطعون المتبقية لأن هذا التراكم يهدد وجود محكمة النقض فلابد من حلول لتحقيق العدالة ولابد من زيادة عدد القضاة وعدد الدوائر والتوسع في إصدار القرارات في غرفة المشورة تتسع لنقض الأحكام وأيضا لابد من أن يكون محامي النقض معينا ومتخصصا حتي يكون لديه الوعي بنوعية القضايا التي ترفع للطعن فالمحامي غير المتخصص يرفع الطعون بغير مبرر وبالتالي تتراكم القضايا التي ينظر فيها فنحن نجد أن نسبة كبيرة من الطعون غير جائزة للطعن بسبب عدم تخصيص المحامي.
تجوز
* هل يجوز فلترة بعض القضايا المتراكمة؟
** تجوز الفلترة مع أهمية احترام الترتيب والإجراءات فهذا التراكم يجعلنا متأخرين من 10 إلي 15 عاما.
الدولة إذا فسدت
* ما رأيك في المقولة التي تقول إن الفساد طال قطاع القضاة في عهد مبارك؟
** الدولة إذا فسدت لا يمكن أن يكون بها مؤسسة صالحة ولا تستطيع مؤسسة أن تؤدي دورها دون فساد, إذا كانت كل المؤسسات بها فساد.
التوازن
* لك مطالب من أجل استقلال القضاء والإصلاح؟
** لنا مطالب محددة لاستقلال القضاء ولكن ننتظر الوقت المناسب ونسعي لاستقلال القضاء في مواجهة السلطة التنفيذية لكي نعيد بناء دولة جديدة لابد من إعادة بناء كل المؤسسات حتي لا نسمح بتكرار نفس الأخطاء فأولي إجراءات الإصلاح في بناء الدولة الجديدة وجود قضاء مستقل عن السلطة التشريعية والتنفيذية علي أساس التوازن بينهما مما يؤدي إلي ديموقراطية مع ازدياد الوعي لدي المواطنين وإنشاء أحزاب جديدة.
غير كاف
* هل عدد القضاة الحاليين كاف؟
** العديد غير كاف بالنسبة لحجم المنازعات فلابد من تحقيق التوازن, ولابد أن تقوم ثورة فكرية لإيجاد بدائل لحل المنازعات ولابد من ازدياد عدد القضاة الحاليين.
ينقص القضاء
* ما الذي ينقص القضاء في مصر؟
** لا يوجد مكان لائق للمتقاضين ولابد من إعادة هيكلة المباني وتصميم الأبنية علي أسس صحيحة وإيجاد آلية لتوفير الأماكن لاحترام آدمية المتقاضين مع مراعاة وضع قواعد لاختيار القضاة وقواعد تقييمهم بعد التخرج ولابد من حصولهم علي دورات تدريبية والتدريب الجيد لهم.
حق المعرفة
* أشرت إلي توفير المناخ الحر لوسائل الإعلام, فكيف يتم ذلك؟
** حق الإنسان في التعبير هو أساس الديموقراطية مع حق تداول المعلومات والمعرفة ولابد من الشفافية في المناقشات وحرية الخطأ إذا كان المخطئ حسن النية.
* طالبتم بتخصيص موارد لاستقلال القضاء ما الذي تم؟
** معنا موازنة مستقلة بالفعل لكنها موازنة بغير موارد ونطالب أن يراجع وزير المالية الموازنة ويضع لنا المبالغ التي نتحرك من خلالها وكنا نأمل أن يكون لنا هامش حرية أكبر عن طريق تخصيص موارد محددة للموازنة وأن يضاف الاختصاص مجلس القضاء شئون صندوق الأبنية والرعاية الصحية.