دورة تدريبية نظمها المجلس الأعلي للصحافة بالتعاون مع مشروع دعم القدرات في مجال حقوق الإنسان والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة حول حقوق المرأة في الصحافة المصرية.والحقيقة أنها مثلت إضافة علي المستوي المهني سواء من خلال الحاضرين ومنهم السفير أحمد حجاج المنسق الوطني للمشروع ود.ماجدة موريس نائب رئيس تحرير الأهرام والدكتورة أماني مسعود الأستاذة المساعدة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأمينة شفيق الكاتبة الصحفية وعضوة المجلس القومي للمرأة والدكتورة زينب شاهين خبيرة التنمية…فضلا عن تبادل الخبرات المهنية بين الزملاء الصحفيين المندوبين عن صحفهم ومنها القومية والحزبية والمستقلة.
تزامنت أبعاد المناقشات ما بين العرض التاريخي لتطور دور المرأة المصرية في الصحافة والتغطية الصحفية لحقوق المرأة السياسية والمدنية وإشكالياتها مع حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية,ودور الصحافة في تعزيز حقوق المرأة.
إلا أننا نري دائما أن هذه الدورات المهنية تعني الصحفي والإعلامي أكثر مما تعني القارئ الذي يبقي حقه في أن يري ثمار هذه اللقاءات علي المواد الصحفية المنشورة أو الإعلامية المعروضة بوسائل الإعلام المختلفة,وأن عرض تفاصيل ما قيل قد لا يدخل في دائرة اهتمام القارئ.ولكن يبقي هناك خلاصة أفكار تهمنا جميعا كمواطنين وكبشر بصفة عامة منها أن مثلا أن التيارات الأنثوية أضرت بقضية المرأة,بمعني أن الحديث المتنامي والصارخ حول قضايا المرأة وحقوقها من قبل أصوات نسائية بحتة في جمعيات أهلية أو مجالس قومية معنية فقط بالمرأة,أوجدت حالة من التشبع داخل المجتمع,أدت إلي حالة من النفور من قضية المرأة,خاصة وأن أبطالها دائما من النساء,بل أفرز أصواتا مضادة تدعي بأن المرأة أخذت حقوقها وكفاية عليها كدة…وحولت القضية إلي صراع بين الرجل والمرأة وضاع منها الهدف!!
والحقيقة أن أصل القضية قضية تنمية المجتمع,تنمية مستدامة تستهدف رفع مستوي المعيشة وتحقق الرفاهية,فتضمن مشاركة جميع فئات المجتمع في مقابل حصول الجميع علي ثمار هذه التنمية بشكل عادل سواء رجل أو امرأة,مسلمون أو أقباط,فقراء أم أغنياء….إلخ.
وقال خبراء التنمية البشرية في العالم إن أي مجتمع في حاجة إلي دور أسري,إنتاجي,صناعة قرارات بحيث يشارك كل المجتمع في كل الأدوار ويعني ذلك الاهتمام بالدور الإنتاجي والسياسي جنبا إلي جنب مع الدور الأسري والإنجابي,وأن التنمية لا تتحقق إلا بالتوظيف الأمثل للموارد البشرية وعدم إهدارها.
وتوصلت خبرتهم إلي أن أي تنمية بشرية بدون أخذ البعد الاجتماعي في الاعتبار يتم تدميرها…لماذا؟…لأن الكل لابد أن يعمل بمن فيهما المرأة حتي لاتنهار زيادة الإنتاج أمام نسبة الإعالة العالية,لأنه ليس منطقيا أو مجديا أن يعمل حوالي 30% من المجتمع (أي الذكور البالغين) لإعالة الـ70% (نساء وأطفال)…ومن هنا تبرز أهمية دراسة الواقع الاجتماعي ومعرفة احتياجات القطاعات التنموية المختلفة في المحافظات المختلفة ما بين القري والنجوع مثل المدن,بين الرجال والنساء…للوقوف علي الاحتياجات في كل الفئات ومعرفة الأكثر احتياجا والتوجه له مباشرة مما أظهر الاحتياج الأكثر للفتيات والنساء في التعليم والتدريب والرعاية الصحية وفرص العمل…إلخ…وكلها تدابير ووسائل للنهوض بالمجتمع من خلال النهوض بالمرأة حتي لا تشكل عائقا بإهدار جهود التنمية أو بحرمان المجتمع من قدرات وخبرات وربما تميزات نصف طاقته البشرية.
أما السياسة والمناداة بمشاركتها السياسية فلا تتجزأ أيضا عن المفهوم التنموي,لأن السياسة ما هي إلا تسيير كل ما يمس أمور البشر,ولكي تأتي هذه القرارات السياسية بما يحقق صالح كل فئات المجتمع,لابد أن تمثل كل هذه الفئات في مستويات صناع القرارات بمن فيهم المناصب القيادية والأعضاء المنتخبين في المجالس المنتخبة من مجالس شعب أو شوري أو مجالس محلية أو مجالس إدارة….إلخ.وما لم تمثل كل فئات المجتمع ستأتي القرارات متجاهلة بعض الفئات ربما لأنها لا تعرف أصلا احتياجاتها,ومن هنا برزت أهمية تمثيل المرأة أو الأقباط تمثيلا مناسبا في هذه المجالس.فالدعوة منطقية للحاجة المنتظرة.
المؤسف أننا انحرفنا عن القضية الرئيسية وهي النهوض بالمجتمع إلي مهاترات جانبية فهناك من يحاول إثبات أن مخ المرأة مثل مخ الرجل…لا أكبر لا أصغر!!…المساواة ثم المساواة!!من يغلب من؟!من العاطفي ومن العقلاني.
ودخلنا من دهاليز صراع وهمي بين الرجل والمرأة فضاعت قضية المرأة وسحبت معها قضية النهوض بالمجتمع…بل كثيرا ما اتخذت جهود تنمية المرأة منظورا أحاديا مثل زيادة دخلها بتدريب النساء علي بعض الأعمال اليدوية والكروشيه والتطريز مما يكرس الدور النمطي والتقليدي للمرأة دون الارتقاء بها أو تنمية مهاراتها أو اكتشاف إمكانياتها,ثم تأتي أزمات تسويق هذه المنتجات ولا تتحقق الفائدة!!
التنمية الحقيقية يشارك فيها ويجني ثمارها كل المجتمع ليس فقط في زيادة الدخل وإنما في الصحة والشعور بالرضا والسعادة.
باختصار إعطاء الفرصة للرجل والمرأة علي حد سواء والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص وإعلاء معيار الكفاءة فوق أي معيار آخر…فقط لا نريد استبعاد المرأة من أي مجال لمجرد كونها امراة مفترضين مسبقا أنها لا تستطيع…لأن ذلك لا يمثل انتهاكا لحقوق المرأة بقدر ما يمثل انتهاكا لحقوق المجتمع بحرمانه من قدرات وإمكانيات تم وأدها لأنها نبعت من امرأة…فهناك رجل فاشل وكذلك امرأة…رجل ملتزم ونشط وكذلك امرأة…رجل عاطفي وامرأة قاسية.فالعطف والحنان ليسا امرأة كما أن القسوة ليست رجلا…إنها اختلافات بين البشر عموما يتدخل فيها إلي حد كبير أسلوب تربيتهم وتنشئتهم والفرص المتاحة لتعليمهم وتدريبهم ورعايتهم.
نحن لا نستهدف امرأة ناجحة ومتميزة وإنما مجتمعا متقدما بكل قدراته البشرية.
[email protected]