مازلنا نتحدث عن الدراما المصرية التي أتحفنا بها المؤلفون والمخرجون والنجوم, ولكن من حيث تناول المكانة التي احتلتها المرأة بشكل عام في هذه الأعمال. المرأة الأم والزوجة والابنة والأخت والسيدة العاملة في المجالات المختلفة. لقد احتلت المرأة مكانه الصدارة وتواجدت في كل الأعمال ولكن بصورة تسئ بشكل أو بآخر للمرأة. فهي في معظم الأعمال التي قدمت زوجة أو حبيبة أو عاملة صورة للمرأة لا تتعامل بعقل ناضج وفكر مستنير. إنما كل همها أن تجري وراء الرجل تتجمل وتتزين لترضيه وتملأ عينه وتحتفظ به من النساء المحيطات به. لا تستخدم عقلها أو تحميها ثقافتها وتعليمها في الاحتفاظ بالزوج. تدفعها مخاوفها إلي أن تنسي كل شئ حتي ابنها وابنتها ويكون همها الزوج, من أجله تفعل كل شئ حتي عملية التجميل والتخسيس لتبدو في عيونه جميلة ورشيقة. تفعل هذا من وراء ظهره غافلة تماما عن أي شئ آخر حتي بعد أن عرفت الابنة وأوقعت نفسها في مشكلة خطيرة باستخدامها الخاطئ للإنترنت كادت تدمر سمعتها وتؤدي بها إلي التهلكة. وهي عانس متصابية في سن الخمسين, وغيرها ورثت الملايين ولكنها ساذجة إلي حد كبير. وأخري مطلقة لاستحالة دوام الحياة الزوجية ومن أجل ذلك هي مضطهدة من كل من حولها حتي والدتها ووالدها اللذين ربياها ويعرفان أخلاقها جيدا ولكن لا يثقان بها. وزوجة تتلقي صفعة علي وجهها تلقيها أرضا ويتبع الصفقة سباب وقح وبذئ يلوث كرامتها ويدمي آدميتها ويجرح مشاعرها, وفي مشاهد أخري وأعمال أخري زوجة تتهادي بجمالها ورشاقتها وقدرتها علي جذب الرجال ومصاحبتهم في أماكن بعيدة لا يراها أحد وتتفاخر بما تفعله وتحرض جارتها علي أن تحذو مثلها دون خجل أو خوف, وسيدة عاملة وتشغل مركزا مرموقا وسلطة تسخرها لمحاربة مرؤوسيها والتآمر عليهم لتزج بهم في السجن وتتخلص منهم بدم بارد ومشاعر مدمرة وسيدة متحجرة المشاعر تجند أفرادا لخطف وسرقة أطفال أبرياء لتتاجر بهم وتبيعهم وأحيانا تقتلهم وتبيع أجزاء من أجسامهم وأخري, وأخري.. إلي آخرهن كلها نماذج ممسوخة تمثل عنفا ضد المرأة وتشكل تحرشا نفسيا بها وتسئ إلي صورتها, وتقدمها بشكل لا يليق ولا يصدق, ولا نجد صورة لسيدة أو فتاة لا تخلو من العيوب إلا نادرا.
لقد تحدثنا كثيرا عن صورة المرأة في الأعمال الدرامية التي يقدمها التليفزيون والتي تسئ إلي صورة المرأة في الحقيقة والواقع, وأوصت اللجان والمجلس القومي للمرأة بمراعاة ذلك وتغيير هذا السلوك والالتزام باحترام المرأة وتكريمها والإشادة بها, ولكن كل هذه التوصيات لم تجد ولم يكن لها صدي في الأعمال التي قدمت هذا العام أو بعضها, وللأسف أن كل هذه الأعمال قدمت علي شاشة التليفزيون المصري ليراها الجميع وتشاهدها الأسر علي اختلاف فئاتها, ويكون لها التأثير السئ والأكيد وذهبت كل التوصيات أدراج الرياح ويظل التشوه والإساءة والتحرش بالمرأة مستمرا.
متي يتخلي مؤلفو هذه الأعمال عن آرائهم الخاصة عن المرأة سؤال يتردد علي لسان الكثير من المثقفين ومستنيري العقول الذين يرون المرأة بشكل آخر وصورة موضوعية صادقة وعادلة معا.