نحتفل الثلاثاء المقبل – 16 مارس – بيوم المرأة المصرية ففي مثل هذا اليوم من عام 1919 ضربت المرأة المصرية أروع الأمثلة في النضال من خلال المظاهرة التي قادتها هدي شعراوي للمطالبة بالحرية لمصر والاستقلال التام ورحيل كل جندي إنجليزي محتل عن تراب الوطن.. والآن.. وبعد ما يقرب من قرن كامل فإن المرأة المصرية لاتزال تعاني الكثير من الحقوق المنقوصة, خاصة المرأة العاملة, حتي إن بعض النصوص في قانون العمل تنتقص من حقوقها ولا تدعم لها مساواة حقيقية. فهناك فئات مستبعدة كليا من الحماية القانونية حسب نصوص القانون, كما تتعرض المرأة المصرية العاملة لانتهاكات عديدة في مجال العمل.
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي هالة عبدالقادر المحامية والمديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة فقالت: إن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الخاص بالعاملين في القطاعين العام والخاص فيما عدا العاملين بالقطاع الحكومي يشمل تقليص إجازات الوضع للمرأة العاملة من ثلاث مرات إلي مرتين فقط طوال مدة خدمتها, بالإضافة إلي وجود شرط يحرم المرأة من استحقاق إجازة الوضع إذ لم يكن قد مضي علي عملها عشرة أشهر علي الأقل مما قد يشكل مشكلة كبيرة للأم بعد الوضع إذا لم يكن قد مر علي عملها هذه الفترة. وبالرغم من ذلك فهناك بعض التعديلات من حيث إمكانية ضم فترتي إجازة الوضع لفترة واحدة مدة أطول, وهذا الأمر يراه البعض أنه إيجابي وآخرون يرون العكس.
بالإضافة لذلك فهناك مشكلة في النصوص القانونية حيث إنها للأسف – إلي وقتنا هذا – تستثني العمالة المهمشة مثل خدم المنازل وعاملات الزراعة من الحماية القانونية, وهذه الفئات تمثل قطاعا كبيرا من المجتمع ويجب أن يضعها القانون في الاعتبار حتي لا تضيع حقوق هذه الفئات.
يتفق معها في الرأي كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية ويضيف أن هناك مشكلتين أساسيتين تعترض المرأة في عملها, الأولي ما تقوم به بعض الشركات حينما ترفض من البداية عمل المرأة لديها, لأنها قد تحتاج لإجازة وضع فيما بعد أو ساعة رضاعة…. إلخ.
والثانية: إنه غالبا ما يقع عليها استغلال أكثر من الرجل فنجد شركات القطاع الخاص تفصل عمل الفتيات غير المتزوجات لديها وبأجر أقل عن الرجال.. وبالإضافة إلي ذلك فإن القطاع الخاص عادة لا يؤمن علي العاملين به سواء من الرجال أو النساء وإذا قام بالتأمين فيكون بأجور متدنية والحقيقة أن هذه المشكلة لا توجد لدي العاملين بالقطاع العام ومن هذا المنطلق فإن القطاع الخاص من أكثر القطاعات التي تنتهك فيها حقوق المرأة العاملة سواء من ناحية عملها بشكل مؤقت وعدم وجود تأمينات, أو من جانب آخر عدم تفضيل القطاع الخاص لعمل السيدات المتزوجات به حتي إنه هناك ما يمكن أن نطلق عليه الأعمال الدائرة بمعني أن الفتاة تعمل فيها لفترة قبل زواجها وهي بالتالي لا تطالب بحقوق لها أو زيادة في الراتب, وحينما تترك العمل يأتي صاحب العمل بفتيات أخريات وبالأجر ذاته السابق دون أي زيادة أو حقوق تأمينية…. إلخ.
ويشير كمال عباس إلي أن هناك مشكلة حقيقية في تمثيل المرأة داخل المنظمات النقابية فهو يكاد يكون منعدما, وهذا مرتبط بشكل كبير بثقافة المجتمع المصري التي تجعل المرأة لا تقوم بترشيح ذاته بالمنظمات النقابية وعلي الجانب الآخر لا يفصل العاملين اختيار المرأة في المناصب القيادة داخل التمثيلات النقابية, وبالتأكيد الوضع لا يختلف كثيرا بالنسبة لتقلد المرأة للوظائف العليا فهناك ظلم كبير يقع علي المرأة في ذلك حتي إنه في القطاع العام تقلد المرأة لهذه المناصب بكثير من الرجل وبالتأكيد ذلك الأمر مرتبط بثقافة المجتمع أيضا.
وبالإضافة إلي ذلك فأن هناك فئات مستبعدة كليا من الحماية القانونية بنص القانون مثل خادمات المنازل, والنساء العاملات في الزراعة البحتة, والعاملات في القطاع غير الرسمي الأنشطة الاقتصادية التي تقوم بها المرأة في المنزل التي تدر دخلا علي الأسرة مثل الحياكة والتطريز والتريكو وصناعة الحلوي بغرض البيع وكذلك النساء الفقيرات في المناطق الحضرية المختلفة والبائعات الجائلات.
أما بالنسبة للعمل نصف الوقت بنصف الأجر فهو غير متاح للمرأة في القطاع الخاص في مجتمعنا, بل بالعكس فإن صاحب العمل حينما يجد أن هناك عملا يحتاج لعشرة أشخاص للقيام به يفضل أن يعتمد علي ثلاثة أو أربعة فقط ولوقت أطول.
وفي النهاية فإن المشكلات والانتهاكات التي تتعرض لها المرأة العاملة مرتبطة بشكل أساسي بثقافة المجتمع التي تظهر بشكل واضح في نصوص قوانين العمل, والحل يكمن كما يري كمال عباس في أن يكون هناك تمثيلا حقيقيا للمرأة في النقابات ومجلسي الشوري والشعب لأنه لو حدث ذلك سوف تقل حدة المشكلة تدريجيا.