إن الاعتداء على تاريخ وتراث الشعب المصرى يعد جريمة لن يففرها لنا التاريخ ، ذلك أن المجمع العلمى الذى نالت منه الأيدى المدمرة والعابثة يمثل قيمة علمية كبيرة ويضم مكتبة من أهم المكتبات في تاريخ مصر، وبها تراث لا يمكن تعويضه، واحراقة ماساه ويدخل فى باب العبث بمقدرات هذه الامة …
الدكتور زين عبد الهادى رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب والوثائق القومية لوطنى :
· حوالى 40 بالمائة من مقتنيات المجمع بحالة سيئة
· نعكف حاليا على معالجة الكتب بيئيا حتى لا تتعرض للتآكل تمهيدا لترميمها فى وقت لاحق
· هناك عدة نسخ من مجلد وصف مصر فى أماكن أخرى
إن الاعتداء على تاريخ وتراث الشعب المصرى يعد جريمة لن يففرها لنا التاريخ ، ذلك أن المجمع العلمى الذى نالت منه الأيدى المدمرة والعابثة يمثل قيمة علمية كبيرة ويضم مكتبة من أهم المكتبات في تاريخ مصر، وبها تراث لا يمكن تعويضه، واحراقة ماساه ويدخل فى باب العبث بمقدرات هذه الامة …
واذا كان التاريخ الذى لم يمح من ذاكرته مأساه حريق مكتبة الاسكندرية وإن كان الفاعل الحقيقى مازال مجهولا حتى الان حيث اختلف المؤرخون حول قصة حريق مكتبة الاسكندرية الموغلة فى القدم فإن التاريخ ايضا سيكتب هذه الجريمة فى صفحة من صفحاته السوداء .
وقد شكل وزير الثقافة شاكر عبد الحميد لجنة و وذلك لاتخاذ جميع الاجراءات اللازمة للتعامل مع الحدث المؤسف على ارض الواقع لانقاذ ما تبقى من مقتنيات المجمع العلمى ، وتضم هذه اللجنة الدكتور محمد صابر عرب ” رئيسا ” وفى عضويتها كل من الدكتور زين عبد الهادى رئيس قسم المكتبات بجامعة حلوان ورئيس الإدارة المركزية لدار الكتب والوثائق القومية والدكتور عبد الواحد النبوى مدير دار الوثائق و ، والدكتور شريف شاهين رئيس قسم المكتبات بجامعة القاهرة والدكتور فتحى عبد الهادى أستاذ المكتبات بجامعة القاهرة وعبد الستار الحلوجى أستاذ المكتبات جامعة القاهرة سهير مصاحبة رئيس قسم الترميم بدار الكتب .
المقتنيات بين الأمس واليوم
وفى حديثه لوطنى أكد لنا الدكتور زين عبد الهادى بأن عمليات نقل كتب المجمع قد توقفت وذلك بسبب تردى حالة مبنى المجمع وأيوله للسقوط ، أن مبنى المجمع مكون من أربعة قاعات وصلت النيرات إلى ثلاثة قاعات فقط التى اشتعلت النيران بجزء منها أما القاعة الرابعة فلم تمسها النار أو المياه، وكل مقتنياتها سليمة تماما، مؤكدا على أن عددا كبيرا جدا من المجلدات النادرة التى كانت موجودة بالمجمع لم تحترق وبقيت بحالتها، وبعض المجلدات الأخرى احترقت حوافها مثل مجلد “وصف مصر”، الذى يتكون من حوالى 20 جزء تعرض حوالى نصفها فقط للتلف وسيتم ترميمها جميعا .
أن إجمالى الكتب التى وصلت لدار الكتب والوثائق القومية حوالى 40 الف مجلد ، هذا ما ذكره ايضا الدكتور زين عبد الهادى واضاف انه جارى فحص ونقل مجموعة اخرى من الكتب والوثائق النادرة التى جمعها شعب مصر العظيم ووضعت فى كنيسة قصر الدوبارة تمهيدا لنقلها دار الكتب حيث قامت الدار بفتح أبواب الغرفة المجهزة بيئياً لاستقبال ما تم إنقاذه من الكنوز النادرة من كتب ومخطوطات وأطالس غاية فى الأهمية والندرة ، وقد تعرضت للتلف من جراء حرق المجمع وتم تغليف الكتب التى تحتاج الى ترميم للتعامل معها فى وقت لاحق ، ومعالجة الكتب بيئيا حتى لا تتعرض للتاكل ، مشيرا الى ان حوالى 40 بالمائة منهم بحالة سيئة للغاية ما بين محترق ومبتل ، لهذا قام مجموعة من الخبراء المصريين والاجانب بالتطوع من اجل انقاذ هذه الذخائر النادرة وذلك من خلال ترميمها وحصر التالف منها للوقوف على حقيقة ما فقد من هذا التراث لثمين .
اما عن الفترة الزمنية التى تستغرقها عملية النقل الحصر فذكر رئيس دار الكتب أن المسئلة ستستغرق حوالى شهر لتنتهى من عملية الإحصاء والمقارنة، وهى تقوم حاليا بتفريغ قاعدة البيانات الواردة بأجهزة كمبيوتر المجمع التى لم يلحق بها ضرر، لتقوم بعد ذلك بمقارنة قاعدة البيانات بالكتب التى لديها ليتم تحديد الكتب التى تلفت وبحاجة لترميم والأخرى التى لم يتم فقدها بصورة كاملة بسبب الحريق ، مؤكدا على ان ما يقال عن أن نسخة المجمع العلمى هى النسخة الوحيدة من “وصف مصر” كلام غير دقيق وأن هناك حوالى 11 نسخة فى مصر منها نسخة بالمجمع العلمى ، ونسخة اخرى بدار الكتب بالاضافة الى نسخة رقمية من نسخة المجمع العلمى محفوظة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى مجلس الوزراء، ويمكن الرجوع إليها أثناء ترميم المجلد أو استكمال ما فقد منه ، وهناك نسخ اخرى .
وعن سؤاله عن المجمع العلمى ومقتنياته كاثر مهم اجاب الدكتور زين عبد الهادى ان محمد الشرنوبي أمين عام المجمع العلمي، يعكف حالياً بالتنسيق مع قيادات المجمع، على تحديد القيمة الأثرية والمالية للكتب التي احترقت وحجم الخسائر الناجمة عن الحادث وتبعيات ما حدث، كما ان هناك لجنة من قبل وزارة الاثار لمعاينة المبنى المسجل كأثر للوقوف على اجراءات ترميمه وعند الانتهاء من اعادة المبنى الى حالته الاولى سيتم اعادة هذه المقتنيات الى مكانها مرة اخرى
المجمع .. الاثر والتاريخ
وانشء المجمع العلمي المصري عام 1798 بقرار من نابليون بونابرت اثناء الحملة الفرنسية على مصر حيث كان مقر المجمع فى دار واحد من بكوات المماليك فى القاهرة ثم تم نقله إلى الإسكندرية عام 1859 وأطلق عليه اسم “المجمع العلمي المصري” ثم عاد للقاهرة عام 1880،وكان للمجمع المصري أربع شعب : الرياضيات ، و الفيزياء ، و الاقتصاد السياسي ، و الأدب و الفنون الجميلة و في عام 1918 أصبح مهتماً بالآداب و الفنون الجميلة و علم الآثار ، و العلوم الفلسفية و السياسة ، و الفيزياء و الرياضيات ، و الطب و الزراعة و التاريخ الطبيعي .
ويعد المجمع العلمي من أعرق المؤسسات العلمية في مصر إذ مر على إنشائه أكثر من مائتي عام بهدف العمل على تقدم العلوم في مصر، وبحث ودراسة أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية، وعواملها الطبيعية، فضلا عن إبداء الرأي حول استشارات قادة الحملة الفرنسية ، ودراسة مصر دراسة تفصيلية ونتج عن هذه الدراسة ما عرف بكتاب “وصف مصر” ، الا انه بمغادرة الفرنسيين مصر عام 1801 توقف نشاط المعهد لانتهاء سبب إنشائه.
وقد ظل المجمع العلمى منذ خروج الفرنسيين مهملا، إلى أن نجح دكتور والن قنصل بريطانيا في مصر، في تأسيس الجمعية المصرية العلمية لتقوم بدوره، وأنشأ الدكتور هنري أيوت وهو إنجليزي، وبريس دافين العالم الفرنسي في عام 1842 الجمعية الأدبية المصرية لتقوم بنفس الهدف ، وفي عام 1856 أعلن محمد سعيد باشا والي مصر، إعادة تأسيس المجمع مرة أخرى بالإسكندرية وأدمجت الجمعيتين السابقتين فيه، وضم المجمع العديد من أعضاء المجمع القديم، أبرزهم جومار الذي كان عضوا في لجنة الفنون وبرز عدد كبير آخر من أعضاء المجمع على مدى تاريخه في مختلف المجالات، ومنهم جورج شواينفورت الرحالة المشهور المتخصص في العلوم الطبيعية، ومحمود الفلكي الإخصائي في علم الفلك، وماسبيرو المتخصص في التاريخ الفرعوني، وعلى مشرفة عالم الرياضيات، والدكتور علي باشا إبراهيم وأحمد زكي باشا ، ومنذ عام 1880 انتقل المجمع إلى القاهرة، وبدأت أنشطته تنتظم،ويعقد جلساته لنشر العلوم المختلفة .
ويحوى المجمع المصري مكتبه تضم نحو 40.000 كتاب من أمهات الكتب أهمها علي الإطلاق كتاب وصف مصر ، ودوريات ومجلات ووثائق ومخطوطات نادرة وإصدارات أخرى قديمة أثرية وذات قيمة عالية. و نوادر المطبوعات الأوربية التي لا تخص المصريين فقط، كما يضم كتب الرحالة الأجانب، ونسخ للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920و أطلس عن فنون الهند القديمة، وأطلس باسم مصر الدنيا والعليا مكتوب عام 1752، وأطلس ألماني عن مصر وأثيوبيا يعود لعام 1753، وأطلس ليسوس وهو ليس له نظير في العالم وكان يمتلكه الأمير محمد علي ولي عهد مصر الأسبق
رئيس المجمع العلمى وداعا
ومن تصاريف القدر ان توفي الدكتور محمود حافظ رئيس مجمع اللغة العربية ورئيس المجمع العلمي المصري ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية امس عن عمر يناهز 99 عاما ،وهو المصرى الوحيد الذى نال شرف رئاسة المجمعين ” مجمع اللغة العربية والمجمع العلمي المصري” في آن واحد ، ويعد الدكتور محمود حافظ ابراهيم من مواليد القاهرة عام 1912 والتحق بكلية العلوم وحصل على البكالوريوس في علوم الحياة سنة 1935 وأوفد في بعثة علمية إلى جامعة لندن والمتحف البريطاني سنة 1937 واختير خبيرا بالمجمع في لجنة علوم الأحياء والزراعة ثم اختير عضوا به في سنة 1977 ثم نائبا لرئيس المجمع عام 1996 حتى عام 2005 ثم رئيسا منذ عام 2005وحصل الراحل على عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية في العلوم لعام 1977 وشهادة تقدير من هيئة بحوث وزارة الزراعة الأميركية وأخرى من مركز البحوث البحرية الأميركية ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1978، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1981.
—
س.س