المتأمل للمشهد السياسي في مصر يوميا يري أن قدرا كبيرا من المراهقة تسود عليها, وأن معظم القوي السياسية تمارس العناد والرفض والتمرد والعنف بكافة صوره وأشكاله.
ورغم أن مصر دولة عريقة من الناحية السياسية, إذ شهدت مجلس شوري النواب عام 1866, وعرفت الحياة الحزبية والتعددية السياسية مع نشاط حزبي مكثف قائم علي التعددية السياسية منذ عام 1907 حتي قيام ثورة يوليو .1952
إلا أن غياب حياة سياسية حقيقية وقيام تعددية سياسية منقوصة منذ عام 1977 حتي قيام ثورة 25يناير2011, لم يساعد علي ترسيخ تقاليد ديموقراطية وحياة حزبية سليمة.
وبعد قيام ثورة يناير وإزالة الكثير من القيود علي تكوين الأحزاب السياسية في مصر, والكثير من القوي السياسية من تكوين أحزاب سياسية, إلا أن ما تشهده مصر من أوضاع استثنائية بفعل ثورة يناير, وما حدث من أخطاء في إدارة شئون البلاد علي مدي يزيد علي عشرة شهور قد أسهم في هذا القدر الكبير من السلوكيات السياسية التي تسودها المراهقة, فالقوي السياسية تتصارع من أجل مصالحها الخاصة بعيدا عن الصالح العام, ولا تريد أن تتوافق أو تصل إلي حلول وسط, بما يمكن البلاد من عبور الأزمة الراهنة علي المستوي السياسي والاقتصاي والاجتماعي إلي بناء مؤسسات الدولة.
ويسهم في هذا المشهد ما تقوم به وسائل الإعلام من شحن وإثارة وتفريق وتمزيق للروابط والأوامر التي تربط بين فئات المجتمع وبعضها البعض, من خلال ممارسة مهنية لا تراعي المسئولية الاجتماعية والوطنية أو مواثيق الشرف المهنية.
ولا يخلو المشهد السياسي من بعض الأصوات القليلة الناضجة التي تدفع في اتجاه التوافق الوطني وتغليب المصلحة العامة.
د. ثروت فتحي