*أنبا ميخائيل مطران أسيوط يبارك شعبه والزوار في الاحتفال الديني
*تذكارات روحية لزيارة البابا كيرلس والبابا شنودة لدير العذراء بأسيوط
*محافظ أسيوط يوصي بأطقم طبية وقائية مجهزة للتحرك لمواجهة أية احتمالات مرضية
أبرز ما يثري كنيستنا القبطية عبر تاريخها المديد احتفاظها بالتذكارات النورانية والذخائر الروحية لشهدائها وقديسها والذي يتجدد الاحتفاء بهم عاما وراء عام…واحتضانها لمواكبهم الاحتفالية ذات الطابع الديني والملامح الشعبية بترتيبها الخاص وتراثها التقليدي والتي هي بالمفهوم الكنسي لا تنفصل عن طقوس العبادة داخل الكنيسة…وتأتي في المقدمة وحسب الترتيب الطقس لمجمع الأبرار والقديسين السيدة العذراء مريم بحسب قولها هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنيتحمل أجمل باقة احتفالية حيث تحرص كنائسها ومزاراتها في ربوع مصر وأنحاء الكرازة علي الاحتفاء بموسمها الكنسي خلال شهر أغسطس إضافة إلي تذكاراتها طوال العام.
وفي جبل أسيوط ترتفع مكانة الاحتفالات بالعذراء من حيث تدفق أعداد الزائرين من مصر وأنحاء العالم ,وأيضا لتمايز موكبها الاحتفالي الضخم الذي يتصدر الاحتفالات اليومية صعودا وهبوطا إلي موضع إقامة العائلة المقدسة بمغاراتها المقدسة بحضن الجبل,ويطوف مئات الآلاف من المواطنين حول كنائسها وفي ساحاتها وانحدارا نحو الطريق الصاعد الممتد بين أحجار الجبل,وذلك في الموعد المقرر مع الغروب تمام السابعة مساء في مشهد يندر تكراره مع خلفية امتداد المساحات الخضراء للزراعات أسفل الجبل ونهر النيل والأفق الممتد,رمزا وتبريكا لمسيرة العائلة المقدسة نحو هذا الموضع المقدس منذ آلاف السنين.
*تأتي الاحتفالات الدينية بصوم العذراء وعيدها لهذا العام حسب ما أكدته مطرانية أسيوط ذات ملامح دينية وتخضع لترتيب كنسي وتدبير روحي مصدره الطقوس المرتبة لهذه المناسبة من صلوات رفع بخور عشية وطواف الموكب الاحتفالي لأيقونة السيد المسيح والعذراء الملكة الأم بالتسابيح والمدائح التقليدية أثناء رفع المصلين والزائرين والمصطفين خارجا لصلواتهم وتضرعاتهم ثم الانصراف لحضور القداسات الإلهية صباحا ونوال البركة…
وتحث المطرانية هذا العام زوار الموضع المقدس وضيوفها بزيارة مغارة العذراء لدقائق منعا للتزاحم والالتزام بالهدوء والوقار اللائقين بالموضع المقدس والمناسبة الكنسية ثم الصعود (للتو) للأماكن المفتوحة والصالات المعدة التي يوفرها الدير…وتنأي المطرانية باحتفالاتها السنوية وبالموضع المقدس الذي يستقبل الزوار من أنحاء العالم للعبادة والصلاة…طوال العام عن كل ممارسات وأفعال عبثية خارج أسوار الدير-والتي كثيرا ما ناشدت المسئولين بإيقافها وتؤكد أنه لا توجد صلة لاحتفالاتها الدينية بما يعرف(بالموالد)أو(الزفة) فهذه التعبيرات المتداولة شعبيا غير مألوفة ولا تتردد داخل مطرانية أسيوط وكنائسها ومزاراتها المقدسة.
وعلمت وطنيبأنه في هذا الإطار تحت رعاية نبيل العزبي محافظ أسيوط تم إعداد فريق طبي متكامل لمناطق التجمعات وأماكن التزاحم بمناسبة احتفالات العذراء بأسيوط لمواجهة أية احتمالات قائمة.
مدلولات روحية
وإن كانت مواكب الاحتفالات الدينية بأعياد وتذكارات القديسين والشهداء وفي مقدمتهم العذراء مريم برزت في بدايات القرون الميلادية بمظهرها المعروف حاليا الذي يضم صفوفا من الشمامسة حاملين الصليب والرايات البيضاء وصور المناسبة الكنسية ثم أيقونة السيد المسيح والقديس أو الشهيد المحتفي به يليها صفوف الآباء الكهنة وعلي رأسهم المطران أو الأسقف حاملين مجامرهم ثم صفوف الشمامسة حاملين الشموع والورود والأغصان والناقوس يرتلون الألحان والتسابيح…ونجد ندرة في الكتابات التي تناولت هذه الاحتفاليات حيث ركزت في أغلبها علي المدلول الروحي ولم يتحدد تاريخ نشأتها.
يقول أحد المصادر إن المواكب الاحتفالية أساسها الكنسي استعلان قيامة المسيح وظهرت واضحة في طقس معمودية الأطفال ونسب ذلك لما جاء بكتابكيف نعيش القيامةلأبينا بيشوي كامل مضيفا بأن ترتيب الصلوات أثناء طواف الموكب معروف ويبدأ برفع بخور عشية ثم الألحان والتماجيد أثناء صعود الموكب في ساحات المزارات والكنائس,ثم تسبحة نصف الليل,ويختم بليتورجية القداس وسر التناول.
وترتيب ما يعرف بألحان التماجيد للعذراء يبدأ بلحن (إكزمارؤوت)مبارك الأب والابن والروح القدس…ثم لحن التمجيد اليونانيأكسيوس استين(مبارك الآب)…ثم لحن (يا ملك السلام)…(والسلام للعذراء)…(وافرحي يا مريم)…(وثيئوطوكية الأحد سبع مرات كل يوم)…وكذلك لحن(اتاي برثينوس)وهو من أبرز الألحان في موكب العذراء والذي تقول كلماته هذه العذراء نالت اليوم كرامة..هذه العذراء نالت اليوم مجدا…هذه التحفة بأطراف موشاة بالذهب مزينة بأنواع كثيرة….ثم أجزاء من المزامير,وتختتم التماجيد بلحن الطقس المعروفخين افرانيتخلل هذا أيضا ترانيم روحية مرتبطة شعبيا بالمناسبة(هات مزمارك يا داود…رشوا الورد يا صبايا…أنت الشفيع الأكرم…طوباك يا عذراء يا أم الله…خطرت حمام في بيت داود…إلخ).
;ويقول مصدر كنسي آخر إن فكرة الموكب الاحتفال هي التكريم والتمجيد سواء للعذراء أو القديسين ولابد أن يبدأ من حول مذبح الكنيسة الذي عليه ذبيحة المسيح داخل الهيكل وينتهي الطواف إليه إذ يقوم الآباء الكهنة في طقس الطواف بمجامرهم بإصعاد البخور الذي هو يمثل صلوات الشعب وتضرعاتهم ويقدمونه علي المذبح مشفوعا بصلوات العذراء.
ويوضح الشماس الإكليريكي صفوت فكري عن كتاب(الأمجاد) في طبعته الأولي للأرشدياكون نجيب جرجس وهو أحد الكتب النادرة التي تكلمت عن المواكب الاحتفالية داخل الكنيسة تحت عنوان :موقف المؤمنين في الكنيسة المجاهدة إزاء إخوتهم في الكنيسة المنتصرة,وهو مبحث كامل يتناول تذكارات القديسين بالتركيز علي الصور والأيقونات بالقول:
أولا:إنه لا غضاضة من الطواف بالصور والأيقونات مع التسابيح والألحان لتمجيد الثالوث القدوس وتطويب أصحابها لما في ذلك من فوائد سامية أبرزها الإعلان الذي ملأ كل الأرض لاسم المسيح وقديسيه وبهذا الطواف تذكار لأعمالهم وجهادهم.
ثانيا:إننا بمواكبهم نتذكرهم ككنوز للعالم ومثل عليا للحق.
ويضيف الكاتب أنه بهذا الطواف نحتفي بهم نحن الكنيسة المجاهدة كمظفرين وهذا ما تجمعه كنيستنا في بعديها الأرضي والسمائي.
زيارات تاريخية
عقب اعتلاء قداسة البابا كيرلس السادس الكرسي المرقسي في10مايو 1959 زار إثيوبيا..ثم بدأ زياراته الرعوية لكراسي إيبارشيات مصر بزيارة للصعيد-عام1960- واستقبله نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط وشعب أسيوط استقبالا حافلا فزار كنيسة القديس مرقس(مقر المطرانية)وذهب لدير العذراء ليبارك حركة التعمير وكان الطريق صخريا ترابيا وبعد جهد كبير تم توفير سيارات بكفاءة عالية لكي ما يتمكن البابا من صعود الطريق غير الممهد بمثابرة وجهد…حيث قضي ليلتين بدير العذراء بجبل أسيوط وتدافع شعب أسيوط كله وقتئذ للذهاب للدير ونوال بركة قداسة البابا فرحب بهم وباركهم.
أما قداسة البابا شنودة الثالث فقد زار الدير في طفولته المبكرة في الثلاثينيات من القرن الماضي بصحبة أخيه روفائيل,كما صرح بذلك بفمه الطاهر في حفل يوبيل رهبنته حيث قضي فترة دراسته الأولي بأسيوط وكان يحضر القداسات ودروس الألحان وحفظها بكنيسة مارمرقس (مقر المطرانية قديما)وقد زار الدير أيضا وكان قداسته أسقفا للتعليم وقتها وله صورة شهيرة بالدير يظهر فيها وحوله شباب أسيوط…كما زار كاتدرائية رئيس الملائكة بأسيوط زيارة خاصة في سبتمبر 1972 في رحلته إلي دير العذراء وبالمحرق واستقبل من شعبها استقبالا يفوق الخيال(بتعبير شاهد عيان)بموكب رائع وكان في استقباله بمحطة أسيوط وأثناء النزول محافظ أسيوط نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط وشعب أسيوط حاملين لافتات الترحيب واحتشدت جموع غفيرة بالكاتدرائية والأماكن المجاورة قبل موعد الزيارة بيوم كامل.
ولدير العذراء بجبل أسيوط مكانة خاصة لدي الشعب الألماني,؟..ففي28يناير 1968 علي ما يروي الشماس الإكليريكي صفوت فكري أرسلت كاميرات التليفزيون الألماني لتصوير دير العذراء والموكب الاحتفالي ليبث مباشرة…ورغم أن الوقت كان شتاء ومباني الدير في مراحل الإنشاء الأولي وافق نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط علي التصوير في وقته وكان الشمامسة يرتدون التونية علي ملابسهم الشتوية ولأول مرة شوهد سيدنا في الموكب الاحتفالي وهو يرتدي التاج ورداء التقديس الرسمي مع عصاه وصليبه وعصا الرعاية حيث لم يري في أي موكب احتفالي للعذراء بهذه الملابس واختار التليفزيون الألماني 18لنقطة تذكارية جميلة ثم بثها لهذه الاحتفالية.
أيقونات ومدلولها الخاص
أيقونة عذراء مغارة أسيوط الملكة المتوجة وطفلها الإلهي تتوسط خدرها بالمغارة ولا يسمح بخروجها من موضعها إلا خلال الطواف في الموكب الاحتفالي لشهر أغسطس كل عام…كما تري عذراء الهروب بالدير بجبل أسيوط مستلهمة بيد فناني أسيوط في مشهد رمزي تمتطي حمارا وفي حجرها وليدها الإلهي يقودهما يوسف النجار الشيخ البار…يتهادي الموكب رويدا رويدا وبصعوبة علي صخور جبل أسيوط في طريقه إلي المغارة يصحبه ملاك بغصن زيتون وعنها يذكرنا سمير الهجيني المدير بالتعليم الفني بالمعاش والخادم بمطرانية أسيوط في خواطره التي سجلها عن دير العذراء بجبل أسيوط قائلا بأن الصورة الرمز تحققت بالفعل وكأن العائلة المقدسة دشنت لخطوات تعمير قادمة…إذ كان علينا أن نصعد الجبل غير الممهد وغير القابل للتسلق بذات المشقة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي وكم اضطررنا أن نتسلق بأيدينا وأرجلنا حتي لا يختل توازننا ونسقط علي أحجار الجبل…وبعد مجهود مضن ومسيرة طويلة كنا نصل في عيد العذراء ونتواجد في الكنيسة الصغيرة المتهالكة والمغطاة بأفلاق خشب النخيل..وقد شوهدت الحمير والجمال تصعد إلينا وتحمل لنا قطرات الماء بواسطة (القرب) وبأجور باهظة…وأضاف مازلنا نذكر كيف تفجرت الصخور الخطرة أعلي الصالات وأعيد تهذيبها واستخدامها في التعمير وكيف تمت إزالة أطنان من الأتربة والأحجار كانت تنقل بدائيا إلي أماكن بعيدة…وهذا كله ببركة مجئ العائلة المقدسة للمكان.