اتتفقون معي بأنالكلمة الحلوةأصبحت عزيزة في أيامنا هذه؟!ألم تعد بعيدة عن أفواهنا ونادرا مانسمعها؟!…فالعبوس والوجوم يسيطران علي وجوه الناس أينما رأيتهم…في المواصلات.. في الشارع في العمل…إلخ.
وسرعان ما تترجم علي الألسنة من كلمات مستفزة ومتهكمة وعدوانية في أبسط المواقف التي لا تستدعي ردود أفعال بهذا المقدار من العبارات السلبية التي نعرفها جميعا.
بل ذهب الأمر إلي أن الكلمات الطيبة التي نقولها أحيانا أو نسمعها أحيانا أخري متفرقة لا تخرج من القلب, وبالتالي لا تؤثر في الآخرين,حيث تحولت إلي كلمات جوفاء تخرج من قلب مضطرب ولا تبلغ أعماق السامعين.
قرأت كتابا بعنوانالكلمة الحلوة تفتح الأبواب المغلقةللقس تادرس عطية الله,فشعرت أنه الواحة وسط الأعاصير التي نعايشها يوميا من أخبار مؤلمة ومفزعة ومحزنة تحاضرنا يوميا…فكم نحتاج إلي التقاط أنفاسنا في مثل هذه الموضوعات التي تلطف من حياتنا بعد أن باتت مضطربة بأمور كثيرة,لتعيد شحن وجداننا بأمور إيجابية تعيننا علي مواجهة مصاعب الحياة.
يقول الكاتب إنالكلمة المخلصة المشجعة تسعد وترفع المعنويات وتزيد الثقة في النفس وتدفع لمزيد من النجاح…ليس فقط لمن يسمعها بل لمن يقولها أيضا لأن اللطف في الكلام والرقة في الأسلوب هما سبيلك إلي قلوب الآخرين…فكلما كنت بشوشا في وجوه الآخرين كلما فرحوا بلقائك وشعروا أنك سبب فرح لهم, وانطبق عليك قول الكتاب المقدسطوبي لأقدام المبشرين بالخيرات…أما الكلمة المتعبة فعلي الأقل أجل النطق بها ولا تتسرع فيها,فقد تجد لاحقا أنها ليست في محلها ولا تفيد أحد.
ويتساءل الكتابلماذا الكلمة الحلوة؟ومن منا لا يحتاج إليها؟! ويستشهد بأسطورة هندية قديمة تقولإنه سئلت آلهة القوة…أنت أعنف من الرياح وأقوي من الأمواج..فهل هناك من هو أقوي منك؟فأجابت الكلمة الطيبة أقوي مني.
ويركز من جهة أخري علي ضرورة أن يبادر الإنسان بالكلمات الطيبة قبل أن يتوقعها من الآخرين,وكما قال سليمان الحكيمرابح النفوس حكيم ومالك نفسه خير من مالك مدينة.
قد يتبادر إلي أذهاننا أن هذه الكلمة الطيبة هي كلمات التقدير والمدح من مرادفاتبرافو…شاطر…ممتاز…رائعوهي حقا هكذا وتفعل فعل السحر في تلطيف أمور الحياة وجعل المستمع لها أكثر استعدادا لقبول نصائحك التالية…إلا أن الكلمة الحلوة لها أوجه أخري كثيرة منها كما يذكر الكاتب:
*كلمات المنفعة:مثل عظة الرب يسوع علي الجبل, والتي تمثل أسمي تعاليم البشرية,وكلمات المنفعة للآباء القديسين…تلك الكلمات التي لوتبادلناها في مناسباتها تعزي وتعضد وتفرح وترشد.
*كلمات البركة:وكما قال الكتاب المقدس:باركوا ولا تلعنوا(رو1:14)…باركوا كل أحد حتي لاعنيكم.كل شخص يقابلك قل له كلمة دعاء.كلمة بركة يفرح بها قلبه وتشعره بمحبتك.
*كلمات التشجيع والمديح:خاصة لصغار النفوس والضعفاء والمبتدئين والأطفال تقوي المعنويات وتطمئن النفوس…والحقيقة أن الكبار أيضا يحتاجون إليها في أوقات كثيرة.
*من أروع الكلمات الحلوة كلمات الدفاع عن إنسان وجد كل الناس ضده ووجد علي شفتيك وفي حضنك كلمة أمل ودفاع قد تغير حياته كلها مثلما فعل السيد المسيح مع المرأة التي أمسكت في الزني,ومع المرأة الخاطئة في بيت الفريس.
عبارات الشكر وعبارات الاعتذار تهدئ النفوس, وتعبر عن حب واتضاع ومراجعة النفس خاصة إذا جاءت من الكبير إلي الصغير,لأننا كثيرا ما نطالب بها الصغار فقط بينما لابد أن تكون منهج للجميع.
ومنها أيضا كلمات الطمأنينة من طبيب إلي مريض,وكلمات الحب التي تدل علي العاطفة الصادقة…كلمات الترحيب والنزاهة والصدق والحكمة المملوءة عمقا وكلمات الاتضاع المفعمة بالحياء كلها تصدر من شفاه تقطر شهدا.
وينصحنا الكاتب بأن نجاهد حتي تكون الكلمة الطيبة نابعة من القلب,فللكلمة الحلوة فن في نبرتها وطريقتها لتصل إلي الآخرين, ويحذرنا من جهة أخري من الكلمة الطائشة التي تبدو كالعربة الطائشة, حيث تنطلق بسرعة مدمرة لكل من حولها وهي شأنها شأن الكلمة التي تصدر سريعا دون تفكير.
ويؤكد أن للكلمات الحلوة الطيبة قوة لا يستهان بها لربح الأعداء وتحويلهم إلي أصدقاء,ولفض المنازعات,وحل الخصومات,وجعل الأطفال رجالا ناجحين أسوياء,وحماية الوجه من تجاعيد الحزن والألم وتطييب القلب الحزين وإعادة بناء الجسور المتهدمة.
تعرض الكتاب كذلك لموضوعات كثيرة عن فن المنافشة والحوار والمهارات التي تزيدك جاذبية لدي مستمعيك وغيرها من المحاور المفيدة. واختتم ببرقية سريعة تقول:رجاء تلطيف المعاملة وتحسين ظروف النطق اليومي واستخدام الكلمة الحلوة بدلا من اللوم والصراخ,والحث والتشجيع بدلا من القهر والقمع,فأسلوب الربت والحنان والعطاء والكلمة الحلوة تفتح كنوز العالم.
…وبعد…حقا عزيزي القارئ كم من بيوت خربت وأبناء ضاعت وأصدقاء فقدوا وفرص عمل ضاعت بسبب غياب الكلمة الحلوة, فهل نستدعيها علي شفاهنا ونرددها في قلوبنا مرة أخري؟.
[email protected]