تسبب إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ##أبومازن##, بعدم رغبته في الترشح لولاية ثانية, في حالة من الجدل الفلسطيني والعربي والدولي حول مستقبل السلطة الفلسطينية وعملية السلام, في ظل عدم الاتفاق علي بديل فلسطيني مناسب لأبومازن, وإمكانية أن يؤدي هذا القرار إلي مزيد من الانقسام الفلسطيني الداخلي والذي قد تستفيد منه حركة حماس بتقوية وضعها في الأراضي الفلسطينية بأسرها.
اعتبرت صحيفة ##لاليبر بلجيك## البلجيكية أول أمس الجمعة أن إعلان عباس يعكس حالة من إحساسه بتعرضه للخيانة من قبل أقرب حلفائه الغربيين, وأشارت الصحيفة في تحليل لها إلي أن موقف الولايات المتحدة ##المضطرب والمرن في الاتجاه الإسرائيلي## في قضية الاستيطان, عزز لدي عباس الإحساس بأنه ##ترك لمصيره## في مواجهة الشعب الفلسطيني.
وأوضحت الصحيفة أن الانقسام الداخلي الفلسطيني وموقف حركة حماس وتهديدها بمنع إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في قطاع غزة,عزز قناعة الرئيس أيضا بتعقد الوضع, فالمصالحة الفلسطينية الداخلية تبدو بعيدة المنال.
أضافت الصحيفة البلجيكية أن المحاولات التي قام بها كل من الرئيس مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني, لإقناع محمود عباس بالعدول عن موقفه قد باءت بالفشل.
من جانبها قالت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) إنها تتمسك بالرئيس الفلسطيني محمود عباس كمرشح وحيد لها في انتخابات الرئاسة المقبلة, وجاء ذلك في بيان صحفي للجنة أكد أن القرار اتخذ بالإجماع.
في هذا السياق, ذكر بيان للرئاسة الفلسطينية أن عباس تلقي اتصالا هاتفيا من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي عبر فيه عن دعمه لعباس وطالبه بالعدول عن قراره بعدم رغبته بترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة, كما تلقي عباس اتصالا هاتفيا من المنسق الأعلي للسياسة الخارجية للاتحاد الأوربي خافيير سولانا الذي دعاه لتغيير قراره وبحث عباس مع سولانا آخر التطورات وعملية السلام المتعثرة, أما الموقف الأمريكي من عباس, فعبر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي روبرت جيبس الذي قال إن واشنطن تتطلع إلي مواصلة العمل مع الرئيس الفلسطيني. كما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إنها تتطلع للعمل مع الرئيس الفلسطيني ##بأي صفة جديدة##.
علي الجانب الآخر صرح داني إيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للإذاعة العامة أنه شأن فلسطيني داخلي, لكن من الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة تهمهما وجود قيادة فلسطينية مسئولة وبراجماتية, وذكر مسئول إسرائيلي بارز لوكالة الأنباء الفرنسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد بنيامين نتنياهو يري في عباس ##شريكا للسلام##, بالرغم من أنه لم يقدم له حتي الآن أي تنازل يمكنه من تبرير نهجه التفاوضي أمام شعبه. وأضاف المسئول الذي طلب عدم الكشف عن هويته ##نود البدء في مفاوضات بالسرعة الممكنة مع قيادة فلسطينية معتدلة##. ونقل موقع ##واي نت## الإخباري واسع الانتشار علي الإنترنت عن مسئول لم تكشف عن هويته قوله ##من مصلحة إسرائيل بقاء عباس في منصبه##.
واهتمت الصحف الإسرائيلية بالنبأ, واتفقت علي أن القرار ليس في مصلحة إسرائيل, حيث ذكرت صحيفة ##يديعوت أحرونوت## تحت عنوان ##بدأ الطوفان## أن الجريدة أجرت مقابلة مع عباس قبل عام ونصف تقريبا, وقال فيها إنه لن يرشح نفسه لولاية ثانية وردا علي سؤال عن ماذا سيكون بعده, اختار عباس أن يرد بالتعبير الفرنسي, ##الطوفان من بعدي##.
أضافت الجريدة الإسرائيلية أن حماس ستحظي بتأييد كبير في الضفة الغربية أيضا وستقلل من قوة الحركة الوطنية الفلسطينية, وإذا ما تم إتمام صفقة شاليط قريبا وقبل موعد الانتخابات الفلسطينية, فإن التأييد الذي سيحظي به هنية والأصوليين الفلسطينيين سيصل عنان السماء, وعندها ستقع حقا نكبة الشعب الفلسطيني.