لاتزال ردود الفعل مستمرة حول تقرير لجنة تقصي الحقائق لأحداث ماسبيرو الدامية التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان, حيث دعا التقرير إلي تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة للتحقيق في هذه الأحداث من أجل توضيح عدد من الحقائق الغائبة, ومنعا لوضع المؤسسة العسكرية في أي إحراج بالانفراد بالتحقيق وإعلان النتائج, ومطالبة الجهات الأمنية بالكشف عن العناصر التي تقحم نفسها في المظاهرات السلمية وتحولها إلي أعمال عنف وشغب, ومطالبة الحكومة بسرعة إقرار وصرف معاش استثنائي لأسر الشهداء من المواطنين المسيحيين, أسوة بما جري بالنسبة لشهداء 25 يناير, وكذلك تحمل نفقات علاج المصابين وتعويض الخسائر في الممتلكات من صندوق التعويضات بوزارة المالية.
أكد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس علي ضرورة التحقيق مع القائد العسكري في منطقة ماسبيرو للتعرف عن من قام بدهس المتظاهرين طالما أثبت التقرير وجود حالات وفاة بالدهس, والإفراج عن علاء عبد الفتاح لموقفه المعلن من حادث ماسبيرو ورفضه لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية, مؤكدا أن الجهات الأمنية معنية بالكشف عن الأفراد الذين يشاركون في المظاهرات السلمية بتوقيتات معينة بغرض إثارة الفوضي والعنف, وهو الأمر الذي تكرر من قبل في أحداث مسرح البالون وأحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية.
ونوه سمير مرقس عضو اللجنة إلي أنه أصر علي كتابة خلفية تاريخية عن حوادث العنف الطائفي في التقرير للتأكيد علي فداحة الكارثة وما آلت إليه الأوضاع في مصر, خاصة وأنه في ظل غياب الأمن وتراجع دولة المواطنة والقانون ظهرت عشرات المشكلات التي لم تجد حلولا واضحة من الحكومة, وبالرغم من التحذيرات المبكرة من المجلس القومي لحقوق الإنسان إلا أن الحكومة المصرية اتبعت نفس الأسلوب التقليدي والمسكنات التي تم استخدامها خلال الأربعين عاما السابقة دون احترام لسيادة القانون, وتأخرت في مواجهة تداعيات الحدث, وتراخت في تنفيذ توصيات لجنتها للعدالة الوطنية التي ذهبت لعدد من المواقع التي شهدت توترا طائفيا , ولم تبادر بمحاسبة من خالفوا القانون, بالإضافة إلي تراخيها في إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة, مؤكدا أن الحكومة عليها تحمل مسئولياتها في هذا الظرف الذي يمر به المجتمع.
وفي هذا الإطار قال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إن التقرير لم يجب علي عدد كبير من التساؤلات التي شغلت الرأي العام لتوضيح من أطلق الرصاص علي المتظاهرين, ولماذا لا يتم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة الجناة الحقيقيين بدلا من اعتبار الجاني مجهولا, مشيرا إلي أن حادث ماسبيرو هو أسوأ نكسة سياسية بعد 1967, وأنه من حظ الحكومة المصرية عدم التوقيع علي ميثاق المحكمة الجنائية الدولية, وإلا لكان وجد عدد من المسئولين مدانا أمام هذه المحكمة بسبب ماسبيرو.
وانتقد رامي كامل منسق اتحاد شباب ماسبيرو التقرير الذي أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان وأكد أنه لم يقدم المعلومات بشكل كامل, ولم يرصد عددا من المعلومات المهمة التي كان يمكن أن تفصح عن الأمور الغامضة بالتقرير.
من جانبه انتقد جورج إسحق عضو المجلس عدم إعلان مجلس الوزراء عن تقرير اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل رغم مرور شهر علي الحادث, ولم تظهر معلومات حتي الآن, وهذا التقرير مقدم إلي جهات التحقيق لأنه مستند علي معلومات موثقة ووقائع ولابد من الاستماع إليها, منتقدا تراخي الدولة في مواجهة هذا الملف الذي يعد قضية أمن قومي, مشيرا إلي ضرورة التحقيق مع قيادات التليفزيون المصري الذي لعب دورا تحريضيا كبيرا كان يمكن أن يترتب عليه كوارث لولا وعي المجتمع المصري وتدخل العقلاء وتم محاصرة تفاقم الأزمة.