لاشك أن الفنان الكبير محمد فوزي(1918-1966) من علامات وأعلام الفن المصري في القرن العشرين والسمة الأبرز في إبداعه العتائي هو التسلح بالروح الشعبية المرحة الأصيلة.فكان أداؤه نابعا من القلب فهو يغني وكأنه لا يغني.
يمثل فيوقن المشاهد أن الشعور بالغربة لا موضع له في ظل الحضور المتوهج وأجمل ما في محمد فوزي أنه لا يشبه أحدا.فلا يقلد ولا يسهل تقليد,متفرد في الغناء والتلحين والتمثيل,وعلي هذا الأساس كتب الباحث مصطفي بيومي كتابهمحمد فوزيالمجد والدموعوالصادر مؤخرا عن وزارة الاستثمار يضم خمسة فصول أولها رحلة حياةفقد ولد محمد فوزي في قرية كفر أبو الجندي وهو من عائلة بسيطة وكان يحمل رقم21في قائمة الأخوة ولم يكن أصغرهم وآخرهم تلقي تعليمه في الكتاب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في طنطا ولم يتمكن من مواصلة التعليم الثانوي لانشغاله بالغناء وولعه بالموسيقي وذاع صيطه كمطرب يردد أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب في حفلات المدرسة والتجمعات الشعبية والموالد.
سافر محمد فوزي إلي القاهرة دون موافقة الأب فاصطدم الشاب الصغير بالغربة والفقر معا واستمرت هذه المعاناة إلي أن أتيحت له الفرصة ليعمل مطربا في فرقة بديعة مصابني وبعدها انضم لفرقة فاطمة رشدي المسرحية ثم أعاد اكتشافه من جديد الفنان يوسف وهبي الذي تعاقد مع لأول فيلم لهسيف الجلادثم بعد ذلك ارتقي محمد فوزي سريعا من دور الكومبارس إلي البطولة الثانية وكان رصيد أفلامه 34فيلما.
ويدور الفصل الثاني من الكتاب حول المطرب الملحن عن ألحانه التي قفزت بالأغنية العربية إلي آفاق جديدة حيث تميزت أغانيه بالمرح والرومانسية وأطلق عليها في عصره بالأغاني الخفيفة أو الأغنية العاطفية الشبابية تنوعت أغانيه ما بين الأغاني الدينية الروحية والرومانسية وأغاني الأطفال والأغنية الاستعراضية.
أهم ما يميز أغانيه عن المعاصرين له هي فيموسيقاهالتي تميزت بخفة الدم والمرح البرئ كما شاهدناه في دويتوشحات الغرام الذي غناه مع الراحلة ليلي مراد ففي هذه الأغنية مارس محمد فوزي ألعابه الكوميدية في مقامات اللحن وليس في الكلمات كما هو معتاد في الغناء الخفيف فينما كان يغني من مقامهزاموهو أحد المقامات الانفعالية في الموسيقي العربية كانت ليلي مراد تغني في مقامالراستالرصين وقصد فوزي أن يضع المقامين أمام بعضهما البعض ليحدث نوعا من التصادم بينهما لينبع كوميديا اللحن.
وليست مصادفة أن يجد فيه المطربون الشباب في نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين كنزا ينهلون منه ويعيدون إنتاجه كما هو الحال عند علي الحجار ومدحت صالح والحلو وغيرهم.
ويدور الفصل الثالث عن السينمائي فيعد فوزي علامة فارقة بالغة الأهمية في تاريخ الموسيقي ورائد أيضا في مسيرة السينما المصرية فهو ممثل ومنتج من طراز فريد ونادر,فقدم أفلاما محترمة جديرة بالاهتمام والتأمل علي المستويين الكمي والكيفي متعاونا مع كبار المخرجين والممثلات والممثلين وحريصا علي احترام الذوق العام والارتقاء به دون هبوط في هاوية الإسفاف والابتذال.
ومن أهم الأفلام التي قدمها هي مجد ودموع في1946 وأصحاب السعادة وعدو المرأة وصباح الخير في عام1947 وحب وجنون1948 وفيلم نرجس وفيلم الروح والجسد والزوجة السابعة في عام1950,وابن للإيجار 1953 وثورة المدينة عام1955 وكل دقة في قلبي 1959 وليلي بنت الشاطئ 1959.وقد بلغت أعماله السينمائية 56 فيلما.
أما الفصل الخامس فكان بعنواندروسوعرض لمشكلة تأميم شركة مصرفونالتي أسسها فوزي لخدمة الفن وأممتها الثورة وكانت بداية النهاية للفنان الكبير.