النبات..رئة الحياة,ومن المعروف أنه كلما زادت المساحات الخضراء كلما تقلصت نسب التلوث الهوائي,من هنا جاءت أهمية التشجير ذلك فضلا عن الأهمية الاقتصادية للأخشاب والزيوت وغيرها من الفوائد التي تدرها زراعة الأشجار,وفي كل المجتمعات المتقدمة نلحظ اهتماما كبيرا بقطاع الغابات,باعتباره بؤرة التشجير في أي مكان,ولكن يتدني هذا الاهتمام في مصر إلي حد الإهمال وهذا ما دعا المكتب الإقليمي للشرق الأدني لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدةفاوبالتعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي مؤخرا لتنظيم ورشة عمل للخبراء حول سياسة الغابات في مصر ,تهدف إلي تعزيز سياسة الغابات المقترح طرحها علي مجلس الشعب قريبا وكيفية ارتباطها بالإنتاج الزراعي والحيواني وحماية البيئة,حضر اللقاء خبراء ومسئولون من مختلف الجهات المعنية وأداره د.السيد خليفة الأستاذ بمركز بحوث الصحراء ومستشار التشجير بالإدارة المركزية للتشجير والبيئة.
في البداية ألقي عبد السلام ولد أحمد ممثل الفاو في مصر الضوء علي التحديات التي تواجه هذا القطاع قائلا: يواجه قطاع الغابات في مصر غياب خطة قومية لتنظيمه فأنشطة زراعة الأشجار تقوم بتنفيذها مؤسسات حكومية بشكل منفصل دون وجود سياسات مشتركة ودون النظر لنوعية الخشب الذي ينتجه التشجير ولا المنتجات غير الخشبية مثل الفواكه والزيوت التي تدخل في العديد من الصناعات.
وحتي الآن لا يوجد تقييم وحصر دقيق للغابات الموجودة يمكن للباحثين من خلاله الحصول علي معلومات دقيقة للاستفادة منها.ويلاحظ أيضا ضعف التمويل الحكومي لهذا النشاط فهو يمثل2.5% من ميزانية الدولة في حين أن الاهتمام به يدر عائدا اقتصاديا كبيرا علي الدخل القومي,لهذه الأسباب أعدت منظمة الفاو دراسة لصياغة سياسة الغابات في مصر ووضع تصور لتشريع قانون ينظم زراعة الغابات.
من المسئول؟
تحدث د. أحمد البحة خبير التشجير عن الجهات المسئولة عن قطاع الغابات في مصر وهي:الإدارة المركزية للتشجير التي تقوم بزراعة غابات صناعية وتمويلها بمبلغ 35 مليون جنيه سنويا,ووزارة البيئة التي يتركز دورها في الإرشاد والتعاون مع وزارة الزراعة في حماية المحميات الطبيعية وعقد الاتفاقات الدولية والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي,وهي تقدم دعما ماليا من خلال إقامة محطات تضخ مياه معالجة لزراعة الأشجار وغيرها من الجهات الحكومية والبحثية بالإضافة للمحليات.
أما القطاع الخاص المهتم بزراعة الغابات فهو يمثل نسبة ضئيلة جدا,ويركز علي أنواع محدودة من الأشجار مثل الهوهوبا والجاتروفا,أما الفلاحون يزرعون الأشجار حول الحقول لتكون مصدات للرياح فقط مع أنه من الممكن تطويع هذه المصدات لأهداف اقتصادية من خلال اختيار أنواع منتجة للزيوت.والمشكلة في عدم وجود سياسة واحدة تجمع أدوار كافة الجهات السابقة وتستفيد بجهودها لتنمية قطاع الغابات.
وفي كلمته أشار د. محمد جمعة رئيس قطاع الإصلاح الزراعي إلي أن مصر لديها حوالي 2 مليون فدان من الأراضي الجديدة ضمن أراضي الاستصلاح الزراعي معرضة لكل أنواع التدهور البيئي لعدم اختيار نوع الشجر المناسب في المكان المناسب له,ولذلك فأننا في حاجة إلي الانتقال من مرحلة التطبيق المتناثر الفردي إلي مرحلة التفكير المنظم الذي يعتمد علي التخطيط الاقتصادي وتنفيذ مشروع متكامل علي مستوي مصر.
القوانين قاصرة
قدم د. قرشي محمد كانون الخبير القانوني للتعاون الفني بين الدول النامية تصورا للتشريعات المقترحة لقطاع الغابات فقال: هناك إجماع علي ضرورة صياغة قانون للغابات في مصر دولية.والأحكام الموجودة حاليا متناقضة وهي أحكام عقابية وليست تحفيزية.
وهناك اقتراح بتأسيس هيئة عامة لإدارة الغابات والأشجار وإنشاء صندوق لإدارة الغابات والأشجار,ومن الضروري وجود قوانين ضد القطع الجائز للأشجار بالغابات,علي أن يكون العاملون بالهيئة العامة لإدارة الغابات لهم سلطة الضبط القضائي,وأن تكون العقوبة متناسبة مع حجم المخالفة أو الجريمة.
صناع القرار لايعلمون
تحدث د. مجدي علام عضو مجلس الشعب والخبير البيئي ورئيس الاتحاد العربي للشباب والبيئة عن أهم التحديات التي ستواجه التشريع المقترح فقال:التحدي الأول إقناع الحكومة بأهمية هذا القطاع,فرغم الجهود المبذولة من جهات عديدة في هذا المجال إلا أن القيمة الاقتصادية والسياسية للغابات لا تجد اهتمامات عند صانع القرار في مصر,إذ أن بعضهم لا يعلم حجم الفائدة التي ستعود من هذا القطاع علي الاقتصاد الوطني,لذلك يجب إدراج إحصاءات تفصيلية في أوراق هذا المشروع الذي سيقدم إلي مجلس الشعب حتي يكون مقنعا من حيث الجدوي الاقتصادية تتناول الإحصاءات حجم الأخشاب التي ستنتج والورق وحجم الاستيرادات التي سيتم توفيرها والجمارك,ولابد من الاستفادة من خبرات الدول الأخري .
أضاف د. مجدي علام قائلا:لدينا كم هائل من مياه الصرف الصحي التي تلوث الماء والأرض وتستنفد الأموال فهذا القطاع الصرف الصحي يحصل علي21.2 مليار جنيه من الموازنة العامة,ويمكن استغلاله كمصدر اقتصادي.
وعلي هذا نطالب بوجود بند في موازنة الدولة للغابات الخشبية وليس فقط الغابات التي تزرع علي مياه الصرف الصحي المعالجة مثل غابة سرابيوم بالإسماعيلية وهي مثال منتجع للغابات بل حتي أشجار الطرق وأشجار الصحراء ونباتات إنتاج الزيوت.
وطني تسأل:
توجهت وطنيبالسؤال عن دور المنظمات غير الحكومية في مجال التشجير.فأجاب د. مجدي علام قائلا:في عام 2004 قمنا بعمل مرجع سجلنا فيه 444 مشروعا علي مستوي الجمهورية تتولاها المنظمات غير الحكومية,منها 215 مشروع تشجير كبير ومن الجمعيات العاملة في هذا المجال جمعية أصدقاء الشجرة وجمعية البساتين وجمعية حماية الثروات الطبيعية بحديقة الحيوان ,كما قامت جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة بزراعة غابات مروية بمياه الصرف الصحي المعالج.
ورغم ذلك مازلنا نحتاج إلي جهود وإحصاءات كثيرة,علي رأسها حصر مساحات أشجار الزيتون في سيناء ومطروح.
مشروعات للإزالة
تحدث د. عصام أبو الذهب مدير عام الشئون القانونية في جهاز شئون البيئة عن بعض التناقضات في مجال التشريع,إذ يوجد 13 قانونا بينها تعارض,فقانون المحميات يحذر من زراعة أشجار غريبة داخل المحميات الطبيعية,وهناك قوانين تعاقب من يزرع وأخري تعاقب من يقطع,كما أنه بسبب عدم التنسيق بين الجهات المعنية تتم إقامة مشروعات بتكلفة كبيرة,ثم يتم إزالتها,حدث ذلك في الجزيرة الوسطي في طريق مصر-إسكندرية الصحراوي,مما يعد إهدارا للمال والجهد.