ستيفن شوارتز طبيب عيون في جامعة كاليفورنيا بـلوس أنجلوس.. يشاهد كل يوم مصابين بأمراض خطيرة تتسلل ببطء لتحرمهم من نعمة الإبصار..وذات يوم زارته فتاة في الثانية عشرة من عمرها تشكو من ضعف الإبصار الشديد,وبعد أن فحصها بعناية ودقة أخبرها أنها مصابة بتلف شديد في أنسجة الشبكية, وأخبرها بكل صراحة أنها عن قريب ستواجه الظلام الدامس وأنه ليس بمقدوره علاجها من هذا العمي الذي يتوعدها ووصف لها بعض الأدوات التي تساعدها مؤقتا علي الحد الأدني من الرؤية وبعض الفيتامينات في محاولة لحث البقية المتبقية من الخلايا علي تأدية وظائفها.
تقبلت الفتاة وأسرتها الخبر كأمر واقع مع الاحتفاظ بشعاع أمل حتي أنهم أبدوا استعدادهم لخضوع الفتاة للتجارب والأبحاث.ووعدهم ستيفن شوارتز أنه سينقل بهم إذا وجد الفرصة المناسبة.
وظل شوارتز علي وعده وهو منهمك في أبحاثه المثيرة علي مدي 14 عاما ,لم ينس فيها هذه الفتاة حتي جاءت اللحظة المناسبة ولكنه اتصل بها مؤخرا بعد أن وصل عمرها إلي26 عاما ولكن إيمانها لم يفتر,وقد أخبرها أنه يستعد لاختبار أول علاج بالخلايا الجذعية الجنينية لمرصد تلف الشبكية وسيتم حقن عينيهامع مجموعة من مصابين آخرينبالخلايا الجذعية لتحل محل الخلايا التالفة في الشبكية وتنقذ البقية المتبقية من خلايا مستقبلات الصور.
وقد تم مؤخرا حقن اثنين من المرضي المصابين بتلف في الحبل الشوكي بملايين من خلايا جذعية جنينية سوف تساعد الخلايا العصبية علي الاتصال بعضها ببعض في محاولة لإصلاح شبكة الأعصاب التالفة المتصلة بالحبل الشوكي وتمتد إلي الساقين والأصابع والأطراف ويأمل العلماء أن تمكنهم طريقة حقن الخلايا من الاستغناء عن العلاج التقليدي لأمراض عديدة مثل مرض السكر وأمراض القلب وتصلب الشرايين وإصابات الحبل الشوكي.
ويأمل العلماء أن يتم استبدال الخلايا التالفة التي توقفت عن أداء وظيفتها بخلايا أخري عديدة يمكنها بالتدريج علاج العديد من الأمراض المزمنة,وستكون الخلايا الجذعية هي المفتاح السحري لعلاج كثير من الأمراض البشرية المستعصية.
يقول د. روبرت لانزا المشرف الرئيسي علي تجارب الخلايا الجذعية في إحدي الشركات التي تنتج خلايا الشبكية لقد استدعي الأمر 10 سنوات من التجارب لتصل إلي هذه الخطوة, خلال هذه السنوات كان العلماء يحاولون الإجابة علي عدد من الأسئلة الصعبة,كيف يمكن أن يكون شيئا واقعيا وعمليا استخراج خلايا من الجنين البشري ومعالجتها حتي تنمو وتصبح خلايا عصب أو عين ثم يتم زرعها في أجسام المرضي؟وكيف سيستقبل جهاز المناعة الخلايا الجديدة التي أخذت من أجنة أي أجسام غريبة؟وهل يمكن أن تتحول الخلايا الغريبة إلي أورام؟ وإذا لم تكون أوراما هل ستحقق الأمل المرجو وتؤدي وظيفتها المطلوبة؟وهل ستعيد الإحساس في حالة الإصابة بالحبل الشوكي أو ستعيد الرؤية لفاقدي البصر؟
ونظرا لتعقد التجارب..وفي محاولة لتفادي الآثار السيئة التي تنتج عن نشاط جهاز المناعة يتم حقن المريض بمواد محبطة لجهاز المناعة مؤقتا حتي لايتفاعل مع الخلايا الجديدة,وهو نفس الأسلوب الذي يتبع في حالات زرع الأعضاء.
وعلي أية حال هناك نوع من الخلايا الجذعية تشبه الخلايا الجنينية يمكن استخراجها من جلد المريض وبذلك يتم تفادي مشكلة جهاز المناعة. يقول د. ستيفن شوارتز إن هذه هي التجارب الأولي هي مجرد بداية وهو لايتوقع أن يتم الشفاء التام للمجموعتين الخاضعتين للتجربة, فليس من المنتظر أن تعود الرؤية الكاملة لفاقدي البصر,أو أن يستطيع مرضي الحبل الشوكي المشي بسهولة,ولكن إذا ثبت أن هذه الطريقة آمنة فسوف يستمر العلماء في مواصلة الجهد والتدخل للتعامل مع الخلايا الجديدة لتكون أكثر فاعلية وتؤدي وظائفها علي أكمل وجه.