إن العطاء الفني يتدفق كالحب…فالفن تجارب وطموح بغير نهاية…وحقيقة كامنة في إضافاته المستمرة عبر الزمن…ولكل فنان مبدع فلسفته في الحياة…تنعكس علي أسطح لوحاته كما يحب أن يراها…نلمس تلك المعاني من خلال إبداعات الفنان فتحي مصطفي الخطيب…والتي يؤكد فيها بحثه عن استنباط علاقات جمالية لخصائص الأشكال والربط بين القطع الزجاجية وكيفية تحاورها مع الشكل الملون مما يضفي علي هذا الجمال بعدا معاصرا.
تستقبلنا لوحات فتحي الخطيب المعروضة حاليا في قاعة أكسترا للفنون بالزمالك بترحاب دافئ…نري فيها المساحات اللونية وقد صاغها في تكوينات تتجلي فيها قدرته علي الجمع بين العمل الفني وبين شاعرية هامسة تضفي وميضا أخاذا علي اللون والشكل.
قدم مجموعة من إبداعاته المختارة مع أحدث إنتاجه الفني…معالجا بعمق طبيعة الأشياء في البيئة المصرية…بألوانها الزاهية وسطحها الذي يغلب عليه الطابع الرملي…وساء ساحرة نستشعر منها الإحساس بكثافة الهواء في المنظر الطبيعي.
يشعر كل من يشاهد لوحات الفنان فتحي الخطيب بجمال الحياة..وسحر النور وهمس الظلال..حيث الخيال والتلقائية اللذان يتحدان مع اللون ليحققان عالمه الخاص…في أشكال نجد فيها اندماج الأبعاد الحالمة الشفافة بالألوان الطازجة.
واستطاع فتحي الخطيب من خلال تجولاته بين جمال الطبيعة والكنوز المعمارية للبيئة أن يبرز ملامح ذلك المكان…ما جعل لكل منظر مذاقا خاصا…فنجد مسطحات الخضرة المنبسطة في الحقول….وأعماله المستوحاة من واحة سيوة والغردقة وأسوان وتميزها بالطبيعة والعمارة الشعبية وعناصرها.
وبنفس مقدرته التي عبر عنها في مناظر النيل وصخور الشاطئ…ومناظر جبال المقطم…وسيناء ذات الألوان الذهبية….برع الفنان فتحي الخطيب في صياغة أحدث إبداعاته الفنية التي توصف ”بالفنون البينية” وهي تجمع بين فن الرسم باللون وبين فن الزجاج الملون بأحجامه المختلفة في حركة دائمة مع الخلفية اللونية.
ويلعب الضوء سواء الخافت الحنون أو الواضح الجرئ حين يسقط علي العمل المرصع بالقطع الزجاجية الملونة سواء الشفافة أو المعتمة ليعطي لغة تعبيرية جمالية…حيث إبراز الملامس والتنغيمات والتكوينات ذات الطابع التجريدي المعاصر.
وهذا ما نجح فيه الفنان فتحي فجمع بين اللون والزجاج في بوتقة واحدة وبأساليب مختلفة تشهد علي تمثله لروح العصر…حيث ينبغي الربط بين العلوم والطبيعة والإنسانية ليفرز لنا هذه المجموعة الرائعة من اللوحات التي جمع فيها مع مساحات الألوان خامة الزجاج المكسور بألوانه في تكوينات مبتكرة ومعاصرة.
تحية وتهنئة للفنان فتحي الخطيب لما قدمه من لوحات للبيئة المصرية والطبيعة الصامتة والتجربة الإبداعية لتلاقي الشكل اللوني والخامة الزجاجية المجسمة في متغيرات جمالية ذات قيمة فنية عالية…يثري بها رصيده الفني محتويا لقيم ذات موروث فني يتمشي مع المتذوق المثقف.