أصدر المجلس العربى للطفولة والتنمية كتابا تحت عنوان “الطفل العربى فى مهب التأثيرات الثقافية المختلفة” بمشاركة 40 باحثا من مختلف الدول العربية.
تحدث د. ثروت إسحاق أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس عن تحديات الهوية الثقافية للأطفال مركزا على أطفال المهجر، خاصة الجيل الثالث من أبناء المهجر الذى يكون حظه من التحرر من قيود الثقافة العربية أوفر، ويقترب معظم أبنائه من الثقافة العربية فقط من قبيل حب الاستطلاع، ولا ينجح فى الالتزام بالهوية الثقافية العربية إلا نسبة قليلة منهم.
وركزت الباحثة د.سهير الدفراوى على الطفل العربى فى الولايات المتحدة الأمريكية، موضحة أن المهاجرين العرب يواجهون التحديات فى تربية الأبناء، نظرا لتدخل وسائل الإعلام خاصة التليفزيون فى حياتهم ولانشغالهم المفرط أيضا فى العمل، غير أن الباحثة لا تنكر أن المشاكل نفسها تواجهنا إلى حد ما فى العالم العربي.
من جانبه رصد د.هادى نعمان الهيتى أستاذ الإعلام بجامعة بغداد الظواهر التى تبرز فى الإعلام الموجه للطفل العربى، مؤكدا أن الإعلام يحمل فى معظمه قيما استهلاكية، كما يميل فى مضمونه للتصلب الذى يتردد فى كلمات من قبيل “الثبات على المبدأ” و”الصمود” و”الإقدام”، وغيرها من المقولات التى تدفع إلى “التصلب” وتبرره، ويحذر الهيتى من أن بلورة هذه المفاهيم فى الطفولة قد تقود فى الكبر إلى التطرف.
تناولت الإعلامية السورية هالة الأتاسى تأثير النماذج الإنسانية فى المسلسلات العربية والغربية على الطفل العربى، بينما اقتربت المخرجة المصرية زينب زمزم من الكارتون الذى يمثل الجانب الأكبر فى جذب المشاهد الصغير موضحة تأثيره على الطفل العربى فى ضوء إشكالية الغرس الثقافى، وأوصت بضرورة الاتفاق على ما نريده لأطفالنا، وإعداد الكتَّاب السينمائيين المتخصصين فى الكتابة للطفل وتوفير الظروف الملائمة لممارستهم عملهم بكفاءة، ومحاولة تطوير شخصيات كارتونية عربية مشتقة من التراث الشعبى، كما أوصت بتشجيع الإنتاج العربى المشترك، بما يسهم فى توفير تقنيات فنية وبشرية هائلة، ويسمح بتبادل الخبرات لإنتاج أعمال عربية متميزة تحترم عقلية الطفل، وتشبع احتياجاته.
وقال د.حسن البيلاوى المشرف العام للمجلس العربى للطفولة والتنمية إنه من ضمن الموضوعات التى يتطرق لها الباحثون فى هذا الكتاب واقع ازدواجية الثقافة والتعليم فى المجتمع العربى وانعكاساتها على ثقافة الطفل، والتى تظهر جليا فى تعرض الأطفال للمضمون الأجنبى فى البرامج التليفزيونية والقيم السياسية والاجتماعية السائدة فيها، ووضع الطفل فى منظومة ثقافة الاستهلاك. وكذلك هناك موضوعات أخرى مهمة مثل: حقوق الطفل الثقافية فى المواثيق الدولية وتفعيلها فى الوطن العربى.. رؤية مستقبلية؛ وحق الطفل فى الراحة ووقت الفراغ؛ ومشكلات التذوق الثقافى عند الأطفال.. صور وآليات، والتربية الجمالية للطفل العربى، وحاجة الطفل العربى إلى المسرح والموسيقى حاجته للهواء، ودور اللعبة الشعبية فى الحفاظ على الهوية الذاتية للطفل العربى فى ظل إفرازات العولمة، وتشجيع الأطفال على القراءة، والطفل العربى والمنظومة اللغوية فى التعليم، ومشكلات الكتابة للطفل العربى، وصحافة الطفل: عالم من الجمال والخيال، والأطفال فى ظل خريطة إعلامية متغيرة، ومواد وبرامج الأطفال فى القنوات الفضائية العربية، وتأثير وسائل الإعلام الأجنبى على الطفل العربى فى زمن الثورة الرقمية.
وذكرت د. سهير عبد الفتاح الخبيرة بالمجلس أن الكتاب لا يهدف فقط لمخاطبة المهتمين أو المختصين، بل يقصد كذلك دعوة كل أب وكل أم وكل مثقف وكل مسئول، للاهتمام بالطفولة العربية وجعلها محورًا أساسيًا فى أى عمل أو مشروع أو خطة أو سياسة، فالطفولة العربية هى المستقبل العربى.