سافرت إلي الغردقة بدعوة من أحد أبنائي لقضاء سبعة أيام في أحد فنادق السبعة نجوم, حيث تتعدد الخدمات والأنشطة ومناطق الجذب والكافتيريات والمطاعم.. توجهنا لتناول الغذاء في أحد مطاعم الفندق فوجدت المطعم بنظام البوفيه المفتوح, كل نزيل يحمل طبقا كبيرا يجمع فيه مالذ وطاب من شتي أنواع الطعام بكميات كبيرة تكفي لإشباع أسرة بكامل أفرادها. ومن الطبيعي أنه لن يقدر علي التهام الكميات الضخمة التي جمعها فيترك معظمها وينصرف, ويأتي العاملون بالمطعم ويجمعون ما تبقي علي الموائد من فضلات الطعام لإلقائها في القمامة.. مشهد يتكرر طوال اليوم عبر الوجبات الثلاث.. بالإضافة إلي ما يحدث ولا تخطئه العين في الكافتيريات المنتشرة حول حمامات السباحة وحدائق الفندق, حيث يمكن لكل نزيل أن يطلب ما يشاء من أطعمة ومشروبات في ظل سياسة التسويق الجديدة السائدة المعروفة بالإقامة الشاملة المدفوعة سلفا.. ومن الطبيعي تبعا لذلك أن تتكرر مشاهد البوفيه المفتوح من شراهة الاستهلاك وضخامة الفضلات التي تستقر في النهاية في صناديق القمامة!!.
تأملت ما يحدث حولي ومثيله في جميع الفنادق بأنحاء الجمهورية ومرت بخاطري صور فقراء مصر الذين لا يجدون لقمة الخبز الحاف.. إنها معادلة مفجعة.. أطنان من خيرات الأطعمة بملايين الجنيهات تلقي يوميا في مقالب القمامة.. وملايين البطون الجائعة تبحث عن لقمة العيش الحاف في مقالب القمامة في حواري مصر وأزقتها!.
الجمعيات الخيرية تشن حملات مستمرة وتسعي لجمع التبرعات والملابس المستعملة والصحف والمجلات والكتب والكشاكيل القديمة لإعادة تصنيعها والاستفادة من عائدها في أعمال الخير.. ورغم هذه الجهود الضخمة فإن عائدها يعتبر متواضعا جدا إذا ما قيس بمخلفات الطعام.
ألا يمكن فتح قنوات بين هذه الجمعيات والفنادق الكبري بأنحاء مصر والتنسيق بينها وبين هذه الجمعيات للاستفادة من فضلات الأطعمة التي تقدر بالأطنان وتبلغ قيمتها ملايين الجنيهات لتتولي هذه الجمعيات نقلها يوميا في ثلاجات وإعادة تغليفها وتعليبها وتوزيعها علي الفقراء وملاجئ الأيتام بدلا من إلقائها في صناديق القمامة؟.. سمعنا عن تجربة رائدة في هذا المجال تقوم بها إحدي جمعيات السيدات المصريات العاملة في التنمية المجتمعية, لكنها تبقي تجربة واحدة وحيدة قاصرة علي استيعاب الحجم الهائل لفضلات الأطعمة وكذلك عاجزة عن تلبية احتياجات المعوزين منها.
نحن في حاجة إلي مبادرة سريعة لانتشال ملايين الجنيهات من صناديق القمامة لسد الأفواه الجائعة التي لا تجد ملاذها إلا في مقالب القمامة والخرائب.