يحتل القضاء منزلة رفيعة في مختلف المجتمعات,وللنظام القضائي أركان عدة تمثل معا منظومة العدالة,من أهم هذه الأركان الطب الشرعي الذي يكشف أسرار كثير من الجرائم ويكشف المستور فلا يستقيم الحلم في العديد من القضايا بدون تقاريره .
للتعرف علي هذا المجال والوقوف علي معوقاته وتطلعات الخبراء أجرينا هذا التحقيق:
المهنة ..والتدريب
أكد المستشار حسين عبد الرازق-مساعد وزير العدل للطب الشرعي أن الاهتمام بالطب الشرعي كبير جدا في الدول العربية لما يتلقونه من تدريب عالي المستوي حيث يتم تعيين خريجي كليات الطب الحاصلين علي درجة امتياز وجيد جدا علي درجة معاون طبيب شرعي مع تدريبهم لمدة ستة أشهر يقومون بعدها بحلف اليمين ثم ينتقلون لمرحلة أخري من التدريب مدتها سنتين ليتم بعدها ترقية كل منهم إلي درجة مساعد طبيب شرعي وبعدها بمدة أربع سنوات أخري يصبح نائب طبيب شرعي ثم لمدة سنتين يرقي إلي درجة طبيب شرعي وخلال هذه المدة التي تصل إلي ثمان سنوات يحق للطبيب الشرعي الحصول علي درجتي الماجستير والدكتوراة إلي جانب تدريبهم علي القواعد العامة في القانون سواء الإجراءات الجنائية أو المدنية أو العقوبات إلي جانب أنهم يخضعون لنظام رقابي صارم بحيث لايحق لهم العمل بأية جهة أخري أو فتح عيادات خاصة.
أضاف المستشار عبد الرازق أن القانون رقم 96 لسنة 1953 المنظم لأعمال الأطباء الشرعيين أمام المحاكم يعتبر أعمال الطبيب الشرعي تطبيقه وليست نظرية أو أكاديمية وإن كان الطب الشرعي يعتمد في عمله علي العنصر البشري بجانب الآلات والمعدات والأجهزة والمعامل فإن العنصر البشري بهذا القسم يعد أحد أهم المشكلات بسبب ندرة المقبلين علي التعيين به بالإضافة إلي كثرة الإعارات للخارج ويكفي أن أذكر أن عدد الأطباء الميدانيين في مصر 150 طبيبا يتواجد منهم 71 فقط والباقي في إعارات للخارج وفي محاولة لتفادي هذه المشاكل أصدر رئيس مجلس الوزراء في بداية العام الماضي 2007 قرارا يحدد مدة الإعارات للخارج للأطباء الشرعيين وبعض التخصصات الأخري بست سنوات متصلة أو ثمان سنوات منفصلة لحل مشكلة نقص الخبرات وللاستفادة من خبرة هؤلاء الأطباء في تدريب الأطباء الجدد بجانب تعيين وزارة العدل ل 200 طبيب شرعي من الخريجين المتميزين بكليات الطب.
الأجهزة التكنولوجية
أوضح المستشار مصطفي الفيشاوي رئيس المكتب التنفيذي الفني لمساعد وزير العدل للطب الشرعي أن المشاكل الخاصة بالأجهزة والمعدات تعتبر ضئيلة حيث إن مصلحة الطب الشرعي لديها أجهزة متطورة ب 30 مليون جنيه وهناك خطة لتطويرها وتحديثها خصوصا أن عمل المصلحة يحتاج دائما إلي أحدث الأجهزة التكنولوجية لضمان سرعة البحث وتقديم تقرير سليم عن الحالة كما أن هناك بعض الدول الصديقة التي تزود المصلحة بأجهزة حديثة مثل الصين واليابان.
قال الدكتور جلال عبد الحميد السيد كبير الأطباء الشرعيين ونائب رئيس مصلحة الطب الشرعي إن مصلحة الطب الشرعي تضم أربعة أقسام هي إدارة الطب الميداني والجنائي وإدارة التزوير والتزييف وإدارة المعامل الكيماوية وإدارة المعامل الطبية والطب الميداني خاص بالتحقيقات الجنائية والتشريح وملابسات القضية حيث ينتقل إلي مسرح الجريمة الإخصائي لجمع الأدلة أما إدارة التزييف فتعمل علي صحة التوقيع والمدي الزمني لحدوثه والمعامل الكيماوية تختص بتحليل السموم والمعادن والمخدرات وأخيرا قسم المعامل الطبية الذي يختص بقضايا النسب والإجهاض والأمراض بجانب أن هناك خبراء معاونين مثل الإدارة الهندسية التي تقوم بفحص السيارات وكذلك المباني والعقارات لتحديد العمر التقريبي لها حيث تفيد في قضايا مخالفات المباني والآلات والحرائق بالإضافة إلي خبراء المفرقعات والمتفجرات وأنواع القذائف.
أضاف الدكتور عبد الحميد السيد أن الطب الشرعي في مصر الآن يتبع أصول التحليل المعملي حسب المعايير الدولية كما أننا نتابع كل جديد فيه فوزارة العدل قامت بدعمنا بجهاز تحليل ال DNA الهندسية الوراثيةالذي يبلغ تكلفته مليون ونصف وهو أحدث الأجهزة الموجودة الآن في مصر ولكنه للأسف يحتاج إلي خدمات وأجهزة معاونة فهو جهاز متقدم جدا له إمكانات عالية في مجال البحوث والفحوص الدموية لذا فنحن لم نستفد منه الاستفادة الكاملة بعد.
استطرد الدكتور عبد الحميد السيد بأن المصلحة في الماضي كانت تعتمد علي الأجهزة والمعامل الموجودة في المستشفيات الحكومية التي كانت تتسبب في إهدار الوقت والجهد ولكن الآن نستخدم بالمصلحة 150 جهاز كمبيوتر لمواكبة التحديث والتطوير تحت رعاية وزارة العدل وكذلك ربط كل فرع من فروع المصلحة بشبكة الإنترنت بالإضافة إلي المشاركة من قبل الأطباء الشرعيين الموجودين بالمصلحة بحضور المؤتمرات العلمية الدولية وللاطلاع علي ماهو جديد في هذا المجال ويصل عدد الخبراء الآن في مصر إلي 555 متخصصا في الطب الشرعي في الأقسام الأربعة وهو عدد قليل جدا بالمقارنة بعدد القضايا التي تحدث في المجتمع لذا بدأنا في تدريب وتعيين عدد من الإخصائيين الجدد ولكن مازال الوضع كما هو فكل خبير بالمصلحة لديه علي الأقل حوالي 50 قضية كل شهر وهذا عدد كبير جدا وبالرغم من هذا الكم إلا أن نسبة الإنجاز بالقضايا تصل إلي أكثر من 95%.
قال الدكتور فخري صالح مدير مصلحة الطب الشرعي إن الطب الشرعي ليس جهة تابعة لوزارة الداخلية بل هي جهة مستقلة تقوم بالكشف الدقيق وتقديم التقارير التي قد تكون فاصلا بين حياة وموت إنسان فمثلا كذب تقرير الطب الشرعي ادعاءات وزارة الداخلية بقيام مختل عقليا بارتكاب مذبحة بني مزار في نهاية ديسمبر 2005 والتي راح ضحيتها عشرة من قرية شمس الدينفي صعيد مصر حيث أشار تشريح الجثث إلي حدوث الوفاة لجميع الضحايا في وقت واحد في الثالثة صباحا مما يعني وجود أكثر من جان وكذلك عملية شق بطن الضحايا التي لم تؤدي إلي إصابة أي عضو من الأعضاء الداخلية مما دل علي وجود محترفين وليس مختلين,وأيضا ساهم الطب الشرعي في التعرف علي مرتكبي الاعتداء الجنسي علي الأطفال بحضانة المعادي حيث اعتمد التقرير علي الفحص الإكلينيكي والتخطيط الكهربائي لعضلة الشرج فتبين إصابة اثنين بعدوي ميكروبالكلاميديا ترايكومايتسوالذي لايمكن أن ينتقل إلا عن طريق الاتصال الجنسي.
فحص وتشريح الأدلة
أشار الخبير أحمد فتح الباب كبير خبراء الأدلة الجنائية بالطب الشرعي إلي أن مفهوم الطب الشرعي مفهوم عام فالبعض يخصه بالصفة التشريحية لأنه يتعلق بفسيولوجيا الجسم أما المعني المتداول في مصر فيستخدم في مجال الإثبات الجنائي وعلي سبيل المثال حادث عبارة السلام 98 التي كانت تحوي أجانب وجنسيات متعددة وتعرضت جثث الضحايا للتآكل واختفت معالمها,استطاع الطب الشرعي تحديد الأشخاص عن طريق البصمة الوراثية DNA والتعامل معها كيميائيا من خلال الأجهزة المخصصة في المعمل الجنائي أما في حالات الاغتصاب فيتم التعامل مع أجسام حية وتغيرات هرمونية ولون وكثافة الدم والهرمون وفحصوات للجان والمجني عليه فيتم أخذ عينة من الدم وخلافه لتحديد الفاعل ووقت الجريمة ولكن في هذه الحالات عامل الوقت مهم جدا لأن جرائم الاغتصاب إذا حدث تأخير فيها تكون النتيجة دقيقة بنسبة 40% فقط فيحدث لجوء إلي قرنية أخري للمساعدة في الحصول علي دليل مادي.
أضاف أن الفحص قديما كان يتم يدويا ويعتمد أكثر علي خبرة الخبير في الفحص أما الآن فتم تطوير الأمر وأصبح هناك معمل جنائي مرتبط بتكنولوجيا حديثة للكشف وإعداد التقارير ولكن الخبرة مهمة بجانب التكنولوجيا لمعرفة الحدث إذا كان عن عمد أو مفتعل لذلك يتم عمل رسم كروكي لمكان الحادث وتحديد المكان بكردون ومعرفة إن كانت هناك آثار للعنف أم لا وهل تم استخدام مواد بترولية مثلا في الحادث وهل هناك قيمة لتأمين كبري خاصة في حرائق المخازن ومن المسئول عنها لطرح الأسئلة عليه بجانب معرفة ما إذا كان هناك تلاعب أو تزوير في الدفاتر بجانب وجود أجهزة لكشف الجريمة وتتبعها يتم استيرادها من الخارج ومن ذلك نجد أن الفحص اليدوي والمعملي والخبرة تمثل 60% والأجهزة المستخدمة تمثل 40% من نتيجة الفحص.
أوضح فتح الباب أن مشاكل الطب الشرعي تكمن في تكدس القضايا التي تؤدي بدورها لطول فترة القضية لمدة تصل إلي خمسة أعوام لذا فالطب الشرعي بريء من التباطؤ لأن تقاريره في القضايا لاتتأخر عن شهر واحد ولكن لأحكام القضاء أساليب أخري في التعامل مع القضايا بجانب مشاكل التنظيم الإداري والعبث في أماكن الجريمة وللنهضة بهذا المجال ترسل وزارة العدل المساعدين والخبراء بالوزارة للدول المتقدمة في البحث الجنائي ومنها فرنسا وأمريكا وإنجلترا وألمانيا للحصول علي دورات تدريبية.
العلم في خدمة العدالة
أكد الدكتور عبد الناصر فرغلي خبير أبحاث التزييف والتزوير والباحث في العلوم الفنية الشرعية بوزارة العدل أن خبراء أبحاث التزييف والتزوير يتولون مهمة غاية في الأهمية تأتي تجسيدا لمبدأ العلم في خدمة العدالة الذي يقوم عليه خبراء العلوم الفنية القضائية الشرعية وعلي رأسهم خبراء أبحاث التزوير فهم الملاذ لأصحاب الحقوق للفصل في مسائل النزاعات المدنية والجنائية في الأموال ومن خلال أوراق الدعوي وبناء علي مايطلب من الإدارة من قبل المحكمة يتم عمل اللازم من صحة التوقيع ومدي تحريرة ومن المنسوب إليه وهل كان بإرادة حرة أم تحت ضغط أو إكراه أو مخدر أو مادة مسكرة أو في حالة مرض ومن خلال الخبرة والمهارة والأجهزة الحديثة التي تعمل الدولة من خلالها يتم تحقيق العدالة حيث يقوم الخبير باستخدام العدسات المكبرة والميكروسكوبات المختلفة واستخدام الضوء المنظور والضوء العادي المائل والنافذ والأشعة فوق البنفسجيةU-V والأشعة تحت الحمراء I-R وغيرها بجانب استدعاء الخبير لأطراف النزاع لمناقشتهم حول الطعن وظروف تحريره وإجراء عملية الاستكتاب ثم إجراء عمليات الفحص الفني والمقارنة وفقا للأسس الفنية المتعارف عليها لكشف الحقيقة وكتابة تقرير فني للقضاء يعرض علي جهة الندب المحكمة لذا فالطب الشرعي من المهن الشائكة.
مشاكل الطب الشرعي
أوضح الدكتور محمد السيد عطية خبير دولي بالطب الشرعي في مجال الأشعة بأمريكا أن الطب الشرعي الإشعاعي للأسف لايستخدم في الطب الشرعي المصري بصورة كبيرة بالرغم من إنشائه في عام 1990 في فرنسا وتخريج 183طبيبا شرعيا إشعاعيا إلا أن أعداد المتخصصين به قليلة جدا والطب الإشعاعي يستخدم الأشعة بأنواعها المختلفة من أشعة تحت حمراء وفوق البنفسجية والسينية وإكس وجاما وغيرها من الأشعة لتحديد العمر والجنس من خلال فحص منطقة الصدر للمتوفي وتشكيل الوجه والبصمة الوراثية من خلال أقسام الأشعة المقطعية بسمك صغير جدا خاصة في حالة تشويه وحرق الجثث وهذه التقنية تعطي دقة عالية جدا ساعدت في التوصل إلي أدق التفاصيل حيث تستخدم أشعة الرنين لمعرفة حدوث كسر بالأنف أو العظام للمجني عليه المتوفي نتيجة للدفاع عن نفسه أو بقصد من الجاني في حالات تمثيل الجثث بالإضافة إلي استخدام الهندسة الوراثية DNA وبرغم مشاكل الطب الشرعي الكثيرة إلا أن نتائجه أصبحت في مصر ممتازة جدا حيث استطاع حل الكثير من القضايا والتعرف علي القتلة بها كما أنه استطاع أن يحدد الفاعلين في أغلب قضايا الاغتصاب وهتك العرض في أقل من 4 ساعات وإدانة الجناة.
استطرد الدكتور عطية أن مشاكل الطب الشرعي في مصر كأي مشاكل في أي تخصص آخر ومنها قلة عدد الأطباء في هذا المجال وعدم مواكبة المعامل والأجهزة المستخدمة فيه وضعف رواتب الأطباء أمام عدد الساعات الطويلة في العمل بجانب عدم تحديد إجازات واضحة لهم فالعمل لديهم 24 ساعة في 24 ساعة وقلة التمويل لميزانية الطب الشرعي بالشكل الذي يسمح بشراء كل ماهو جديد من أجهزة بالإضافة إلي أن الأطباءالشرعيين مهمشين برغم دورهم الحيوي في عالم الكشف عن الجريمة بجانب المشاكل في التنظيم الإداري بين المصلحة ووزارة العدل والذي يستغله المحامون في الطعن بالقضايا وطول مدة التقاضي للمواطنين مع مقاضاة الطبيب المسئول أو الخبير في بعض القضايا بتهمة عدم النزاهة خصوصا في القضايا الإعلامية والغريب هو إنصات المحكمة لتلك الاتهامات دون ردع المتكلمون بها مما يؤدي إلي إيذاء الخبير الشرعي إ+يذائا معنويا وماديا فبعد أن كان حاكم في القضية يصبح متهما وطرفا فيها بسبب تقريره.
أضاف د. عطية من أخطر المشاكل التي تعوق عمل الطب الشرعي التلاعب دون قصد في مسرح الجريمة كإمساك الجثة وتغيير موضعها وتختفاء البصمات من قبل رجال الشرطة أو المواطنين لذا يفقد مسرح الجريمة الكثير من الأدلة مما يصعب دور الطبيب الشرعي عند وصوله لمسرح الجريمة فلابد من عمل توعية لضباط المباحث بعدم العبث في مسرح الجريمة مثلما تفعل دول العالم المتقدمة حيث يمنع جميع أفراد الشرطة من دخول مكان الجريمة إلا بعد اطلاع الطبيب الشرعي والتقاط العينات والبصمات وتصوير الجثة التي تساعد علي حل لغز الجريمة بالإضافة لعمل كوردون حول الجثة بشريط عريض مكتوب عليه الأدلة الجنائية وللأسف هذا لايحدث في مصر ويعد من أكبر المشاكل التي تواجه الطب الشرعي هنا.
أشار الدكتور علي جمال الدين رئيس قسم الطب الشرعي بكلية الطب جامعة القاهرة إلي أن الطب الشرعي يقدم الخبرة العلمية ويصف الحالة المطلوب وصفها من نظرة علمية بحتة ولكن ليس كل مايقوله الطب الشرعي يكون ملزما للمحكمة أو القاضي فالرأي الأخير في القضية للقاضي بعد قناعته بالتحريات والتحقيقات ونتيجة الفحص والتشريح ويقوم عمل الطب الشرعي علي استخدام التقنيات العلمية الحديثة والخبرة والاكتشافات البيولوجية والتحليلات للأحماض النووية لتحديد سبب الوفاة ونوعها وشدتها وزمن الوفاة ومكانها.
أضاف د. جمال الدين أن الطب الشرعي لايقوم فقط علي تنظيم التقارير الطبية أو تشريح الجثث بل هو علم بذاته له الأهمية التي للعلوم الطبية وعليه أن يواكب التطورات الحديثة والمتسارعة والنظريات المتقدمة في التشخيص والتحليل ويتميز بوظيفة أساسية هادفة في أكثر الأحيان هي خدمة المجتمع والقانون وذلك مايزيد من سمو مهمة الطب الشرعي ومسئوليته ولكن مع الأسف تنتج مشاكل الطب الشرعي بالأساس من عدم وجود قوانين صريحة لضبط عمله وبالتالي تحدث المشاكل ومنها ضياع الأدلة الخاصة بالجريمة كالشعر أو الأظافر أو الأداة المستخدمة في القتل كالمسدس أو السكين وغيرها كما أن تحليلات العينات المأخوذة من القتيل والقاتل تكون بطيئة جدا نظرا لأن الأجهزة غير متطورة بما يواكب العالم وذلك لأن ميزانية الطب الشرعي محدودة لذلك يجب تطوير معامل الطب الشرعي جميعها واستخدام أرقي وأحدث الأجهزة التكنولوجية المتقدمة للمساعدة في حل الكثير من القضايا المتراكمة بسبب قلة العاملين في مجال الطب الشرعي ولتقديم المذنب إلي القصاص العادل.
الهندسة الوراثية..والطب الشرعي
أوضحت الدكتورة شيرين غالب بطب الأزهر أن الهندسة الوراثية لعبت دورا كبيرا في مجال الطب الشرعي حيث ساعدت في إثبات البنوة وفي حالات الاغتصاب أو الوفاة بعد مقاومة المعتدي من خلال قطعة جلد تحت أظافر المجني عليه أو الشعر أو سائل منوي جاف في مسرح الجريمة وكذلك عينة من اللعاب في كثير من القضايا فضلا عن استخلاص المادة الوراثية من الأشياء التي تم لمسها كالتليفون والأكواب حيث يستخدم جهاز الفصل الكهربائي ثم غشاء نايلون لتؤخذ البصمة علي جهاز أشعة ومن خلال البصمة الجينية تم تحديد هوية 1600 من ضحايا الحوادث في أمريكا أثناء حادث 11 سبتمبر في حين فشلت الجهات الحكومية في التعرف علي 1100 بسبب تفكك الجثث والأنسجة ولكن البصمة الجينية لم تستخدم في مصر بعد.
اتفق الدكتور سعد أحمد نجيب أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية مع د. عصام بدوي أستاذ الطب الشرعي بكلية الطب جامعة عين شمس أن أهم مايشغلنا حاليا هو تطوير أبحاث DNA أو البصمة الوراثية فهي تساهم في توفير الوقت والجهد بالإضافة إلي ضرورة عمل قاعدة بيانات متكاملة لكل المواطنين بالبصمة الوراثية في القريب العاجل إلي جانب ضرورة تدريب الأطباء الشرعيين من الشباب تدريبا عمليا صحيحا مع التدريب النظري وهو غير متاح بسبب السرية التامة في القضايا.
طالب الدكتور أيمن فودة رئيس الجمعية المصرية لعلوم الطب الشرعي بزيادة الدورات التدريبية للأطباء الشرعيين خاصة لخبراء الطب الشرعي والشهر العقاري والهندسة الوراثية للاستفادة منهم والإطلاع علي كل ماهو جديد في العالم في هذا المجال بجانب معرفة أحدث الأجهزة والوسائل في كشف زيف العملات الورقية وأجهزة مطابقة الخطوط والبطاقات الممغنطة المزيفة لرفع مستوي الطب الشرعي وزيادة دقة أحكامه بالدلائل والبراهين.
استطرد مطالبا. بزيادة ضرورة إنشاء بنك متكامل للمعلومات المتعلقة بالمخدرات ووضع نظام لجمع المعلومات عن المرضي مع عمل كود خاص لكل مريض بجانب الاهتمام بتدريب الكوادر العاملة في مجال الإدمان وتطوير مصحات علاج الإدمان وإنشاء المزيد منها ودعم العيادات الخارجية الملحقة بخدمة التأمين الصحي بالمدارس والفصل بين حالات الإدمان التي تسعي للشفاء والحالات المودعة بأحكام المحاكم والكشف المبكر علي المدمن وتركيز الجهود علي الشباب ونشر الوعي الإعلامي بخطر المخدر بالإضافة إلي إنشاء مركز للسموم.
أهمية التقرير
قال المستشار جورج المطيعي رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا بالقاهرة أن تقرير الطب الشرعي ليس مجرد ورقة عادية في ملف القضية لكنه أهم عنصر من عناصر الإثبات في القضايا والمحكمة تأخذ بالتقرير قبل النطق بالحكم لذا فتقرير الطب الشرعي يغير من مجري القضية والحكم تماما لأن قضايا لاتحسم إلا بعد تقرير الطبيب الشرعي مثل الاغتصاب والنسب والتزوير.
من جهة أخري أشار ناجح توفيق بطرس محام بالاستئناف العالي ومجلس الدولة أن لديه قضايا معطل النطق بالحكم بها منذ عام 2004 بسبب تعدد التقارير المطلوبة فيها حيث يقوم محامي الخصم بالطعن في التقرير الصادر عن أحد فروع مصلحة الطب الشرعي ويطالب بإحضار تقرير آخر من مستشفي حكومي أو أي مصدر آخر وبهذا تتعدد التقارير وتطول مدة التقاضي بالمحاكم لذا فأنا أطالب بعمل لجنة ثلاثية للفصل في القضايا وإلغاء التقارير العرفية الخارجة من غير مصلحة الطب الشرعي والتي يأخذ بها في المحكمة.
قال محمد إسماعيل المسئول بالعلاقات العامة والإعلام بمصلحة الطب الشرعي إن من أشهر القضايا التي كانت متداولة وحسمها الطب الشرعي قضية الشاب الممثل أحمد الفيشاوي الذي رفض الاعتراف لنسب طفلته ورفض الخضوع لتحليل DNA ولهذا الرفض مدلولات كثيرة بجانب قضية الفنانة ذكري التي قتلها زوجها السويدي ثم انتحر حيث أكد الطب الشرعي أنها تلقت 26 رصاصة وبقيت علي قيد الحياة لمدة ربع ساعة قبل أن تتوفي بسبب النزيف الحاد.
المواطنون
قال سمير محمد عبد الرحيم مواطن إن مصلحة الطب الشرعي حققت له العدالة بعد ما شكك أقرباؤه في صحة توقيع والده المتوفي علي وثيقة ميراثه ومدي حقه في الميراث لكن تقرير الطب الشرعي أثبت صحة توقيع الأب وزمنه والحبر المستخدم فيه.
من جهة أخري تساءل أهل المجند هاني صاروفيم الذي قتل أثناء تأدية أحد التدريبات لماذا لم يستطع التقرير 673 لسنة 2006 شرعي -قنا والذي استمر 10 أيام الجزم بسبب الوفاة؟وكيف نأخذ حقنا بعد أن ضاعت الحقيقة بسبب الإهمال وعدم مراعاة عنصر الوقت وسرعة التقاضي!!