الضوضاء
ارتفعت مستويات الضوضاء في الآونة الأخيرة,نتيجة تزايد المشروعات الجديدة,والازدياد العشوائي للأنشطة التجارية,وبعض السلوكيات الخاطئة التي تحدث في مجتمعنا,مثل استخدام آلات التنبيه ورفع أصوات المكبرات. فيفقد الإنسان القدرة علي السمع نسبيا كلما تقدم في السن,حيث يعاني حوالي40% من كبار السن الذين تعدوا 65عاما من صعوبة السمع,و30% من الذين تجاوزوا 85عاما مصابون بالصمم في أذن واحدة علي الأقل.ولمعرفة المخاطر والأسباب وأيضا الحلول الفعالة لتجنب إحداث الضوضاء نقدم هذا التحقيق.
ضريبة الضوضاء!
قالت الدكتورة نجاة عامر رئيسة قسم الطب البيئي والمهني بالمركز القومي للبحوث إن الضوضاء هي أصوات تتجاوز شدتها المعدل الطبيعي المسموح به للأذن,وهي الضريبة التي يدفعها الإنسان في سبيل التنمية والتقدم,فازدادت الضوضاء مع تقدم المدنية والنزوح من الريف إلي الحضر,وزيادة التقدم التكنولوجي والتقنيات الحديثة,مع زيادة أعداد السكان تزداد مشكلة الضوضاء.
أشارت الدكتورة نجاة إلي أن الضوضاء لها تأثيرات صحية ونفسية علي المدي الطويل,خصوصا الشخص الذي يتعرض في مهنته يوميا للضوضاء,فالقانون ينص بألا يتعرض العامل في مهنته يوميا للضوضاء أكثر من90ديسيبل لمدة8ساعات,والضوضاء بمعدل100:110 ديسيبل وهذا ضار جدا,فيعمل علي تقليل التركيز,ويرتبط بكثرة الحوادث وازديادها,وزيادة الأخطاء في العمل بسبب قلة النوم والراحة وعدم القدرة علي الاستيعاب والتركيز.
أضافت الدكتورة نجاة:هناك أبحاث كثيرة أثبتت أن هناك علاقة بين الضوضاء ومرض ضغط الدم,فإنه يزيد معدلات القلق والتوتر,ومعدلات الإصابة بالاكتئاب,أما عن المعدل المسموح به من الضوضاء خاصة في بعض المهن يجب ألا يزيد علي50:55 ديسيبل,وفي حالة النوم لا تزيد علي30:35 ديسيبل.وللأسف أصبحت الضوضاء من مظاهر الحياة الحديثة الصاخبة.
الضوضاء…والتقدم التكنولوجي
أشارت الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس إلي أن التقدم التكنولوجي,وتواجده في كل مكان سواء المنزل أو الشارع أو المستشفيات أو المدارس والنوادي…كل هذا له آثار كبيرة علي الإنسان وعلي سلوكياته,حتي في علاقته مع الآخرين,كما أنه يؤثر علي قدرته العقلية وعلي الضغط النفسي,كما أجمعت التجارب الميدانية والمعملية علي أن الضوضاء تزيد من التوتر العصبي وتؤثر علي الحياة الاجتماعية والعائلية.
وأوضحت الدكتورة سامية أن الإعاقة السمعية الناتجة عن الضوضاء من الممكن أن تتغير,وإذا كان الفرد في مكان يعج بالضوضاء فإن الوقاية من هذه الضوضاء أمر سهل,منها استخدام واقيات الأذن الشخصية,أو وضع قطعة قطن صغيرة.
تقييم حجم الضوضاء!
أما عن معدلات حجم الضوضاء وتقييمها قال الدكتور مصطفي السيد الشافعي أستاذ الهندسة الميكانية والطاقة بالمركز القومي للبحوث إن هناك تقييمات للضوضاء في البيئة,حيث يوجد ضوضاء المرور,وضوضاء المطار,وضوضاء المصانع.
وهناك مصادر للضوضاء المرورية مثل سيارات الركوب(الملاكي)حجم الضوضاء فيها من72:81 ديسيبل,وسيارات النقل حجم الضوضاء فيها من86:92ديسيبل,والأتوبيسات من83:90ديسيبل,كما أشار إلي حجم الضوضاء للدراجات البخارية (الموتوسيكلات)من78:84 ديسيبل.
أشار الدكتور الشافعي إلي أن الضوضاء تؤثر في كيمياء الدم والهرمونات وتؤثر علي السمع,وأن الشخص الذي يتعرض للضوضاء فترة طويلة قد يفقد جزءا من السمع,كما تقود الضوضاء الأشخاص إلي تعاطي وإدمان المخدرات.
أما عن تصور الضوضاء فقال الدكتور علي المكاري أستاذ ورئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة إن الضوضاء هي أحد أشكال التلوث التي نعيشها في مجتمعنا المصري والعالم ككل,والمجتمع المصري له سمة المجتمع المزعج الذي يتفنن في الإزعاج,فالضوضاء تشتت الفكر والطاقة وبالتالي لا نستطيع وضع تصور حقيقي للضوضاء,وبالتالي فالفرد لا يستطيع أن يؤدي دوره كما ينبغي.
التأثيرات النفسية للضوضاء!
من جهتها قالت الدكتورة فادية علوان وكيلة كلية الآداب بجامعة القاهرة إنه من التأثيرات النفسية الناجمة عن الضوضاء لابد من معرفة الضوضاء كمفهوم علمي إجرائي,فهو يرتبط بالصوت,والصوت كمفهوم فيزيائي له مؤثرات نستطيع قياسها من حيث الحدة والتردد والشدة,أو موجات التردد,وبالتالي فالضوضاء كمفهوم له جزء فيزيائي عن طريق مجموعة من الأصوات غير المتناغمة وغير المستحبة وغير المرغوب فيها,وقد تكون أصواتا متكررة,وقد تكون متقطعة أو شديدة الحدة.
أضافت الدكتورة نادية أنه أجريت دراسة ميدانية علي الأطفال الذين يعيشون بالقرب من المطارات وسماع الطائرات أكدت أن هؤلاء الأطفال يعانون من ارتفاع ضغط الدم,ووجد أن تحصيلهم الدراسي أقل من ذويهم الذين يقطنون الأحياء الهادئة خاصة في مادة الرياضيات,واستمرار التعرض للضوضاء لفترات طويلة تجعل الشخص يتكيف ويتواءم معها وتجعل سماته الشخصية أكثر عدوانية وأكثر انفعالا وعصبية.
الضوضاء البيئية!
ومن جانبه قال الدكتور علي القريعي رئيس لجنة البيئة بجمعية رجال الأعمال المصريين إنه علينا أن نكافح الضوضاء البيئية الناتجة عن ضوضاء وسائل المواصلات,ومكبرات الصوت,والمنشآت الصناعية,ويجب علي المواطنين تصحيح سلوكياتهم,مثل إدخال البعد البيئي لدي النشء في المدارس والجامعات ومراعاة عدم رفع أصوات الأجهزة المنزلية,وخفض أصوات الكاسيت في المحلات,ومنع استخدام مكبرات الصوت لدي الباعة الجائلين.
وأشار الدكتور القريعي إلي أنه مطلوب تنفيذ حملات إعلانية من أجل النهوض برفع مستوي الوعي البيئي لدي المواطنين,وعلي الآباء أن يجنبوا أبناءهم الأصوات العالية,وأن يثقفوا أبناءهم بتوعيتهم بخطورة التعرض للأصوات العالية علي الرغم من أن تأثيرها الفوري قد لا يكون ملموسا.
أما الدكتور سمير راغب نور الدين أستاذ أمراض الأنف والأذن والحنجرة بجامعة عين شمس قال إن الأذن من الأعضاء الحساسة في الجسد مثل العين, وضرر هذا العضو يحدث لسببين أحدهما عدم النظافة الدورية والسبب الآخر هو الضوضاء الشديدة,مثل وضع سماعات الكاسيت في الأذن مباشرة,أو سماع أصوات السماعات الضخمة التي تستخدم في الأفراح أو سرادق العزاء,وضرر الأذن لا يتوقف عند هذا الحد بل تمتد أثاره إلي القشرة الخارجية للمخ مما ينتج عنه ما يسمي الصداع النصفيبسبب ارتفاع كهربة المخ, الناتجة عن الضوضاء الشديدة.