يدل الضحك على أنه وليد مناسبة سارة في الكثير من الأحيان، و لكن البعض منه يدل على الحزن ..فهو وسيلة للهروب من الهموم، لذلك نضحك في بعض المصائب ..كما ورد في تراث العرب “شر البلية ما يضحك”.
لذلك يوصف المصريين بأنهم شعب ضاحك في كل الظروف. و النكتة إحدى وسائل التعبير عن الإنفعالات. ومن خلال مضمون النكتة و موضعها يمكن أن نستنتج طبيعة الشحنة الإنفعالية التي يحملها الشخص.
ليست هذه الروح جديدة على المصريين فهي قديمة و ترجع أعماقها في التاريخ، كما وضح الدكتور شوقى ضيف فى كتابة “الفكاهة فى مصر “بقوله: و قد مضت مصر فى كافة عصورها تعانى من هذين الضربين :الشدة و الرخاء ،الشدة و مايطوى فيهامن عسف بعض الحكامين و ظلم المحتلين ،و الرخاء مايطوى فيه من طيبات الرزق ..”.
و لبرجسون الفليسوف الفرنسى المشهور كتاب فى الضحك نظرية و هى أننا نضحك على أشخاص و منهم ..فهم لا يتصرفون تصرف الإنسان الحر ،فارقوا سلوكنا فى الحياة ..تصرفوا تصرف الألات فالضحك عقاب و قصاص و تأديب ينتقم به المجتمع ممن يتطاولون على منطقه و معقوله . فالضحك يريح أعصابهم و يشرح صدورهم و يقوم أخلاقهم .. و كما أكد قديما ثيوكريتوس الشاعر اليونانى الذى عاش فى الأسكندرية أثناء القرن الثالث قبل الميلاد يشير إلى هذه النزعة فى المصريين ..بل من السخرية المؤلمة بقوله “أنهم شعب ماكر ..لاذع القول ..روحه مرحه “و أحيانا تكلفهم هذه السخرية ثمنا غاليا .
و قدم سيجموند فرويد رؤية نفسية عن الضحك ..من خلال هذه الرؤية يتضمن الضحك إنكارا للواقع وتحررا منه و تجنبا للألام .
تحتاج الفكاهة إلى ذكاء و دقه فى الحس و رهافة فى الذوق و الشعور .. و كل ذلك لا ينقص االمصرى كما لاينقصه البديهة و سرعة الجواب .
و تعد الأحداث التى تمر الآن على مصر تجسيدا واضحا ولما سبق .فرغم كل معاناة الشعب المصرى المتلاحقة لم يكف عن إطلاق سهام فكاهته حتى فى الموت غدرا ..فنجد أحداث ماسبيرو التى ثكلت القلوب و ألمت معظم المصريين ألهمتهم أحزانهم الكثير من الفكاهة على” المضحك خانه ” الفيس بوك و كان لفن الكاريكاتير النصيب الوافر للتعبير عن هذه السخرية الذى حول النكتة من مجرد كلمة مكتوبة إلى صورة مصحوبة بكلام أو غير مصحوبة .
فى أحد الكاريكاتيرات مكتوب عليها الأقباط يعتدون على الجيش ..و عسكرى مجروح فى إصبعة و يوضح للمشاهدين بقوله “واو دى و لا مش واو ..و لايمكن مش واو دى ” و بجانبه مذيعة حسناء من النيل نيوز .
و بدأت الفكاهة توضح الوضع الراهن أكثر فى صورة كاريكاتيرية لضابط يشرح على ورقة بها شخبطة و يقول “زى ما هو واضح فى الشكل دى خطتنا لإدارة المرحلة الانتقالية “.
و فى صورة أخرى شباك زنزانة و عسكرى خارجها و صوت من الداخل يقول : “خلاويص _لسة – خلاويص –لسة يا ريس ” . و بدأ الفيسبوكية يعبرون عن آرائهم على صفحاتهم الخاصة فكتب أحد الأصدقاء :قررت اخير –اسرق مدرعة و اشغلها خط إمبابة –بولاق أبو العلا – إسعاف – عتبة …. و انهالت عليه المداخلات و الردود :
-الأجرة نص جنيه و لا واحد قبطى
-الاجرة 10 بنى أدميين دا أقل حاجة
-انا خايف من سرقة المطارات ساعتها نتقصف جوا
-و لا قبطى علشان الأقباط هيكون تحت الدرعة
– شغلها شارع الجيش و نزل الركاب مستشفى العباسية
..و على إحدى الصفحات الأخري كتب آخر : يا مصر فيكى كل حاجة و عكسها مرة نتصور جنب الدبابة و مرة تحتها .
جاء كاريكاتير يوضح فضيحة الإعلام المصرى ..طفل يسأل أمه و هى بجانبه :ماما هو اللى يكدب يروح النار ؟ ..الام : لا يروح التليفزيون يا حبيبى .
كاريكاتير أخر منع من النشر بإحدى الصحف كما هو مكتوب يوضح مفارقة عجيبة : اتنين هيكلين عظميين احدهما يقول :انا استشهدت يوم 6 اكتوبر فوق الدبابة …..رد الاخر : انا استشهدت يوم 9 اكتوبر تحت الدبابة .
ومفارقة أخرى مكتوب عليها موقعة المدرعة
عسكرى فوق دبابة بيدهس شخص و بجانبه شخص فوق جمل فيقول له العسكرى : “ياه ..ده انت قديم قوى ”
و بدأت الفكاهة توصف كافة تداعيات الأحداث فى نكتة أخرى ..سأل مجندان عن الأحداث فقال المجند الاول :الأقباط طلعوا علينا ضربونا و قتلوا حسين صحبى ..المجند الاخر :أنا حسين صحبه طلعوا علينا الاقباط …….”
و رغم هذا كان هناك كاريكاتير يوضح عمق العلاقة بين نسيج الشعب رغم محاولات أعدائه …منارة كنيسة بها قس و مأذنة جامع و بها شيخ متقاربتان من أسفل و يحاول الشيطان أن يبعد بينهما و يحاول الشيخ و القس أن يمسكا أيد بعضهما رغم بعد المسافة .
و لا تزال طلقات المصريون الساخرة من الأوضاع المؤلمة لتكون الفكاهة ” الضحك المر “
إس 17 – 10 – 2011