قال الشيخ محمد علاء أبوالعزايم, أحد مؤسسي حزب التحرير المصري, شيخ مشايخ الطريقة العزمية إن التيارات الدينية باتت تمثل خطرا حقيقيا علي استقرار مصر وسلامها لأن هذه التيارات تهدف لتحويل مصر لإمارة إسلامية, مشيرا إلي أن السلفيين هم صناعة جهاز أمن الدولة المنحل ورفضوا الخروج علي الحاكم أثناء الثورة قبل محاولة القفز عليها وترسيخ الاستقطاب الديني.
* غابت الصوفية عن مسرح السياسة لكن ظهرت بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير.. فلماذا؟
** الصوفية تعني تصوفا بالإسلام وكيف تصل لله تعالي وهي مثل الرهبنة تعمل علي تحسن الأخلاق والصوفية تأخذ من الصفاء أي لا يكن هناك أي عداء أو كراهية للآخر الذي يحب قبوله والتحاور معه. والصوفيون في بداية القرن العشرين كان لهم نشاط سياسي وأذكر الإمام محمد ماضي أبوالعزائم كان يملك مطبعة وكانت تطبع منشورات ثورة 19 واعتقل مرتين, بعد ثورة 52 تم تهميش دور الصوفية مثل ما تم تهميش الأقباط وبدأ النظام السياسي التقليل من مشايخ الصوفية ومشايخ الأزهر ووصل إلي تطويعه لإصدار فتاوي في أمور مضحكة وفرض الجهاز الأمني القمعي سيطرته علي الطوائف الدينية وهذا أثر في الصوفية وأدي لانعزالهم عن السياسية حتي نهاية حكم السادات حيث بدأت الجماعات المتطرفة تتسلط علي المجتمع ودخلت مصر معها عهد الإرهاب الأسود وتوقفت الحياة السياسية.
* ما رؤيتك لثورة 25 يناير وسيطرة السلفيين علي الساحة؟
** السلفيون كانوا يعملون مع جهاز أمن الدولة لمواجهة الإخوان المسلمين والصوفيين, وأمن الدولة أعطهم مساحات واسعة من الحرية فلم يعترض علي استيلائهم علي مساجد الأوقاف ولذا عندما قامت ثورة 25 يناير أصدروا بيانا في بداياتها بأن الخروج عن الحاكم حرام ولذا فهم لم يشاركوا في الثورة حتي انتهاءها ولكن فجأة عندما سقط النظام قفزوا علي الثورة وتصدروا الصورة مع الإخوان المسلمين وزاد من انتشارهم حجم التمويلات الخليجية التي وصلت إليهم بعد الثورة فذهبوا يسيطرون بأموالهم ومؤتمراتهم علي البسطاء.
* وماذا عن الحرية بعد ثورة يناير؟
** نحن نتمتع بعصر الحرية ولكن نواجه أخطارا ولذا يجب الحفاظ عليه وأما ما يقوم به السلفيون بعد الثورة يعد نوعا من البلطجة فهم لا يعبرون عن الإسلام فالهجوم علي الكنائس والأضرحة عمل ليس له صلة بصحيح الدين ولكنه له بالأفكار المتطرفة خاصة أن قطاعا كبيرا منهم يرفض الحوار أو الاستماع للآخر وكان لنا تجربة لفتح حوار معهم لتصفية الخلافات فتم الاتفاق وتحديد موعد للحوار في قاعة جريدة عقيدتي ولكنهم لم يأتوا.
* كيف تري حربهم وحصرهم للإسلام في الجلباب والنقاب ومظاهر التدين الشكلي؟
** اللحية سنة تقليدية كان جميع العرب لديهم لحية حتي أبولهب من الكفار والرسول قال لا تزيد اللحية عن قبضة اليد وهم أنفسهم يخالفون سنة الرسول وتصل لحيتهم إلي أسفل الرقبة والدين ليس شكلي فكل دين له جوهر والجوهر أهم من المظهر فإذا كنت أعبد الله وأخلص له في القيم وحب الآخر فالله ينظر لجوهر أعمالك ولكن إذا كنت بعيدا عن الجوهر وذهبت لارتداء الجلباب واللحية فلا يكون إلا مجرد مظهر فارغ فكل عصر له طبيعته, والأزمة الحقيقية للمسلمين أنهم أوقفوا الاجتهاد في الإسلام وهذا علم وفقه وهذه الجماعات تريد غلق الاجتهاد والعودة إلي الوراء في عصر التكنولوجيا الحديثة والمعلومات الذي نعيشه وأقول لهم لماذا تستخدمون المحمول واللاب توب وهو نوع من الحداثة؟!
* لماذا الهجوم علي أضرحة الصوفيين؟
** هناك حديث شريف يستندون إليه بأن من يذهب للقبر ويسجد فهو ملعون ولكن دور العبادة لا توجد به قبور وهم يخلطون الأمور فالشخص لا يذهب للأولياء الصالحين للسجود للشخص بل شفاعة عند الله وأولياء الصالحين هم سيرة حسنة وقدوة يجب أن نأخذ به مثل البابا كيرلس السادس فالمسيحيون يأخذونه قدوة وشفاعة وما نمر به الآن في مجتمعنا أزمة غياب القدوة التي يقتدي بها الناس, فالضريح وسيلة أن يتقبل الله الدعاة فهو يرفع الدعاة لله من خلال الضريح وهدم الأضرحة هو هدم للقدوة وللسيرة الحسنة وجزء من موروث الثقافة الإسلامية والسؤال الذي يجب طرحه: من أعطي هؤلاء الأشخاص السلطة لتكفير الآخر أو الحكم أن هذا خطأ أو صواب أليس هم بشر مثلنا فكيف يصل حكمهم لدرجة إباحة القتل باسم الدين والله يرفض قتل النفس وإنما من قتل نفسا فقد قتل البشرية جميعا؟.
* إذن كيف تري مصر في حالة استمرار هذا المناخ التكفيري؟
** فكرة التكفير من أخطر ما تتبناه هذه الجماعات وجماعة الإسلاميين التي أطلق عليها جمعة قندهار كشفت حقيقة هذه الجماعات فعندما يقولوا يا أوباما يا أوباما نحن كلنا أسامة فأسأمة بن لادن ورط الأمة العربية في أكبر أزمة وأساء للإسلام فعندما أعلن عن مسئوليته عن تفجيرات 11 سبتمبر فهو قدم صورة سيئة سواء إن كان فعل ذلك أو لم يفعل وكان سببا في نجاح جورج بوش في دورته الثانية وتعاطف الأمريكان معه لمواجهة خطر الإسلام الذي قدمه بن لادن بإرهابي وهو يستغل اسم الدين لخداع البسطاء فهل يليق أن أرفع صورة إرهابي ليكون قدوتي وفي نفس الوقت أقوم بهدم أضرحة أولياء الصالحين؟.
* ما رأيك في رفع أعلام غير مصرية في جمعة قندهار ومن قبلها في قنا؟
** ما يحدث من رفع أعلام خضراء وبها سيف فهذا من الغباء ولماذا السيف الذي لم يعد يستخدم في الحرب, إلي ماذا يرمز السيف هل الإسلام فتح عنوة بالسيف فهذا يسيء للإسلام وبالتالي فهذا لا يعني إلا رمز التخلف ونحن لا نعرف حتي الآن إلي ماذا يرمز السيف.
* من أين تأتي تمويلات التيارات الدينية في مصر؟
** هم اعترفوا وقال بعضهم إن التمويل يأتي من الكويت وقطر والبعض الآخر قال السعودية إذن فالخليج وراء هذه العمليات والهدف من هذه التمويلات تدمير هذا الوطن وإحداث انقسامات وعندما يتحول الأمر للاعتداء علي الأقليات الدينية في مصر فهذا يسمح بالطبع للتدخل الخارجي ليس بهدف حماية الأقليات بل بهدف مصالح الدول الأجنبية الخاصة, وهم بالفعل يجرون البلاد إلي منعطف خطير مثل ما أعلنوا عنه في سيناء من تكوين جماعات مسلحة والهجوم علي أقسام الشرطة وهم يرفعون شعارات إسلامية مما يدل أن هدفهم تدمير البلاد وبعضهم يرغب في جر مصر إلي حرب مع إسرائيل لتحويل مصر لإمارة إسلامية تابعة للخليج علي غرار الخلافة العثمانية وتم إعلان ذلك بشكل صريح في أحداث قنا والعريش وصمتت الحكومة أمام هذه التهديد الخطير للسيادة المصرية.
* كيف تري واقع هذه التيارات؟
** أري هذه التيارات ومعها المشكلات والقلاقل فتاريخهم لم يشهد أي استقرار أو سلام وحتي بعد ظهورهم عقب الثورة التي قفزوا عليهم وجدنا الاعتداءات والتصريحات غير المطمئنة مثل غزوة الصناديق وتصريحات التكفير وقضايا لا تقدم النفع للمواطن بل جميعها قضايا شكل ومظهر تبعدنا عن الهدف الحقيقي لبناء مصر.
* البعض يري أن التيار السلفي وجماعة الإخوان أكثر التيارات الدينية قوة من الناحية التنظيمية والعددية؟
** لا يستطيع أحد أن يجزم بذلك, فهم يبالغون في قدراتهم ويستخدمون الناس لتحقيق أهدافهم, وما حدث في جمعة 29 يوليو كشف حجمهم, حيث إن العدد الفعلي في الميدان لم يكن يمثل في مجمله أشخاصا ينتمون لهذه التيارات الدينية, ولكن السلفيين استخدموا قنواتهم في حث الناس وشحذهم في اتجاه ما يريدون, فالسلفيون والإخوان ليسوا الأكثر حشدا, رغم ما أظهروه من استعراض سياسي, فقد كانت المحصلة النهائية أن أعدادهم لم تتجاوز 500 ألف في جمعة قندهار.
* اعتداءات كثيرة وأحداث وقعت ضد هيبة الدولة ولم يطبق القانون ويلجأ البعض للجلسات العرفية, فما تعليقك؟
** الإشكالية ليست في جلسات الصلح العرفية فهي لا تطبق بشكلها الصحيح فإذا قام شخص بحرق كنيسة وقام بالحكم عليه بدفع مبلغ مالي فهذا سيكون له أكثر عقاب من الحبس خاصة في ظل آلاف القضايا المنظورة أمام المحاكم ولم يتم الفصل فيها وإذا ما تم تطبيق الصلح العرفي الذي له تقاليد وأحكام رادعة سيكون رادعا للمتجاوزين القانون ولكن الصلح العرفي دائما ما يلجأ إلي الكلمات المعسولة والطبطبة وإذا فشلت الأحكام العرفية يتم اللجوء للقضاء والجلسات العرفية يجب استخدامه في جميع الأحداث إلا في تلك التي يمكن احتواؤها, كما تصرف عمرو بن العاصي مع المصري المسيحي عندما ضرب ابن الأكرمين ابن مسيحي فشكي له فأتي بالابن والأب فقال لهما متي استعبدتم الناس وهم ولدوا من بطون أمهاتهن أحرارا وقام برد العدل أن يضرب المسيحي ابن الأكرمين.
* كيف تري رفض التيارات الدينية المبادئ الدستورية الأساسية؟
** يتوهم الرافضون لوضع المبادئ الأساسية للدستور بأنهم يريدون وضع الدستور بأنفسهم بحكم أنهم سوف يستحوذون علي أغلبية مقاعد البرلمان وهذه أكذوبة لأنهم لن يحصلوا علي أكثر من 10% بعد سقوطهم في جمعة قندهار ولن ينخدع الشعب بما فعلوه في استفتاء 19 مارس عندما قاموا بالتزوير والتأثير علي في عقول المواطنين باستخدام الدين وأن التصويت بنعم هو لصالح المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية وأن التصويت بلا للتعديلات يعني انتصار العلمانيين وأعداء الدين ووصل الأمر بهم لربط التصويت بدخول الجنة ومن لا يصوت بنعم يدخل النار وهذا شرك بالله لأنه ليس بسلطان علي الناس سوي الله وحده وليس كل من يقول لا إله إلا الله يدخل الجنة هؤلاء يرتكبون جريمة في حق الإنسان والعقل المصري الذي خلقه الله حرا وهم يقيدون هذه الحرية.
* يصف البعض مصر بأنها دخلت حالة الهوس الديني الشكلي.. هل تتفق مع هذا الرأي ؟
** استغلال الدين أصبح أمرا خطيرا في التحكم في الناس فإذا تحدثنا عن النقاب هو ليس فرضا ولا سنة ويعرض المجتمع لمخاطر كبيرة وتحت النقاب ترتكب كثير من جرائم السرقة والحوادث في الطرق كما يتخفي بعض المجرمين بلباس النقاب لارتكاب أعمالهم المنافية للقانون وكم من جرائم ارتكبت باسم النقاب وكم من رجال يدخلون منازل سيدات وهم منقبين لا يعلم أحد شيئا عنهم وبالتالي فهو يهدر حق المجتمع وإذا قام منتقب بقتل شخص آخر فهل نعرف من هو وهل هو رجل أم امرأة فضلا عن ذلك أين كان النقاب طوال العصور الماضية هل فجأة اكتشفوا أنه فريضة! فهذا الشكل ليس له علاقة بالدين بل هو مزايدة علي المجتمع باسم الدين.
* ما رؤيتك لمطالب البعض بتطبيق الشريعة؟
** هذا هو الجهل لأننا نحن نسير بالشريعة كما أن الأقباط يسيرون بشريعتهم ولكن هم يريدون تطبيق الحدود بالنسبة للشريعة وهذا لا يتفق مع رحمة وسماحة الإسلام فقديما كانت تطبق الحدود لعدم وجود سجون وغرامات مالية وسيدنا عمر ابن الخطاب قام بإلغاء الحدود في أحد السنوات بعد انتشار المجاعة, كما أن هناك مبادئ التغرير أي استبدال الحدود بما يتلاءم مع روح العصر فضلا علي أن الدولة الإسلامية لا تطبيق مثل هذه الحدود عدا السعودية وهي لا تطبق شرع الله فهي تطبق الحدود علي الفقراء والضعفاء أما الأمراء فلا يطبق عليهم الحد.
* كيف تري استخدام الدين في السياسة؟
** دعنا نشير إلي أقرب مثال وهو دولة الصومال التي تمر بمجاعة نتيجة الفكر المتطرف الذي دمر الدولة باسم الدين ويجب أن ننظر لأفغانستان والسودان ومصيرهما فهذه نماذج لخلط الدين بالسياسة ويجب أن نفرق بين فصل الدين عن نظام الحكم وهو ليس فصل الدين عن الدولة فهذه أكذوبة تستخدمها التيارات الدينية لخداع البسطاء بأن العلمانيين يريدون إلغاء الدين وهذه جريمة ضد العقل والإرادة لأن لا يمكن لأي إنسان فصل الدين عن الإنسان ولكن نظام الحكم يضعه أفراد بما يتناسب مع المتغيرات العصرية ويجوز تغييره وإذا ارتبط نظام الحكم بالدين وفشل النظام فماذا نفعل؟ وماذا نقول؟ هل نحمل الدين المسئولية؟ مصر لم تعرف علي مر عصورها نظام الدولة الدينية التي يروج لها أنصار قندهار.
* ماذا عن إنشاء الطرق الصوفية لحزب سياسي؟
** العمل السياسي حق لكل مواطن وحزب التحرير المصري هو حزب سياسي ليس له علاقة بمشيخة الطرق الصوفية فهم مواطنون لهم الحق في ممارسة العمل السياسي بعيدا عن الإطار الديني بما يحقق الديموقراطية الحديثة لمصر وتكفل حقوق المواطنة والمساواة والعدالة لكل المصريين دون تمييز.
* ما تعليقك علي أحداث قتل الجنود المصريين علي الحدود؟
** هذا عمل غاشم أغضب جميع المصريين ويجب أن يكون هناك رد لحقوق هؤلاء الشهداء ولذا يجب علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومجلس الوزراء, باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد إسرائيل, وإجبارها علي أن تدفع تعويضا لكل شهيد, والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون قدر مبلغ تعويض أسر الضحايا الأمريكيين في حادث الطائرة الذي اتهم الرئيس الليبي معمر القذافي بتدبيره بعشرة ملايين دولار عن كل قتيل, والشهيد المصري ليس أقل من المواطن الأمريكي أو الأوربي.