كثيرا ما اتهم جيل الشباب بعدم انتمائه للوطن وعدم المشاركة السياسية وأنه جيل الإنترنت والفيس بوك ويتمني أن يحصل علي فرصة للهجرة للخارج فضلا عن العديد من الدراسات التي أثبتت انتماء نسبة قليلة من الشباب المصري لوطنه مصر ولكن جاء الواقع ليثبت عكس ذلك حينما خرج الآلاف من الشباب في مظاهرات 25 يناير ليطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية أملا في مستقبل أفضل لمصر وأعطي بذلك برهانا دليلا قويا علي انتمائه لوطنه مصر وحبه لها وأنه الشباب الذي حقق ما عجزت عنه أجيال متلاحقة قبلهم وأثبت بالفعل أن لديه الوعي السياسي الكافي وأصبحت هذه الثورة مصدر فخر كل مصري ومصرية في مصر, والتاريخ سيسجل لهؤلاء الشباب ما فعلوه وقدموه لمصر.
وفي هذا التحقيق نعرف آراء الشباب والمحللين السياسيين فيما كان يقال عن عدم انتمائهم لبلدهم لنكتشف كيف جري ما جري:
توضح مريان سعيد 21 عاما أن الشباب أثبت أنه إيجابي ولديه الوعي السياسي الكافي بخروجه في مظاهرات 25 يناير وتحقيق مطالبه وخير مثال علي ذلك وائل غنيم وأضافت أن الشباب الذي لديه وقت فراغ والذي يستخدم التكنولوجيا الحديثة الإنترنتو الفيس بوك لا يعني أنه فقد انتمائه ونسي وطنه.
وأكدت أن دم الشهداء قدم دليلا عمليا وكتب مليون تقرير عن انتماء الشباب المصري لوطنه وهذا أفضل كثيرا من الكلام النظري حيث إنها تري أن الدم يستطيع أن يكتب أفضل من الحبر علي الورق.
يوضح محمد منسي 19 عاما أن الشباب عندما خرجوا بالآلاف في يوم 25 يناير وتصدت له جحافل قوات الأمن المركزي وتحمل ما حدث له يوم جمعة الغضب عندما خرج الجيش خير دليل علي انتماء الشباب المصري لوطنه وأن الشباب المصري ليس تافها كما كان يدعي البعض, وأشار إلي أن الشباب استخدم أدواته من الإنترنت والفيس بوك كأسلحة حتي يستطيع القيام بالثورة, أما عما يقال عن هؤلاء الشباب أنهم مدفوعين بأجندة خارجية يتساءل متعجبا بأي منطق أن يخرج 2 مليون إلي ميدان التحرير بأجندة خارجية؟ وما الدولة السخية أو الفرد السخي الذي يدفع لهؤلاء الشباب ويؤكد أن الدافع الحقيقي وراء خروجهم هو حبهم لهذا الوطن وأنه يقول الآن أنه مصري بكل فخر.
وينقل عن أحد أفراد الشعب أنه قال له ربنا يخليكوا لينا ده المفروض اللي إحنا كنا نعمله من زمان, ويتوقع أن يكون الشباب هو القيادة القادمة في المستقبل ويري أنه من مكاسب هذه الثورة هو احترام رجال الشرطة للشعب المصري.
محمود مكادي 22 عاما من الشباب الذي خرج يوم ثورة الغضب يوضح أن ثورة 25 يناير تعتبر حدثا وهذا لم يكن سهلا علي الشباب حيث وقع شهداء من أصدقائه وحدث إصابات للعديد من الشباب وأكد أن الشباب لم يكن لديه أي مصلحة شخصية من هذه الثورة ولكن كان أمامه هدف واحد هو بلدنا وأننا نتمني أن نري بلدنا في أفضل حال وأفضل دولة في العالم – علي حد قوله – وأكد أن الشعب المصري من أكثر الشعوب انتماءا إلي أوطانهم وهذا ما يؤكده التاريخ المصري علي مر العصور.
وأوضح أن الشباب المصري استخدم بعض الآليات المتاحة بالنسبة له لتحقيق الثورة وهي الإنترنت وبعض مواقع الشبكات الاجتماعية كتويتر والفيس بوك وأنه أول شعب يقوم بتحديد موعد ثورته بنفسه أكد أن الشعب من أول لحظة طالب إسقاط النظام.
ويشير الدكتور شريف حافظ ناشط سياسي ليبرالي مستقل إلي أن الشباب لديه انتماء لوطنه مصر ولكن كان يبحث عن الحافز ليعبر عن انتمائه لوطنه والدليل علي ذلك عندما يجد الشباب هذا الحافز في كرة القدم يعبروا عن مظاهر انتمائهم للوطن وهذا يعتبر إثباتا حقيقيا لحبهم لمصر. وعندما ظهر هذا الحافز بثورة 25 يناير عبروا عن انتمائهم وحبهم بشكل حقيقي.
وأكد أن الشباب واجه الكثير من الإحباطات بسبب الوعود التي كان يقدمها النظام لهم ولكنها لم تكن وعود حقيقية ولم تنفذ وكانت مجرد شعارات, فالشباب يحتاجون إلي شيء حقيقي لكي يعبروا عن وجدانهم وحبهم لمصر.
أما عن الدراسات والأبحاث التي تؤكد ضعف انتماء الشباب لمصر قال حافظ إن هذه الأبحاث نظرت إلي الشباب من الخارج فقط وأنهم لم يروا الشباب من الداخل ومن العمق وأن هذه الأبحاث جاءت من منطق المحلل وليس من منطق الشباب حيث إنه لجيل الشباب ثقافته الخاصة وتطلعاته التي يجب الأخذ بها في أي بحث أو دراسة.
مؤكدا حافظ في النهاية أن الشباب كان ينقصه الحافز وأن يراه المجتمع من الداخل بعمق وأنه أثبت للشعب جميعا أنه يحب وطنه وينتمي إليه.
أشار الدكتور عمرو الشوبكي الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلي أنه من الأساطير التي روجها مبارك ونظام الرئيس مبارك أن الشباب المصري ليس لديه انتماء وأن الشباب غير مهتم بالقضايا المهمة ولكن أثبت الشباب العكس حينما صنع ثورة الغضب ونجح أن يغير الوضع القائم وهذا مؤشر علي أن الشعب المصري لو أعطي الفرصة الملائمة لاختيار حكامه يستطيع أن يصنع المعجزات والدليل علي ذلك نجاح المصريين في الخارج.
وأوضح أن المشكلة كانت تتلخص في وجود منظومة سياسية فاسدة في مصر فأظهرت في الشعب وخصوصا الشباب أسوأ ما فيهم ويؤكد الشوبكي أن الشباب استطاع أن يختار مواقفه ويحسم أموره عندما قام بهذه الثورة وخرج منه أفضل ما في الشعب المصري.
وأكد الشوبكي أن الشباب نجح في أن يحول نشاطه في العالم الافتراضي إلي نجاح حقيقي في العالم الواقعي باستخدام أدواته من الفيس بوك والإنترنت مما يمثل تحديا في هذه الفترة وبالتالي لم يكن هناك انفصال بين العالم الواقعي والافتراضي.