من بين أبرز مطالب شباب ثورة 25 يناير رفع الحد الأدني للأجور والقضاء علي البطالة.. فحلم كل شاب أن يعيش حياة نزيهة ويأخذ حقه (مثل أي شاب في العالم) علي قدر تعبه وساعات عمله ولا يحس بالطبقية والظلم ومرت الشهور.. ولم تتخذ الحكومة أي خطوة عملية جادة للتعامل مع تلك المطالب العادلة, ولمعرفة تفاصيل وأحداث القضية علي لسان الشباب والمحللين كان لنا هذا التحقيق.
يوضح أحمد عبدربه عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة أنه من أسباب خروجنا للتحرير المطالبة برفع الحد الأدني للأجور ولم تكن الثورة أولي تحركاتنا نحو ذلك المطلب بل قمنا في بداية 2009 بتقديم طلب لمجلس الوزراء ومراكز حقوق الإنسان العالمية والشبكة العربية لحقوق الإنسان لرفع مستوي الأجور للشباب المصري إلي 1200 جنيه ورفضت حكومة نظيف الطلب فتقدمنا للقضاء والذي أصدر حكما قضائيا ينص علي أن الحد الأدني للأجور يجب أن يصل لـ1200 جنيه شهريا ولكن حكومة نظيف رفضت الحكم وطعنت فيه. وفي نهاية 2010 رفض طعن الحكومة السابقة وتأكد الحكم ولم تتخذ حكومة د. نظيف أي خطوة لتنفيذ الحكم.. ومع تفجر ثورة 25 يناير عادت الجماهير للتأكيد علي هذا المطلب.
يكمل أحمد عبدربه أن رفع الأجر حق اجتماعي وإنساني تقدمه كل الدول وفقا لساعات العمل ونوع العمل وبناء عليه لم يتم تحديد ذلك في المجتمع المصري رغم شهادة كل منظمات حقوق الإنسان بأن الشاب المصري يتقاضي أجرا لا يتناسب مع ساعات العمل وهناك فجوة كبيرة في الأجور, فالمالية تطلب أن يكون الحد الأدني للأجور 700 جنيها شهريا والأقصي 25 ألف جنيه فهل يعقل ذلك..!
يقول جورجي ظريف أحد المتضررين من تدني الحد الأدني للأجور في عمله كمدرس ابتدائي: إن المرتب لا يكفي احتياجاتي ومتطلباتي. فهو يعمل بمجال التعليم منذ أكثر من 8 سنوات فكيف سأكون نفسي وأتزوج وأعول أسرة؟. لقد وصلنا لمرحلة الاكتئاب من الحياة والحكومة, فإلي متي سيستمر ذلك الوضع؟ لابد أن تتخذ الحكومة قرارا سريعا لشبابها الذين هم أساس عجلة الإنتاج لبناء الوطن.
وعن رد فعل شركات القطاع الخاص حول رفع الحد الأدني للأجور تعترض ماجدة عزيز موظفة بإحدي مستشفيات القطاع الاستثماري علي رفع الحد الأدني للأجور لأن الموظف الجديد سيتساوي مع الموظف القديم, خاصة زيادة المرتبات يعمل علي زيادة الضرائب مما يجعل كثير من شركات القطاع الخاص تقوم بتسريح العمالة وتزيد البطالة وتعرض كثير من الأسر المصرية للضياع.
يضيف د. حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس جمعية الاقتصاد والتشريع أن الشركات بالقطاع العام تحتاج لإحلال الجيل القديم وتجديده بالجيل الجديد فهناك عدد لا حصر له من الموظفين عبروا سن الـ50 والـ60 لا دور لهم بل يشغلون مهنة مستشارين ويمكن الاستغناء عن كثير من هؤلاء المستشارين وإحلال وتوفير فرص عمل مكانهم لشباب منتج.
يتساءل د. حمدي عن سبب تباطؤ الحكومة في اتخاذ قرار واضح في تلك القضية, ويضيف: المجلس القومي للأجور دوره غير واضح في تأكيد ضرورة تنفيذ هذه الخطوات. ويطالب د. حمدي بالإسراع بدراسات الحد الأقصي للأجور والحد الأدني للأجور وتحديده للحكومة والقطاع الخاص وتوافق الدخل مع ساعات العمل ومستوي المعيشة من خلال المجلس الأعلي للأجور.
الجدير بالذكر أن هناك تناقضا بالقطاع الخاص للموافقة علي تحديد الحد الأدني للأجور فهناك من يريدونه وآخرون يرفضونه بسبب التأمينات والمعاشات مما يمثل عبئا علي صاحب الشركة, فإما سيطرد عمال ويقلل العمالة أو يرفع أسعار المنتجات بالأسواق.
ومن جهتها قدمت وزارة المالية ملامح الموازنة العامة للعام المالي 2011م- 2012م تتضمنها لعدد من عناصر الحماية الاجتماعية المهمة الموجهة للعاملين بالحكومة حيث بلغت جملة مخصصات الأجور حوالي 118مليار جنيه بزيادة 22% عن المتوقع خلال العام المالي الحالي وشملت هذه المخصصات تكلفة العلاوة الخاصة بنسبة 15% للعاملين بأجهزة الدولة بتكلفة إجمالية بلغت 3 مليار جنيه وتم إقرار رفع أقل نسبة للأجر المتغير للعاملين بشكل غير مسبوق من 75% إلي 200% مما يصل المرتب لموظف الدرجة السادسة إلي 684 جنيها ويستفيد من ها الإجراء حوالي 2 مليون موظف من العاملين بالدولة بإجمالي تكلفة تبلغ 9 مليار جنيه سنويا.
يوضح د. جمال شحاتة أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان أن الحد الأدني للأجور بدون تحديد رقم معين بحيث تغطي الاحتياجات الأساسية للشباب وبالتالي ننظر في ضوء مستويات الأسعار القائمة وبناء عليه نحدد الرقم.
يشير د. جمال إلي أن المرتب قد لا يقل عن 5000 جنيه (من حيث حساب الاحتياجات الأساسية) مؤكدا أنه من الصعب علي الشباب أن يغطي احتياجاته بمرتب 400 جنيه, خاصة أن مرتبات الشباب تتضارب مع الأسعار وارتفاعها مما يدفعهم للجريمة والرشوي وأحيانا الانتحار.