توالي نشر وقائع الفساد التي تمس غالبية المسئولين السياسيين, وما اصطلح علي تسميتهم بالرموز السياسية (وهو بالمناسبة مصطلح فاسد) يجعلنا نعتقد أن الحكومتين السابقتين علي الأقل, برئاسة كل من عاطف عبيد وأحمد نظيف كانتا من أولوياتهما نهب المال العام. مليارات يعلن عن نهبها كل يوم, وفي النهاية الشعب يعاني شظف العيش, ونحو نصفه يعيش في الفقر, وغالبيتهم تحت خط الفقر, وتآكلت الطبقة الوسطي إلي الحد الذي جعل المهنيين من أبناء الطبقة الوسطي ينضمون إلي صفوت الفقراء الجدد.
يعني هذا أن مشروع توريث جمال مبارك لحكم مصر كان مشروعا أسريا لآل مبارك ليس فقط للتغطية علي أكبر عملية نهب لمصر الحديثة, ولكن أيضا لمواصلة نهب مصر, ربما بقدر أكبر من الاستئساد والتبجح. من هنا فإن مسئولية أخلاقية تقع علي كاهل كل من أعلن صراحة تأييد التوريث, ووصول جمال مبارك إلي الحكم تدفعهم علنا إلي اعتذارهم للمجتمع لوقوعهم في غفلة, وكثير منهم فعلها نفاقا, وبحثا عن مساحةعلي مقاسه للحصول علي نصيب من كعكة النهب, وبعضهم فعلها لأنه اعتقد في قرارة نفسه أن جمال مبارك القادم لا محالة. وللأسف كان منهم بعض القيادات المسيحية التي تصورت أن ذلك قد يضمن وضعا أفضل للمسيحيين في حين أن كل الشواهد تؤكد أن نظام مبارك شجع الطائفية, ومارس جهازه الأمني أسوأ صور الترصد للأقباط علي مدار عقود, بدءا من تشجيع الدهماء والعوام علي مهاجمة الأقباط في أرواحهم وممتلكاتهم, وانتهاء بالتستر وعدم معاقبة المجرمين. هذا فضلا عن استبعاد الأقباط من كافة المواقع القيادية سواء في المؤسسات السياسية أو الأمنية أو العلمية الجامعية.
من حسن الحظ أن الشعب المصري لديه مخزون من الوطنية الحقيقة,ولم يستسلم لدعاوي الطائفية, وخرج المجتمع من ثورة 25 يناير أكثر مناعة, وحرصا علي وحدته وتماسكه.