هناك تيار متصاعد في السينما حاليا يطلق عليه ##السينما الواقعية##, التي تتناول المشاهد, والأحداث, والتطورات التي يموج بها قاع المجتمع من عنف, وجريمة, ودعارة, فساد …إلخ. من أبرز هذه الأفلام ##حين ميسرة##, ##هي فوضي##, ##عمارة يعقوبيان##, ##تيتو##, ##الريس عمر حرب## وغيرها. ليس لها منتج واحد, أو مخرج واحد, أو مؤلف واحد, بل أن هناك تصاعدا في هذه النوعية من الأعمال السينمائية. من محاسن هذه الحالة تراجع الأفلام السينمائية الكوميدية التي تصل إلي حد التفاهة, والتي شغلت اهتمام المشاهدين, واحتلت إيراداتها أرقاما عالية.
الموجة الصاعدة من الأفلام الواقعية تصادف نقدا حادا, بعضها فني لا مجال له الآن, ولكن كثيرا منها سياسي مرده الأساسي أن هذه الأفلام تقدم صورة قاتمة وقاسية للمجتمع المصري, تشيع مناخا من اليأس والإحباط. وفي أحيان كثيرة يقال إن الصورة ليست هكذا علي مستوي التفاعلات التي تجري في قاع المجتمع. هذا النقد له وجاهته, لكنه يعبر عن رغبة في رؤية السينما من منظور سياسي مختلف. من يردد هذا الرأي يريد أن يري السينما تلعب إما دورا ترفيهيا تافها, أو سياسيا دعائيا لصالح الحكم, لا يتطرق إلي المشكلات الحقيقية في المجتمع.
هذه النظرة باختصار تروج لحالة مجتمع يخشي الفضيحة ولا يخشي الرذيلة بمعني الرغبة في إخفاء الأخطاء والخطايا بدلا من مناقشتها. فما تتناوله هذه السينما من مشاهد عنف وفساد وجريمة ما هو إلا انعكاس للواقع الذي نراه في بعض الأحيان, ويراه البعض في كل الأحيان نظرا لاحتكاكهم اليومي به. والدليل علي ذلك أن الجمهور يربط بين الشخوص في هذه الأفلام السينمائية وبين أشخاص بعينهم في الحياة السياسية. ومشاهد الجريمة والدعارة في العشوائيات هي تأكيد لبحوث اجتماعية موثقة, وحكايات الفساد نعرفها, ونلمسها, ولا أحد يجادل فيها.
السينما الواقعية, مثلما يطلقون عليها, هي رئة مهمة يتنفس منها الجمهور, ويري الواقع مهلهلا أمام أعينهم. ولماذا ننتقد ذلك, ونري فيه كل السلبية, ولماذا لا نري فيه دافعا لتغيير الواقع, ورؤية مثالب المجتمع عارية, يمكن تسليط الضوء عليها, واصطيادها للتخلص منها. وقد استطاع بعض المنتجين والمخرجين تحقيق ذلك رغم القيود الرقابية القاسية.