هناك نبوءات محققة لذاتها,وأخري هادمة لذاتها.ماركس تنبأ أن النظام الرأسمالي سوف ينهار فانتبه الرأسماليون إلي العلل التي تعترض الرأسمالية,أصلحوا من ذواتهم,وهكذا كانت النبوءة هادمة لذاتها,أي ظهرت كي لا تتحقق.وفي المقابل هناك نبوءات تطلق كي تتحقق,أحدها أن ثقافة الحذاء سوف تسود واقعنا,أشار إليها كتاب عديدون,وأشعر بالأسي بأن أكون أحدهم,لأنني تنبأت منذ أكثر من عامين أن ثقافة الحذاء سوف تسود في الحياة السياسية المصرية.ليس هناك سبب لتكرار تاريخ معارك الحذاء في الحياة السياسية سواء كانت معارك مباشرة,تتعارك فيها الأحذية,أو معارك كلامية يهدد فيها طرف منافسه بالحذاء.آخر مشاهد الحذاء كانت في مجلس الشعب.تشاجر النواب,وتحول الحذاء إلي بديل عن الحوار.نسمع عن معارك بين الموالاة والمعارضة في كل برلمانات الدنيا,ويحدث أحيانا تشابك بالأيدي,وتلاسن بالكلمات حتي في أعتي الديموقراطيات,ولكن هناك ابتكار مصري جديد للتعبير عن الاختلاف هو##الحذاء##.وهنا يتندر الكتاب,ومن بينهم الصديق العزيز حمدي رزق في عموده##فصل الخطاب##بالمصري اليوم حول##مقاس الحذاء##,ومن الطبيعي أن يتباري السياسيون بين الأحذية مقاسا وماركة,فالحذاء مرتفع الثمن مقامه رأس غاليةأما الحذاء منخفض الثمن فيلقي علي أي صعلوك في الحياة السياسية.المهم هو المبدأ أي حسم الخلاف بالحذاء.وكأن المطلوب أن يخلع نواب الشعب أحذيتهم علي باب قاعة الاجتماعات,لأنها تحولت إلي أسلحة قد تحتاج في المستقبل إلي ترخيص.
لا أري فرقا حقيقيا بين نائب الحزب الوطني الذي اتهم نواب الإخوان المسلمين بالعمالة,ونائب الإخوان المسلمين الذي رفع الحذاء.يجب أن يخضع كلاهما للتأديب.فلا مجال في برلمان عصري أن تتهم الأغلبية البرلمانية المعارضة بالعمالة.ولا من حسن التصرف أو اللياقة أو حتي الأدب السياسي أن يرد الطرف الآخر بالحذاء.من هنا لا أفهم أن يشطب رئيس مجلس الشعب الاتهام الأول أي العمالة من المضبطة,وبهذا يعفي نائب الوطني من عاقبة سوء القول,ويحول نائب الإخوان إلي لجنة القيم عقابا له علي سوء التصرف.هذا كيل بمكيالين.وحياة برلمانية تدعو للاكتئاب!